في ظل الظروف القاسية والمذلة أحيانا التي يعيشها قطاع حراس الأمن الخاص، حيث أجورهم الزهيدة غالبا ما لا تتعدى 1600 درهم، لكن أن يكون أصحاب هذه الأجور، التي لا تصل حتى إلى الحد الأدنى للأجور (السميك)، يشتغلون في مؤسسة عمومية لإنعاش التشغيل، فتلك فضيحة الفضائح، وهذا ما يحدث مع حراس الأمن الخاص، الذين تتعاقد الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (Anapec) مع الشركة الخاصة، التي تشغلهم، لحراسة مقرات الوكالة على الصعيد الوطني...
الشركة الحاصلة على الخدمة في إطار "حراسة مقرات الوكالة"، حصلت على "الصفقة العمومية" بالتعاقد مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بتاريخ 17 ماي 2017، كما "حصلت" على التمديد لها، لفترة ثانية، خلال السنة الجارية (2020)...
في الفترة الأخيرة، تفاجأ حراس الأمن برسالة من إدارة الشركة، التي لا تكتفي بإرغامهم على توقيع عقد عمل على مقاسها، في حين تفعل بهم ما تشاء، بل زادت في نهمها إلى مص دمائهم بدعوتهم، في رسالتها إليهم، إلى توقيع طلب استقالة يبقى في حوزتها، وتستعمله عند الحاجة إلى رميهم خارج العمل كـ"الكلاب المسعورة"، وكأنهم ليسوا بشرا ولا مستخدمين إلا بقدر الإقرار على أنفسهم بالتخلي على كل حقوقهم، إذ يتضمن طلب الاستقالة "تنازلا تاما" عن جميع المستحقات والتعويضات! ولم تكتفِ الإدارة بذلك، بل فرضت عليهم التوقيع على "إشهاد والتزام"، يؤكد أن المستخدم توصل بمبلغ قدره (...) وتُرك مكان رقم المبلغ فارغا لتضع فيه الإدارة ما تشاء!
أما فضيحة الفضائح، وهنا بيت القصيد، فهي تستر المسؤولين البيجيديين على هذا الوضعية من التشغيل، التي تنتمي إلى أزمنة أخرى يفترض أنها باتت بائدة!
فضيحة الفضائح أن حراس الأمن المتضررين راسلوا المدير الإخواني للأنابيك، دون فائدة، وراسلوا الوزير الإخواني الوصي على القطاع، وزير الشغل والإدماج المهني، دون جدوى، وراسلوا رئيسهم الإخواني، سعد الدين العثماني، دون أن يحرك ساكنا... الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام، ليس فقط حول الشركة، بل أساسا حول علاقة المسؤولين البيجيدين بهذه الشركة، المتعاقدة مع قطاع عمومي، يفترض أن التعاقد بناء على دفتر تحملات، تقبله الحكومة وترضاه!!!
فضيحة الفضائح لها ذيول وتبعات، يؤدي ثمنها المستخدمون، الذين أضحوا يعيشون في مآسي "عيشة الذبّانة في البطانة"، فحراس الأمن الخاص، إلى حدود الآن، لم يتوصلوا بمستحقاتهم كاملة، وضمنها تكملة الأجر لسنتين، بعدما ضاعوا في سنة تقادمت، وكذلك التعويضات والمستحقات بخصوص العطل لمدة ثلاث سنوات، والشيء نفسه بخصوص راتب شهري يونيو ويوليوز، وهاهو شهر غشت على مشارف الانتهاء...
ومن الحيل، التي استعملتها الشركة أنها شرعت في الاتصال ببعض حراس الأمن، كل على حدة، وتقول لكل واحد إنك وحدك من تبقيت، أسرع في توقيع الإشهاد والالتزام والاستقالة وعقد الشغل المحدد المدة، مع رسالة خطية من أجل طلب عمل، لتستفيد من صرف مستحقاتك، وأحيانا أخرى تمارس الابتزاز المفضوح، إذ تشترط أداء شهر يونيو مقابل إرسال الوثائق، حتى تركت المستخدمين بلا عيد، وتتدرع أن حراس الأمن توقفوا عن العمل مدة 3 أشهر خلال الحجر الصحي، بينما جميع حراس الأمن الخاص اشتغلوا في وقت الحجر الصحي...
المستخدمون بعثوا شكاياتهم إلى المسؤولين البيجيديين الثلاثة، الذين "يتحركون" بصيغة "السكون"، أي يعطونهم أجوبة لا تقدم ولا تؤخر، مثلما فعل مدير الأنابيك، الذي رمى الكرة إلى علاقتهم الخاصة بالشركة التي تشغلهم، وإلى مفتشية الشغل، مما يتبيّن أن هؤلاء المسؤولين البيجيديين اختاروا أن يجسدوا ما كان الملك أن قال عنهم إنه "من غير المقبول ألا تجيب الإدارة على شكايات وتساؤلات الناس، وكأن المواطن لا يساوي شيئا، أو أنه مجرد جزء بسيط من المنظر العام لفضاء الإدارة (...). فبدون المواطن لن تكون هناك إدارة. ومن حقه أن يتلقى جوابا عن رسائله، وحلولا لمشاكله، المعروضة عليها. وهي ملزمة بأن تفسر الأشياء للناس وأن تبرر قراراتها، التي يجب أن تتخذ بناء على القانون..."... لكل ذلك، تُطرح، بقوة/ أكثر من علامة استفهام عن علاقة شركة الأمن الخاص بالمسؤولين البيجيديين الثلاثة!!!