الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

في رثاء أمّي فاطمة.. الموت القاسي يغيّب والدة الكاتب والإعلامي عبد العزيز كوكاس


رزئ صديق موقع "الغد 24"، الكاتب والإعلامي المتميز والمبدع عبد العزيز كوكاس، يوم الأربعاء 25 ماي 2022، في وفاة والدته الفاضلة "امي فاطمة".. وبهذه المناسبة الأليمة، تتقدّم أسرة تحرير "الغد 24" بأحر التعازي في وفاة الفقيدة "امّي فاطمة"، وأعمق المواساة للصديق العزيز عبد العزيز كوكاس ولكافة أفراد عائلته الكريمة، مع كل التمنيات أن تتبدّل محبتها بالصبر والسلوان على رحيلها، الذي ترك غيابا قاسيا وحارقا، عبّر عنه العزيز عبد العزيز بكلمات تفيض بيُتمٍ مفجع، آثرنا أن ننشره، هنا، وأن نُشرك قراءنا الأعزاء في بعضٍ من حزن صديقنا وزميلنا وبعض من العزاء...

عبد العزيز كوكاس
 
في موضوع الموت، الأفضل أن نثير الرغبة لا الشفقة. ذلك كما أكد بطل "الحزن العميق" لجان بول سارتر: "إنني أقرر أن الموت كان المعنى السري لحياتي وإنني عشت لأموت، إنني أموت لأشهد بأن من المستحيل أن يعيش الإنسان". جوهر الموت ليس هو الرحيل ونهاية الأجل، فنحن نبدأ في الاقتراب من الموت ساعة نولد، لكن المفجع هو الفقد والحزن المرافق له، أي موت الموت الذي هو موجع، حيث الدموع لا تنفس الأحزان بل تزيد من شدتها..

كان شكسبير يقول إن من نحبهم ليسوا من يبهجنا حضورهم، بل من نحس باليُتم والألم في غيابهم، هو ذا ما أحسه اليوم برحيل أمي، بهذا الغياب الحارق أننا لن نسمع حكيها بعد اليوم، ولا حتى أنينها الذي نشتهيه، ولا حتى عتابها كلما أطلْتُ الغياب عنها، بدل الصمت، وهذا الخواء من حولي.. ما معنى أن لا يبقى لك ممن تحب سوى حزمة من حكايات ورائحة من الحنين والوجع والذكريات؟

يلزمني مدى وأفق واسع بشساعة حلمها وإيمانها لأكتب عن أمي فاطمة باللغة التي تنجح في قولها، لغة الحب والعقل، لغة شفيفة تحاكي خفة وزن جسدها في العالم وثقله في المعنى والوجود.. أفهم الآن عمق السؤال الذي وضعه الهادي بطل "لعبة النسيان" في اجتماع حزبي في لحظة تاريخية حاسمة: "هل تعرفون أمي؟"، وهو يقصد للا الغالية التي أحس بفقدها قبل الحزب والطبقة والثورة وباقي الخيبات.. كيف تغيب أمي فاطمة في لحْدٍ صغير بمساحة شبر، وهي التي قلبها وحده كان يتسع لله سبحانه تعالى وملائكته وكتبه وأنبيائه وسماواته وأرضه وبحوره السبع وأناشيده ولنا نحن الأبناء والأحفاد وأبناء الأحفاد وكل العالمين؟

موجع هو هذا الغياب القاسي، حارق هو هذا الفقد، الذي لم نكن على استعداد جماعي لتقبله وحضوره بيننا، في رمشة عين كما لم تكوني مبهجة الحضور..