الرحيل القاسي للفاعل المدني والحقوقي عبد القادر أزريع
الكاتب :
"الغد 24"
رُزئت الحركة الديمقراطية المغربية في وفاة الفاعل النقابي والمدني والاجتماعي، عبد القادر ازريع، صباح اليوم الخميس 2 فبراير 2023، عن عمر 68 سنة، في المستشفى العسكري في الرباط...
وُلد عبد القادر أزريع سنة 1955 في مدينة آسفي، حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، قبل الانتقال إلى الرباط لمتابعة تعليمه العالي... وخلال هذه الفترة، انتمى أزريع إلى منظمة 23 مارس السرية... وكان من الأطر الأساسية، الذين أشرفوا على تأسيس الخلايا الأولى لهذه المنظمة السرية في منطقة عبدة وأحمر، إلى جانب عبد الرفيق بورگي وعبد الهادي الزوهري ومحمد بولامي وإدريس اليعقوبي ومبارك حنون وعبد السلام الرجواني وغيرهم...، حيث يعود فضل كبير لهذه الكوكبة من المناضلين إلى إشاعة الفكر النقدي لدى شباب المنطقة، والأدبيات الماركسية واللينينية، بما كانت تفتحه أمامهم من آفاق رحبة، لفهم طبيعة الصراع داخل المغرب وفي العالم... وللانخراط في النضال من أجل دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع...
وفي هذا المسار، تحمّل أزريع مسؤولية كاتب النقابة الوطنية للتلاميذ وكان آنذاك، في بداية السبعينيات، يتابع دراسته في ثانوية الحسن الثاني في آسفي... بعد حصوله على الباكالوريا، انتقل إلى الرباط، حيث سينتسب إلى كلية الآداب، التي كان يتابع فيها دراساته في شعبة الفلسفة، انخرط بحماس في النضالات الطلابية، في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وكان عضوا في لجنة التعاضدية، منذ منتصف السبعينيات، واعتقل وهو طالب في سنة 1976، رفقة عبد الرفيق بورگي وإدريس اليعقوبي، وهما من الأطر المؤسسة لمنظمة 23 مارس، إضافة إلى مجموعة أخرى من الطلبة في الرباط، وكان المستهدف الأول في هذه الاعتقالات، هو عبد الرفيق بورگي، بعدما دوّخ أجهزة الأمن في البحث عنه، كما كان أزريع من الطلبة الأعضاء في المؤتمر 16 لـ"أوطم"...
وعند تخرّجه، اشتغل أزريع أستاذا لمادة الفلسفة في خريبكة، حيث سينطلق مساره النقابي، إضافة طبعا إلى نضاله السياسي والمدني، حيث انتُخب في اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم في مؤتمرها الخامس منتصف الثمانينيات، ثم عضو المكتب الوطني لهذه النقابة، وبعدها عضو في المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل...
وصلة بالعمل النقابي، يذكر أن أزريع كان عضوا في اللجنة النقابية الوطنية، التي أسستها منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، إلى جانب كل من عبد السلام المودن وإبراهيم ياسين ومحمد بن المقدم ومحمد بنحمو...
الفقيد عبد القادر أزريع من مؤسسي منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وكان عضوا في لجنتها المركزية منذ مؤتمرها الأول، ثم من مؤسسي الحزب الاشتراكي الديمقراطي وعضو مكتبه السياسي، قبل أن يترك مسافة مع الحزب، وينخرط في العمل المدني والبحثي والحقوقي، إلى جانب رفيقه عبد الله ساعف، إذ أسسا معا حركة المبادرات الديمقراطية، التي تولّى أزريع رئاستها في الفترة الأخيرة، كما كان من نشطاء مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، الذي أسسه ساعف، كما كان، أيضا، من مؤسسي المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، كما انتُخب عضوا في مجلس المستشارين، حيث تحمّل مسؤولية رئيس الفريق الكونفدرالي، وشغل منصب نائب أول لرئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، وكذا منصب نائب رئيس لجنة الصداقة الفرنسية المغربية المشتركة بين مجلس المستشارين ومجلس الشيوخ بفرنسا...
وإضافة إلى ذلك، تحمّل الفقيد عبد القادر أزريع العديد من المسؤوليات المتقدمة، إذ كان عضوا في مجلس التوجيه لـ"منتدى بدائل المغرب"، وعضوا في اللجنة الخاصة للتربية والتكوين، التي أعدت الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وعضوا في اللجنة الخاصة، التي عهد إليها إعداد مدونة الشغل الحالية، إضافة إلى عضوية اللجنة التي أعدت النموذج التنموي الجديد، كما كان عضوا في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورئيسا للجنة الجهوية لحقوق الإنسان الرباط سلا القنيطرة...
بهذه المناسبة الأليمة، تتقدم أسرة تحرير موقع "الغد 24"، بأحر التعازي وأعمق المواساة، لزوجته الكاتبة العزيزة ربيعة ريحان ولابنه أنيس ولشقيقه عبد اللطيف ولكافة أفراد أسرته الكريمة، ولكل رفيقاته ورفاقه وجميع أصدقائه ومعارفه...
كل هؤلاء، الأموات منهم والأحياء، منارات أضاءت لنا الطريق، وتغادرنا بين الفينة والأخرى، وتترك جراح الغياب غائرة، وتذكي فينا حبا موصولا لكل من ترك أثرا، مهما كان حجمه، في مسيرة المغاربة لبناء مغرب جديد، مغرب الحرية والديمقراطية والتقدم والتنمية والكرامة والعدالة الاجتماعية...