أعلم أنك في موقع القرار وأنك تريد أن تظل فقط مبتسما في وجه الجميع،
أعرف أنك قد تصدر قرارا في آخر النهار وقد يتغير في الصباح،
أعرف أنك تكون سخيَّ الوعود عند لحظة الانتخابات، ربما صرت رئيس الحكومة وأنت لا تصدق أنك صرت رئيس الحكومة،
أكيد انك سوف تنافس على مقعد برلماني من أجل إعادة الثقة فيك من جديد، والمؤكد أنك سوف تنزل إلى دائرة شعبية فيها حمامات تقليدية، وفيها كسّالات وكسّالون يعملون في درجة حرارة مرتفعة في فصل الشتاء والصيف، أنهكتهم ظروف الحياة الصعبة، من الكسّالات هناك أرامل ومطلقات وأمهات يكابدن ظروف العيش، من الكسالات والكسالين من يعانون أمراضا مزمنة، يحتاجون اقتناء الدواء، لديهم حاجيات أساسية من كراء ومصاريف الماء والكهرباء، منهم أرباب أسر لهم حاجيات أطفالهم، قرار إغلاق الحمامات قد يكون قرارا متفهما عندما تكون الحكومة تتفهم ظروف هذه الفئة المقهورة اجتماعيا وتستحضر بدائل لحمايتهم من التشرد والفقر والحرمان، تتفهم أن توقيف مصدر الرزق هو بالضرورة توقيف أرزاق أسر وليس فقط عاملين بقطاع الحمامات...
عندما تصير الشواطئ على طولها مكتظة، وكذا الحدائق والمنتزهات والمطاعم وتجمعات الأحزاب السياسية، ونحن على مقربة من الحملة الانتخابية، يصير إغلاق الحمامات يحتاج إلى مراجعة مستعجلة لأن المنطق يقتضي استحضار أيضا أن عدد الوافدين على الحمامات يكون بأقل من نصف الحمولة، لأن الغالبية تفضل الاستحمام في البيت.
أتمنى أن تضع نفسك أبا لأحد أبناء كسال أو كسالة، وتدخل إلى بيتك بيدين خاليتين من حليب الأطفال أو من خضر، أو من فاكهة ذابلة، أو من دواء لأطفالك، لأن من قرروا الإغلاق لم يستحضروا أن هذه الفئة لا تملك إلا أجساد مغاربة تزيل عنها الأوساخ، وأنه مع إقفال حمّاماتهم توقفت أرزاقهم...
تراجعوا عن قراركم أو امنحوا هذه الفئة دعما يرفع عنها قهر الوباء وعسف القرار.
ولا تنس أن أبناءهم مقبلون على دخول مدرسي سيجدهم بجيوب فارغة ومثقوبة ممتلئة بالمعاناة والضيم والحكرة...