حماية للجمهور الناشئ.. التنشيط الإعلامي في المغرب مُطالب بمواكبة الثورة الرقمية
الكاتب :
"الغد 24"
دعا مشاركون في ندوة حول "التنشيط الإعلامي والرقمي بالمغرب.. التحدي والرهان" بالمعهد الملكي لتكوين الأطر التابع لوزارة الثقافة والشباب بالرباط إلى ضرورة مواكبة المنظومة الإعلامية لمستجدات الثورة التكنولوجية بما يضمن الاستفادة الفضلى من هذه التحولات الرقمية وبما يضمن حماية الجمهور الناشئ من أطفال وشباب، ولتفادي ما يمكن أن ينجم عن هذه المتغيرات التقنية من آثار سلبية قد تؤثر على نموهم النفسي وتنشئتهم الاجتماعية.
وشدد المتدخلون في هذه الندوة التي نظمها طلبة السنة الثانية من ماستر تخصص التربية والتنشيط في مجال الطفولة، يوم الأربعاء 17 مارس 2021، بمقر المعهد بحي اليوسفية بالرباط، وجرت حضوريا وعن بعد، في إطار التدابير الاحترازية لفيروس كورونا، (شددوا) على اعتماد استراتيجيات واضحة بمقاربة تشاركية، تساهم في إعدادها ومواكبتها المؤسسات الإعلامية وهيئات المجتمع المدني المختصة في المجال التربوي والثقافي والحقوقي والمعنية أساسا بميدان التنشيط الإعلامي والرقمي، وذلك اعتمادا على منهجية واضحة المعالم.
كما أكد المشاركون في هذه الندوة التي أدارتها وأطرتها الطالبة الباحثة سليمة عبد الرحماني على ضرورة الارتقاء بمستوى ببرامج التنشيط والترفيه في وسائل الإعلام العمومية والخاصة، محذرين من مغبة التأثيرات السلبية لبعض البرامج الاستهلاكية التي تتخذ فضاء لها وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة على تنشئة الأطفال والشباب، وهو ما يقتضى العمل على استثمار وسائل الإعلام الرقمي لتطوير المحتوى والبرامج التربوية في مجال التنشيط، وذلك وفق سياسة التقائية مندمجة تستند على رؤية استراتيجية وبرامج علمية محددة.
وتناول المتدخلون في العروض التي قدمها كلا من إسماعيل العصادي وحمزة حافظي عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) والإعلامي عبد العزيز كوكاس، والفاعل الجمعوي عبد الرزاق الحنوشي، الأهمية الخاصة التي أضحت تضطلع بها وسائل العلام والاتصال في المرحلة الراهنة خاصة في ظل جائحة كوفيد19 المستجد، التي وإن كانت لها تداعيا سلبية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، فإنها بالمقابل أعادت الاعتبار للدور الحاسم لوسائط الاتصال خلال هذه الجائحة.
فتحت عنوان " أي استراتيجيات إعلامية للجمعيات" قدم عبدالرزاق الحنوشي معطيات إحصائية مدققة حول النسيج الجمعوي بالمغرب وتوقف عند المعيقات الذاتية والموضوعية التي يواجها المجتمع المدني مركزيا وجهويا سواء على المستوى التشريعي وما يعانيه من ضعف في آليات الدعم وموارد التمويل، داعيا إلى ضرورة تحديث الترسانة القانونية للعمل الجمعوي مع إيلاء أهمية خاصة لوضع استراتيجيات في ميدان التنشيط الإعلامي والرقمي، لاستثمارها بشكل أمثل مع الاستفادة من الإمكانيات التي أضحت توفرها وسائط الاتصال لاسيما في ميدان الترافع عن قضايا الطفولة والشباب.
أما الإعلامي عبد العزيز كوكاس فاستهل مداخلته بعنوان "التنشيط الإعلامي والرقمي والفن السابع" بتحديد مفاهيمي للتنشيط، وذلك ارتباطا بالأهمية التي يكتسيها الإعلام خاصة الرقمي، وذلك في ظل جائحة كورونا التي "عجلت باندحار" الصحافة الورقية" وكشفت بالمقابل عن "غياب واضح لرؤية إعلامية استباقية لتدبير الأزمات"، وهو ما سرع من وثيرة اللجوء المكثف لمختلف الفاعلين إلى وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الرقمية، منوها في هذا الصدد ببعض النجاحات الإعلامية الفردية خاصة بالإعلام العمومي والتي كانت لها مساهمات فعالة في التواصل مع الجمهور حول الجائحة والالتزام بالتدابير والإجراءات للحد من تداعياتها على المستوى الوطني والمحلي، فضلا عن أن ذلك مكن من تجاوز جانب القصور الحاصل في تدبير وتعامل وسائل الإعلام مع الجائحة.
ومن جهة أخرى دعا كوكاس إلى تفادى ما وصفه بـ" المقاربة الضبطية" في المجال الرقمي التي أبانت عن عدم نجاعتها في الحد من الاكتساح الواسع للإعلام الرقمي، مع العمل على تأهيل العنصر البشري، بشكل يأخذ بعين الاعتبار مستجدات الثورة الرقمية، بالتزام بشرط أخلاقيات المهنة وقيم المواطنة.
ومن جانبه استعرض إسماعيل العصادي، في بداية مداخلته حول "حماية الجمهور الناشئ في السمعي البصري" مراحل تأسيس (الهاكا) واختصاصاتها ومجالات اشتغالها مركزا على دور الهيئة في حماية الأطفال والشباب، اعتمادا على مقتضيات قانون السمعي البصري الذي يحدد المبادئ العامة والقواعد المتعلقة بحماية هذه الفئة العمرية في وسائل الإعلام السمعية البصرية والحفاظ على سلامتهم الجسدية والذهنية والنفسية من المخاطر التي قد تروج لها بعض وسائط الاتصال والإعلام كالعنف والإرهاب وعدم التسامح.
أما محمد حمزة الحافظي عن "الهاكا" كذلك، فاقتصر حديثه خلال الندوة التي أعقبها نقاش واسع من لدن المشاركين عن مفهوم تمنيع الأطفال ضد المحتويات والمضامين الإعلامية السلبية والمضرة وهو ما يتطلب تشجيع التربية الإعلامية والحرص على أخلاقيات المهنية وإعداد برامج ومواد تستجيب للمعايير المهنية، قبل أن يتوقف عند بعض الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري للتصدي لبعض الممارسات المشينة في وسائل االإعلام المنافية للقوانين والمواثيق المؤطرة للسمعي البصري بالمغرب والتي استهدفت الجمهور الناشئ.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة تندرج ضمن مادة "التنشيط والإعلامي الرقمي" التي يشرف عليها الإعلامي جمال المحافظ الباحث في الإعلام والاتصال، وتأتى في سياق برنامج تم خلاله تناول عدد من المواضيع التطبيقية حول نماذج من التنشيط السياسي والثقافي والفني بالسمعي البصري العمومي والخاص والصحافة المكتوبة.