من مهرجان شاطئ مريزيقة بجماعة ولاد عيسى إقليم الجديدة
رغم ما فعله بها يعقوب المنصور وبنو هلال والبرتغال.. دكالة مازالت تحيا بروح البورغواطيين الأمازيغ
الكاتب :
"الغد 24"
عبد الله بوشطارت
مهرجان شاطئ مريزيقة بجماعة ولاد عيسى إقليم الجديدة هو أحد المهرجانات الشعبية الجميلة في المغرب التي لا تحمل مساحيق التسويق الفني الملغوم، ولم يضربها بعد فيروس الماركوتينغ الفني المزيف، الذي يلهم ميزانيات الدولة باسم شركات التواصل وشركات تنظيم المنصات الكبرى ثلاثية الأبعاد، التي تصرف عليها الملايير بدون فائدة...
ما يثيرني في تتبع هذا المهرجان، هو خصوصيته وفرادة جمهوره الرائع العاشق لموسيقى الشعبي وفنون الرقص الجماعي النسائي، الذي يسمى الشيخات.. وبالرغم من أن هذا الجمهور معرّب بالكامل، فقد لغته الأمازيغية بحكم دينامية التاريخ، إلا أنه مازال مرتبطا، في بنياته الاجتماعية والثقافية والذهنية، بالثقافة الأمازيغية التي تعتبر هوية قبائل دكالة/ إدكالن، إيداوكال... ومن بينها فنون البارود أو التبوريدة، وهي نوع من الفنون الحربية الأمازيغية.. ثم فن الشعبي وفنون الرقص الجماعي أو الشيخات.. ولابد أن نشير إلى أن هذه المنطقة معروفة بالامتداد والانتشار الواسع لزاوية سيدي عبد الله أمغار، يمكن ترجمتها بالشيخ، أقدم زاوية صوفية بدكالة...
ويمكن التمعن في مدلولات أمغار/ تامغارت، والشيخ/الشيخات، للمزيد من فهم الأسرار التاريخية والأنثروبولوجية لبعض فنون الرقص النسائي، وحتى لدى الرجال، وكيفية التأثير والتنقل من حقل الصوفية والطرقية إلى حقل الرقص الجماعي، مثل الرما نسيدي علي بناصر... أو سيدي حماد أموسى.. كما تمتح الشيخات اسمهن من اسم الشيخ ذي الدلالة في الحقل الصوفي...
ما علينا، إن حديثنا هنا عن مجتمع دكالة الذي يظهر أنه مازال يتمتع بحيوية ثقافة البورگواطيين الأمازيغ، فبالرغم من التحولات الكثيرة التي عاشتها منطقة دكالة، بدءا بالهجمات العسكرية الكاسحة للمرابطين وما تلاها من عقاب جماعي شنه عليها الموحدون، لأن قبائل دكالة الأمازيغية المصمودية رفضت وبشدة مذهبية الموحدين وهم مصامدة مثلهم، لأنهم يحملون نزعات متطرفة جدا تجاه البورغواطيين... مما جعل الموحدين يعاقبونهم بإنزال بنوهلال عليهم لأكل بلادهم، وذلك أكبر خطأ تاريخي اقترفه الموحدون وندم عليه السلطان يعقوب المنصور وهو على فراش الموت...
ورغم التعريب الحاصل بعد ذلك، بالرغم من بطئه، لأن ابن الخطيب مر بالمنطقة خلال العصر المريني ودوّن في رحلته أن سكان دكالة يتحدثون الأمازيغية فقط، وقد مر ابن الخطيب في منطقة تسمى أسايس لاتزال تحمل نفس الاسم حاليا، وهي غير بعيدة عن اولاد عيسى...
قلت، بالرغم من كل تلك التحولات، التي أعقبتها احتلال البرتغال لها، فإن منطقة دكالة لاتزال تحيا في شرايينها ثقافة البورغواطيين الأمازيغ... وذلك ما يعطي لها الفرادة والتميز ويزيدها جمالا... في تنوعها الثقافي والفني...