الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الملك لمناظرة الحد من المخاطر الصحية: صحة المواطن أساس للتضامن بين الأفارقة

 
أكد الملك محمد السادس أن صحة المواطن تشكل ركيزة أساسية للتقارب والتضامن بين الشعوب وإحدى الدعامات المحورية لبناء تعاون جنوب - جنوب فعال.
وأبرز الملك، في رسالة وجهها اليوم الأربعاء 16 نوفمبر 2022، إلى المشاركين في المناظرة الأفريقية الأولى للحد من المخاطر الصحية، التي تنعقد بين 16 و18 نوفمبر الجاري بمراكش تحت الرعاية الملكية، أن الصحة تعتبر من أكبر التحديات في القارة الأفريقية، مشيرا إلى أن جائحة كوفيد 19، أبانت ضرورة العمل الجماعي، من خلال مضاعفة المشاريع، وتجهيز الدول بالبنى التحتية اللازمة في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، أشار الملك إلى أن الأمر يتعلق أيضا "بتمكين الشعوب الأفريقية من العلاجات واللقاحات الضرورية، ومواجهة مختلف الأمراض والأوبئة".
وفي ما يلي النص الكامل للرسالة الملكية: التي تلاها وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب:
 
"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
 
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة
إنه لمن دواعي السرور أن نرحب بكم في بلدكم الثاني، المغرب، وأن نتوجه إلى جمعكم الملتئم اليوم في مراكش، بمناسبة انعقاد المناظرة الأفريقية الأولى للحد من المخاطر الصحية، والتي تتشرف بالمشاركة الوازنة لصفوة من الخبراء الأفارقة والدوليين.
ويطيب لنا، في البداية، أن نشكركم على حضوركم اليوم في هذا التجمع الأفريقي، الذي أبينا إلا أن نضفي عليه رعايتنا السامية، والذي لا يمكنه إلا أن يساهم في دعم مساعي التكامل والاندماج في قارتنا.
 
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة،
تنعقد هذه المناظرة الأفريقية الأولى في فترة يعرف فيها العالم تداخل الأزمات الأمنية والاقتصادية والبيئية، مع ما يترتب عنها من انعكاسات اجتماعية وإنسانية وصحية.
وإننا ننتظر أن تشكل مناسبة لإيجاد إجابات جماعية للتصدي للمخاطر التي تهدد العالم اليوم، بسبب الأوبئة والأزمات الغذائية، وما تمثله تداعياتها من أخطار على صحة الساكنة وخاصة غير المحصنة، بسبب مشاكل المناخ والجفاف، وشح أو انعدام الموارد المائية في العديد من جهات قارتنا.
كما نتطلع لتوحيد الجهود الأفريقية في مواجهة مختلف التهديدات التي تتربص بقارتنا، والتي تتطلب منا جميعا نهج سياسات استباقية ووقائية، وتعبئة الإمكانات المتاحة، لصيانة صحة وكرامة المواطن الأفريقي.
 
حضرات السيدات والسادة،
إن وعي المملكة المغربية بضرورة ضمان الأمن الصحي لكل المغاربة، جعلها تعمل على تعميم الحماية الاجتماعية، بدءا بتوسيع كل من مجال التغطية الصحية الإجبارية، ليشمل كافة المواطنات والمواطنين ؛ وقاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد للساكنة النشيطة ؛ إلى جانب تعميم التعويضات العائلية، وكذا الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل.
وإن هذا المشروع المجتمعي يشكل ثورة اجتماعية حقيقية، لما له من آثار مباشرة وملموسة، على تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامتهم، ودمقرطة ولوجهم للخدمات الصحية والاجتماعية، في إطار سياسة القرب، وتحقيق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والمجالية.
وإن المغرب مستعد ليتقاسم خبراته وتجاربه في هذا المجال، مع سائر الدول الأفريقية الشقيقة والصديقة.
ولا يخفى عليكم أنه منذ اعتلائنا عرش أسلافنا المنعمين، اعتمدنا مقاربة، جيو-استراتيجية جديدة في إطار شراكة جنوب- جنوب، تقوم على التضامن والتعاون وخدمة المصالح المشتركة، بما يعود بالنفع على المواطن الأفريقي.
وإننا نعتبر الصحة من أكبر التحديات في قارتنا. وقد أبانت جائحة كوفيد 19، ضرورة العمل الجماعي، من خلال مضاعفة المشاريع، وتجهيز بلداننا بالبنى التحتية اللازمة في هذا المجال، وتمكين الشعوب الأفريقية من العلاجات واللقاحات الضرورية، ومواجهة مختلف الأمراض والأوبئة.
 
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة،
إيمانا منا بأن صحة المواطن ركيزة أساسية للتقارب والتضامن بين الشعوب وإحدى الدعامات المحورية لبناء تعاون جنوب-جنوب فعال، عملت المملكة المغربية على توفير منح دراسية لتكوين الأطباء والصيادلة، والأطر الطبية الأفريقية، في مختلف الجامعات المغربية. كما بادرت بلادنا بإطلاق عدة مشاريع، على نطاق واسع في العديد من البلدان الأفريقية، لا سيما من خلال إنشاء مصحات طبية ومستشفيات، وكذا إرسال مساعدات إنسانية، من معدات ومستلزمات طبية وأدوية.
أما فيما يخص مواجهة جائحة كوفيد 19، فقد عمل المغرب على منح وتوصيل مجموعة هامة من المعدات والمنتوجات الخاصة بالحماية والوقاية، وكذا الأدوية، عبر جسور جوية، إلى أكثر من عشرين بلدا أفريقيا.
وبالموازاة مع ذلك، فإن المملكة المغربية تدعم جميع المبادرات البناءة المتعددة الأطراف، وكذا العمل المشترك على المستوى القاري في هذا الميدان. حيث تكرس كل الجهود من أجل بناء نموذج صحي أفريقي متكامل، وتنخرط في بلورة الأسس الكفيلة ببناء منظومة صحية متماسكة على مستوى قارتنا، تعتمد البحث والتطوير مع كل الشركاء، وتسعى إلى توفير الإمكانات المادية والبشرية، وذلك من خلال برامج وسياسات استباقية.
كما نؤكد على ضرورة الانفتاح على التطورات التكنولوجية التي يعرفها العالم في المجال الصحي، ومواكبة الأنظمة الصحية لدول القارة لهذه التطورات.
 
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة،
إن المملكة المغربية إذ تجدد التعبير لكم عن سعادتها لاستضافتكم على أرضها، لتتطلع لإسهامكم البناء في أشغال هذه المناظرة الأفريقية الأولى من نوعها، حول المخاطر الصحية وسبل الوقاية منها والتصدي لها.
وإننا ننتظر أن يثمر هذا الملتقى القاري مجموعة من التوصيات الهامة في هذا المجال، والوصول إلى وضع استراتيجية مشتركة لتقليص المخاطر في مجال الصحة بالقارة الأفريقية.
وفي الختام، نسأل الله تعالى العلي القدير أن يسدد خطاكم ويكلل جهودكم بالنجاح والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".