تمغربيت... الوطن أولا! المغرب بدأ يكنس الإرث الاستعماري لفرنسا
الكاتب :
"الغد 24"
عمر إسرى
لم تتح للمغرب فرصة للتخلص من الهيمنة الفرنسية، مثل التي تتاح لنا اليوم. إنها فرصة تاريخية لا تعوض لاقتلاع جذورها من وطننا، لصالح تنويع الشراكات، والانفتاح على آفاق أرحب.
المغرب بدأ فعلا العمل في هذا الاتجاه، بسياسة خارجية محنكة تؤطرها عبقرية ملكية واضحة. يجب الاستمرار على نفس النهج، وتحدي الابتزاز المتواصل لهذه الدولة التي بدأت تفقد سيطرتها على حديقتها الخلفية في أفريقيا تدريجيا.
لو كنا عقلانيين فعلا لما استعملنا مصطلح "التطبيع" سوى حينما نشير إلى علاقتنا بفرنسا، هي التي نهبت ثرواتنا خلال فترة الحماية، قتلت أجدادنا، يتمت آباءنا، واقتطعت أجزاء من أراضينا لصالح مقاطعتها الشرقية آنذاك، وكذلك فعلت مع كثير من الدول الأفريقية.
جميل جدا أن يكون المغرب من الدول التي بدأت تكنس هذا الإرث الاستعماري، والأجمل أن يكون المغرب، الذي طالما نظرت فرنسا إليه بنظرة الاستعلاء الكولونيالي، من بين الدول التي نافستها وتنافسها بقوة، وستحل محلها في عمقنا الأفريقي.
علينا أن نواجه ابتزاز فرنسا ومناوراتها بكل شجاعة كما حاربها أجدادنا من موحا أوحمو أزايي وعسو باسلام وبنعبد الكريم الخطابي (التحالف الفرنسي الإسباني) وغيرهم، محاربتها من خلال التخلص من تأثيرها سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وثقافيا، ومطالبتها بالاعتذار عن جرائمها الاستعمارية، ودعوة جاليتنا المغربية المقيمة هناك للانتصار لـ"تمغربيت"، وتوعية الطبقة الفرنكوفونية بالتمييز بين تعلم اللغات والاستلاب الذي يفرخ لنا أجيالا غريبة عن هوية الوطن!
بإمكان فرنسا أن تصير دولة عادية، حينما تستوعب أن قواعد اللعبة تغيرت، وأن خريطة العالم تبدلت جيوستراتيجيا، وأن بإمكانها أن تكون شريكا عاديا للمغرب بدل عقلية الهيمنة والتعالي، حينما تعي أن مغرب اليوم ليس مغرب الأمس، حينما تغير نظاراتها الكولونيالية.
عليها كذلك أن تستوعب أن لغتها صارت هامشية في ترتيب اللغات العالمية، وأن التحول إلى الإنجليزية صار حتميا بالنسبة للمغرب وجزء مهم من دول أفريقيا، وأننا ننظر إلى ابتزازها المتواصل بشفقة وكأننا أمام آخر ركلات ديك مذبوح.
عليها أن تعرف أن قضية الصحراء المغربية قضية وجودية بالنسبة للمغرب ملكا وشعبا، وأننا فوق أرضنا، وليست هناك قوة في الكون يمكنها أن تنتزع منا مثقال ذرة من وطننا، ولو على جثتنا! إن التحالف والتواطؤ مع أوليغارشيا العسكر الجزائري، لن يزيد ولن يؤخر المغرب، الذي يسير بخطى ثابتة إلى الأمام!
ما يجب أن نركز عليه حالا هو تقوية جبهتنا الداخلية وتمتينها، ومباشرة إصلاحات جديدة على مستوى العدالة الاجتماعية والمجالية، بدءا بقطاعي التعليم والصحة... والباقي تفاصيل!