مثول المجرم بن بطوش أمام المحكمة.. القاضي الإسباني يجنح إلى اتخاذ قرار سياسي
الكاتب :
"الغد 24"
محمد نجيب كومينة
القاضي الإسباني بالمحكمة الوطنية العليا سانتياغو بيدراز اتخذ، اليوم الثلاثاء فاتح يونيو 2021، قرارا سياسيا بعدم وضع بن بطوش رهن الاعتقال الاحتياطي وبعدم اتخاذ إجراءات تحفظية، بعد مثول المجرم أمامه افتراضيا بواسطة تقنية "الفيزيوكونفرونس". القاضي لم يجد في شكايات الضحايا ودفوعات دفاعهم ما يثبت، لحد الآن، التهم الموجهة لبن بطوش بالاغتصاب والتعذيب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والمتهم لم يسعَ، بحسبه، إلى الهروب من العدالة.
القرار القضائي يخدم القرار السياسي كما هو واضح، ويرفع الحرج عن الحكومة الإسبانية وديبلوماسيتها، التي نسّقت مع جنرالات الجزائر دخوله إلى التراب الإسباني، بهوية مزورة وأوراق مزورة، في سياق تنسيق أوسع ضد المغرب ووحدته الترابية ومصالحه الاستراتيجية بات اليوم مكشوفا...
القرار كان متوقعا، لأن تبعات قرار مغاير ستكون كبيرة، لكنه لابد من تسجيل أن المعركة التي خاضها المغرب، منذ الكشف عن التزوير والتآمر، الذي دخلت فيه الديبلوماسية الإسبانية، قد حقق عددا من الأهداف، بحيث جعل الطبقة السياسية، والرأي العام الإسباني، يخوضان في نقاش مهم حول العلاقة الاستراتيجية مع الجار والشريك المغربي بشكل غير مسبوق، وجعل النوايا الخبيثة ذات الجذر الاستعماري تنكشف، وأعاد إلى الواجهة، عالميا، مسألة استمرار احتلال إسبانيا لسبتة ومليلية المغربيتين والجزر المتوسطية، التي تتبع للتراب المغربي، وقام في نفس الوقت بإفشال وفضح ما كان يسعى إليه نظام الجنرالات الفاشل المسلط على الشعب الجزائري الشقيق، إذ لا يمكن للحكومة الإسبانية أن تستمر في التآمر مع أعداء وحدتنا الترابية بنفس الطرق والتوجهات، ولن تستطيع أن تدخل الاتحاد الأوروبي في هذا التآمر الذي ينسف الشراكة المغربية الأوروبية لو تأتّى له بلوغ أهدافه.
يمكن للمجرم الآن أن يعود للخدمة لدى شنقريحة وقايدي، وربما للتجسس عليهم لفائدة المخابرات الإسبانية، إذ انكشفت علاقته القديمة بها، ولكن هذه التجربة كانت درسا له ولغيره، وأعطت للمغرب فرصة للتعريف بقضاياه وحقوقه ومواقفه غير القابلة لأي تراجع. والمعركة مستمرة والمغرب في صحرائه يبنيها وينمّيها واثقا في المستقبل وفي عدالة قضيته. والبلاغ الصادر عن وزارة الخارجية المغربية، أمس الاثنين 31 ماي 2021، يضع النقط على الحروف بدقة متناهية، ويحمّل إسبانيا مسؤوليتها في حال ما إذا كانت راغبة في عودة المياه إلى مجاريها وتأكيد حرصها على العلاقة الاستراتيجية مع المغرب التي تتحدث عنها والتي أخلّت بها في سلوكها الديبلوماسي في المدة الأخيرة باستقبالها لبن بطوش وبممارسات ومواقف أخرى غير حبية وبعيدة عن منطق الجوار والصداقة والتعاون...