الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
غلاف الكتاب

قريبا في الأكشاك.. تحفة جميلة في صنف "التخييل الذاتي" لعبد القادر الشاوي بعنوان "التيهاء"

 
يعزز الكاتب والروائي والناقد المغربي عبد القادر الشاوي، قريبا، الخزانة الثقافية والأدبية العربية، بكتاب جديد، يحمل عنوان "التيهاء"، وهو من منشورات دار الفِنك بالدارالبيضاء، وجاء في حلة أنيقة من 290 صفحة تقريبا، من القطع المتوسط.
 
ليس غريبا أن يختار الكاتب والمبدع المشاغب هذا العنوان الغرائبي "التيهاء"، ولا غريبا جنس الكتاب أيضا، مادام صاحبه، قد صنفه في ما أسماه بـ"التخييل الذاتي"، الذي أضحى "صناعة" أدبية قائمة الذات، مطبوعة بنكهة "شاوية"، تمزج بين التأريخ والذاكرة والسيرة الذاتية والغيرية، لأن الغريب هو أن يكون الكِتاب خلاف ذلك، وأن يركن الكاتب للموتور المتواتر والمألوف، وذلك ما لا يمكن أن يكونه عبد القادر الشاوي، إنه صانع هذه العلاقة العجيبة، تناغما وتنافرا، بين الكاتب والكتابة، في التخييل الذاتي.
 
في كتاب "التيهاء"، تتدفق اللغة المُشبعة بالدلالات، والحبلى بالمُتخيل الذي يحفز الفكر على التمرد، كشلال، يندفع محملا بالصور، وينتهي بالحفر في المتخيل المفتوح على التأويل.. ولأن اللغة، بكل تفاريعها ولمساتها البيانية، والمطواعة لعبد القادر الشاوي، فإنها تبدو، هنا، في "التيهاء"، بهية جميلة وحتى مغناجة، يناورها الكاتب وتناوره، في مقاربة كائنات الكتاب أو الأحرى شخوصه، خاصة وأنه عبارة عن مذكرات مثقلة بالتجارب والشخوص والأمكنة والانتصارات والكبوات، مما يغري بالغوص في أعماق هذا الزخم "التخييلي".
 
هنا، في "التيهاء"، يستعرض المبدع عبد القادر الشاوي كثيرا من الوقائع والأشخاص في سياقات مختلفة، هي ما يسميها عادة بـ"التخييل الذاتي"، لأن هذا الجنس الأدبي، كما يتصوره عبد القادر الشاوي، يوهم القارئ، والكاتب أيضا، بأنه يسرد ذكريات أو وقائع عن تصورات وعلاقات وأحداث عيشت في فترات زمنية مختلفة، ولكنها قد لا تكون عيشت بنفس القدر من الدقة أو الوضوح المفترضين بالنسبة للكاتب وللقارئ معا.
 
وبلغته الرشيقة، والأخاذة، يكتب عبد القادر الشاوي على ظهر الغلاف الأخير من الكتاب:
 
دليلي في هذا الكتاب مَكْشُوف: أعْنِي أنَّنِي كتَبْتُ ما كَتَبْت بدون تخطيط ولا ترتيب، ولم أكنْ أمام أسْبَقِيَّاتٍ تدعوني إلى الاختيار. دوافعِي غَامِضَة تماما، وأدْرِكُ أنَّ القارئ لَنْ يَلُومَنِي إذا ما قلتُ له تَخْصِيصاً: إنَّنِي كتَبْتُ ما كَتَبْت حِكَايَة لِنَفْسِي وَسَرْداً لِعُزْلَتِهَا في الكتابة. ولهذا وجدتُ نفسي في آخر الصَّفَحَات على اقْتِنَاعٍ تام بِمَا كان يَجِبُ أنْ يَكُون في أوَّلِ الصَّفَحَات-المُقَدِّمَة التي لم تُكْتَبْ أصْلا. مَفَادُ هذا الاقْتِنَاع، وَأَنَا أنْقُلَهُ عن Manuel Alberca (هذا أنَا ولسْتُ أنَا، أشْبِهُنِي ولكِنَّنِي لستُ أنَا، لَكِنْ حَذَارِ فَقَدْ أكُونُ أنَا).
 
كتاب "التيهاء" (2021) يمكن اعتباره جزءا ثالثا مما نشره عبد القادر الشاوي في السابق بعنوان "دليل العنفوان" (1989) و"دليل المدى" (2003).
 
يذكر أن الكاتب والروائي والناقد والديبلوماسي والمعتقل السياسي السابق عبد القادر الشاوي من مواليد سنة 1950 بباب تازة (إقليم شفشاون)، صدرت له مئات المقالات منذ سنة 1968، في العديد من الجرائد والمجلات، فضلا عن الكتب، التي شملت مجالات فكرية وسياسية، إضافة إلى النقد الأدبي والإبداع الروائي، من إصداراته: سلطة الواقعية (1981)، النص العضوي (1982)، السلفية والوطنية (1985)، كان وأخواتها (1986)، دليل العنفوان (1989)، باب تازة (1994)، الساحة الشرفية (1999)، دليل المدى (2003)، من قال أنا؟ تخييل ذاتي (2006)، كتاب الذاكرة (2015)، بستان السيدة (2018)، مرابع السلوان (2020)...