للتواصل معنا
البريد الإلكتروني: [[email protected]]
الحاج يونس في حديث مع الملك الراحل الحسن الثاني
بسبب معزوفة في الطائرة.. الحاج يونس يلتقي الحسن الثاني أول مرة بفضل الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز
حسن عين الحياة
بالرغم من شهرته التي كانت آخذة في الانتشار آنذاك كعازف عود متميز، إلا أن الفنان الحاج يونس لم يكن معروفا لدى القصر الملكي الذي يتابع التفاصيل الدقيقة عن الفنانين المغاربة.. لكن كيف أتيحت لهذا الفنان الكبير الفرصة لدخول القصر من أوسع أبوابه، حتى بات واحدا من المفضلين عند الملك الراحل الحسن الثاني؟
قد لا يعرف البعض القصة الحقيقية لانضمام الحاج يونس إلى شلة الفنانين الذين كانوا يصبغون ليالي الحسن الثاني بالفرحة والبهجة للترويح عن النفس المثقلة بأعباء الحكم. ومما يقال، بحسب الدكتور سعيد هبال صاحب كتاب "أصدقاء الملك"، إن الفنانين "بزيز وباز" هما صاحبا الفضل في دخول الحاج يونس إلى القصر ليصبح واحدا من الفنانين المميزين عند الملك الراحل، لكن الحقيقة شيء آخر، ذلك أن الثنائي "باز وبزيز" سبق لهما فعلا أن أخذا معهما الحاج يونس إلى القصر للعزف على آلة العود، "لكن هناك قصة أخرى".
وبحسب هبال، كان السياسي البارز شيمون بيريز الذي أصبحا رئيسا لإسرائيل، خلال زيارة لمغرب ونزوله ضيف عند الحسن الثاني بقصر إفران، قد حج إلى المملكة عبر طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية، وكانت (لارام) قد اقتنت بعض المعزوفات الموسيقية لفنانين مغاربة في إطار الترويج للسياحة، كمعزوفات من الطرب الأندلسي والملحون وصوامت موسيقية كرقصة الأطلس وفرحة الشعب وتقاسيم أخرى، ومن حسن الحظ أنها اقتنت أشرطة للفنانين الحاج يونس وسعد الشرايبي.
ويضيف صاحب كتاب "أصدقاء الملك"، أنه خلال الرحلة، استمع شيمون بيريز إلى تقاسيم على العود، وكان العزف منفرداً، فكان أن أعجب بالعزف وهاله ما سمعه من سلاسة في الترانيم ودقة في الانتقال من مقام إلى آخر.. لذلك اعتقد بيريز أن عازف هذه التقاسيم الموسيقية فنان شرقي من سوريا أو مصر أو العراق، فنادى على أحد الموظفين من الطاقم التقني للطائرة، مبديا إعجابه بالعزف، حيث سأله عن اسم الفنان الذي أذاعوا تقاسيمه بالطائرة، ليجيبه الموظف بأن هذا الفنان مغربي وأن اسمه الحاج يونس، وكان بيريز قد احتفظ بهذا الاسم في ذاكرته.
"ويضيف هبال في حديثه إلينا، أن من عادة الحسن الثاني أنه عندما ينزل عنده ضيف عزيز على قلبه، يضع أمام ما لذ وطاب من المأكولات من باب كرم الضيافة، لكن السؤال الأول الذي يطرحه عليه هو "ماذا تحب أن تنصت في التلاويين الموسيقية؟ ثم سؤالا آخر، "أين تريد أن تتجول في البلاد؟" يقول هبال، لكن عندما حل شيمون بيريز ضيفا على الملك، وبعدما أكل وشب وتباحثا في بعض القضايا، طلب الحسن الثاني من ضيفه أن يختار ما يود سماعه من موسيقى، فما كان من بيريز إلا أن أجابه، بأنه سمع عزفا بالطائرة التي أقلته إلى المغرب وأن صاحبه يدعى الحاج يونس، آنذاك أعطى الملك الحسن الثاني أمراً بإحضار عازف العود إلى القصر، وكانت هذه هي أول مناسبة سيعزف فيها الحاج يونس أمام الملك.
"يحكي لي الفنان الحاج يونس، أن بعض العناصر قدموا إليه في سيارة سوداء اللون، ولما وقفوا أمامه اعتقد بأنه سيُختطف، حيث سألوه: (هل أنت هو الحاج يونس؟ فأجاب، نعم ليردوا احمل معك عودك ورافقنا..) دون أن يخبروه عن الوجهة"، يقول هبال، قبل أن يضيف على لسان العازف "مللي مشيت لقيت الملك والضيف ديالو جالسين.. سلمت عليهما باحترام والخوف يعتريني، ولم أعد أقوى على العزف، فلاحظ الملك ارتباكي، وكان ذكيا، حيث أمر الجوق بالعزف ثم قال لي "عليك أن ترتاح قليلا".
بعدها، يضيف هبال، وفروا للحاج يونس قاعة مكيفة كي يرتاح، وهكذا أخذ يسترجع أنفاسه، حيث دخن سيجارة واحتسى فنجان قهوة، وتناول حبة "أسبرو" كانت بجيبه، وبعد مرور وقت ليس باليسير، أمر الملك بعض الخدم قائلا: "شوفو الحاج يونس واش مرتاح ومستاعد للعزف"، لأن الحسن الثاني، يقول هبال، كان فنانا، ويعرف أن الفنان هو حزمة أحاسيس وليس آلة يمكن الضغط على زرها كي يشتغل، لذلك عندما مثل الفنان بين يدي الملك كان مرتاحا نسبيا لأنه يقف أمام رجل هو فنان قبل أن يكون ملكا، وهكذا طلب الحسن الثاني من الحاج يونس أن يعزف تقاسيم كتلك التي سمعها بيريز وهو على متن الطائرة.
وهنا يحكي هبال: "قال لي الحاج يونس أنه شرع في العزف أمام الملك وضيفه، وحرس على ألا ينظر في عيني الملك أو بيريز، حيث قال لي :(كنت كانعزف وما قادرش نشوف فيهم، لأنني لو هزيت عيني وتلاقات عيني مع عيني الملك أو بيريز كنت غادي نفقد التوازن ديالي)، وكان أن عزف الحاج يونس تقاسيم مرتجلة غير مسبوقة بالنسبة له"، وبحسب هبال، أعجب الملك بالعازف الوافد الجديد إلى القصر، فقال للحاج يونس "أنا استمع إلى البيضاوي والمشارقة من أمثال فريد الأطرش، لكنني اليوم استمع إلى مدرسة جديدة في العزف"، حيث كان الملك الحسن الثاني أول مرة سيشاهد فيها الحاج يونس وينصت إلى عزفه.
