الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

كوكاس.. الإعلامي الذي يحملك بالأدب في "أحلام غير منتهية الصلاحية" إلى التفقّه في غياهب السياسة

 
حسن عين الحياة
 
مرة أخرى، يفاجئنا الكاتب والإعلامي المغربي عبد العزيز كوكاس، بإصدار جديد، تحت عنوان "أحلام غير منتهية الصلاحية... في وصف حالنا".
 
 
الكتاب يتضمن سلسلة مقالات في التحليل السياسي- الصحفي، ويرسم مسار مرحلة ملتهبة من الزمن المغربي المعاصر، مع نهاية قرن وبداية آخر جديد، معظمها كان عبارة عن افتتاحيات في عدد من الأسبوعيات التي تحمل فيها الكاتب رئاسة التحرير أو إدارة جريدة، وهي الافتتاحيات التي كانت ترصد، بعين متفحصة مطبات العمل السياسي في المغرب، وترتفع بالنقد إلى ما فوق التعبير عن أحلام جيل مغربي، كان يتطلع لغد أفضل، تسير فيه عجلة التنمية بالموازاة مع عجلات الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية.
 
وأنت تقرأ الكتاب، ستلمس في مقالات الزميل كوكاس، أنها تبدأ دائما بمقولة لشاعر أو أديب أو فيلسوف أو طبيب أو عالم فضاء وهلم جرا من الشخصيات التي تقطر بالحكمة.. وبالتالي، وأنت تغوص في مقالاته، تجد نفسك داخل عوالم متكاملة، من المتعة و"التفقه" في أبجديات العمل السياسي، بحسناته وسيئاته وحتى "تحرامياته"، لكن بأسلوب أدبي وإبداعي رفيعين، تحملك فيه الإستعارات المقصودة، إلى الإسقاط المفتوح على التأويل. وهذا استدراج مقصود أيضا في كتابات الزميل كوكاس، حيت تجد المقالات التي يتضمنها الكتاب، سياسية، منقوعة بحس أدبي وإبداعي، وأخرى أدبية إبداعية بنفس سياسي، مما وسم افتاحياته بطابع خاص يحتفظ له بالفَرادة ضمن الافتتاحيات السائدة في الجرائد الأخرى.
 
بالنسبة للكاتب الكبير عبد القادر الشاوي، فإن كوكاس "لا يسابق الأحداث، بل يتعقبها بالتحليل، وإذا استشهد بالأقوال الدالة فهو لا يفعل ذلك إلا ليؤكد رأيا استنتجه من خلال البحث... ثم يتجلى في كتابة هادئة تحتفل بالمعنى أكثر من احتفالها بالعرض، وبالسياق في محتواه أقوى من اهتمامها بالمواقف في ظرفيتها".
 
في تقديم الجزء الأول من كتابه الجديد "أحلام غير منتهية الصلاحية... في وصف حالنا"، الصادر ضمن "منشورات النورس"، والذي أهداه إلى قرائه الذين قال إنه تقاسم معهم "الحلم وأشباهه"، كتب كوكاس: "لقد قدر لي الانتساب إلى صحف النقمة بدل النعمة، لذلك حملت هذه الكتابات بصمة هذا الاتجاه الذي لم يكن أبدا اختيارا بل التزاما صحفيا وأخلاقيا يعانق أحلام جيل متوثب، متحفز، تراوده أحلام الحرية والعدالة والديمقراطية والتقدم عن نفسه".

لقد كانت كتابات الزميل عبد العزيز كوكاس، عبر مسار 25 سنة من ممارسته مهنة الصحافة، في مرحلة دقيقة، ناطقة باسم لسان جيل راودته الأحلام عن نفسه..
 
وهل هناك أحلام منتهية الصلاحية وأخرى انتهت صلاحيتها؟ إن أحلام التقدم والتنمية والديمقراطية... هي أحلام غير منتهية الصلاحية وتظل وقود أجيال تواقة لتحقيق الأفضل في مغرب يبدو أحيانا كما لو أن هناك قوى ممانعة، تعاند طموحات أجيال في تحقيق التقدم والتنمية وعدم الاكتفاء بمغازلة الديمقراطية من الشرفات.. هو ذا ما ظل دوما الكاتب والإعلامي عبد العزيز كوكاس يعالجه في كافة مقالاته الصحفية.. حتى إنه لم يخن أحلامه حين كان يشم كتاباته باسم مستعار، نال به شهرة واسعة هو "أبو أحلام"، حيث نجح في نحت لغة إعلامية متميزة، تقع على الحدود بين الأدب والصحافة.
 
في شهادته حول الكتاب والكاتب، يقول السياسي المحنك محمد الساسي ضمن شهادات أخرى للراحل عبد الجبار السحيمي والمبدع عبد القادر الشاوي والناقدة زهرة العسلي، والتي وردت في مفتتح الكتاب: "عبد العزيز كوكاس مبدع قبل أن يكون صحافيا، وظل يمارس الكتابة الصحافية بنفس إبداعي.. إنه قلم جيد، صحافي ذكي، مرح، سديد، لمّاح، منصت ومتتبع جيد لما يحدث، وملم بكل تفاصيل الحياة السياسية، حاضر باستمرار بكتاباته، وتحليلاته الصحافية العميقة ظلت سندا للسياسيين في فهم مجريات الحياة السياسية.. عندما تقرأ كتابات الأستاذ كوكاس الصحافية تحس أنها تجمع ما بين الإشراق الإبداعي والمتابعة الدقيقة للأخبار وتحليل الوقائع".

من جهتها، كتبت زهرة العسلي أن كوكاس "مشاكس دوما"، وأن "كتاباته الصحفية تقيم على حافة فخاخ الخطر، إذ ظل ينتصر لقيم الحرية والديمقراطية"، فيما "زاوج في كتاباته الصحفية بين المتعة والفائدة في آن".

وفضلا عن شهادات السحيمي والساسي والشاوي والعسلي، وتقديم الكاتب لكتابه الجديد، نكون في "أحلام غير منتهية الصلاحية" في صحبة 50 مقالا، تحت عناوين كثيرة، تشكل ما يشبه "التأريخ" لمراحل زمنية معينة في العمر السياسي المغربي.