تصحيح خطأ شائع.. هذا هو يوم "فاتح إناير" الذي سيغدو أول عطلة أمازيغية رسمية
الكاتب :
أحمد نشاطي
أحمد نشاطي
آن، اليوم، لهذا "البانيير"، الذي أطلقناه، منذ بداية يناير 2023، وبعد مرور موعد رأس السنة الأمازيغية، تبّتناه في أعلى بنية موقع "الغد 24"، على أساس أن تبقى المطالبة بترسيم السنة الأمازيغية موضوع حملة موصولة مستمرة طوال السنة، آن له اليوم أن يستريح...
جاء في نداء هذه الحملة: "لكل المغاربة نتوجه بهذه الحملة، التي لا تريد غير أن يكون المغرب مغربيا، وأن يُفعّل الدستور رمزيا، وكل واحدة وواحد يتحرك في الفضاء المناسب له، في النقابة وفي الجمعيات، وفي الحزب، وفي الشارع، وفي المدرسة والإعدادية والثانوية والجامعة، من أجل أن تكون 2023 سنة حاسمة في دفع الحكومة المغربية إلى ترسيم السنة الأمازيغية، ليكون يوم 14 يناير 2024 أول عيد نحتفل فيه رسميا في المغرب بفاتح السنة الأمازيغية الجديدة"...
وكان الملك محمد السادس في الموعد، لينتصر للأمازيغية باعتبارها مكوّنا أساسيا للهوية المغربية... لكن حكومة أخنوش لم تكن في الموعد، وأخنوش نفسه، الذي هو أيضا بارون المحروقات ورئيس جماعة أكادير، نُصدم حين نعلم أن كل ما فعله للأمازيغية هو توزيع الوعود، واللهث وراء استقطاب رموز الحركة الأمازيغية لوضعها، كما وضع وهبي وبركة، تحت إبطه، ومحاولة شراء تظاهراتها المتميزة، وفي مقدمتها الجامعة الصيفية الأخيرة في أكادير، التي سجلت أشغالها فشلا ذريعا ومخجلا، بعدما جرى الالتفاف عليها لتهريبها من أصحابها الأساسيين وجعلها ملحقة لمهرجان أخنوش "تيميتار"، مما فجّر احتجاجات قوية ضد رئيس المهرجان في ظل مقاطعة واسعة من طرف الأمازيغ وأبناء أگادير وسوس بشكل عام، وهو المهرجان الذي شهد واقعة طرد أخنوش من طرف الجماهير الغاضبة، التي رفعت في وجهه شعار: "ارحل"، وهناك الكثير من الفيديوهات لمن يريد مشاهدة وقائع هذا "الطرد الشعبي"...
ونعود إلى موعد العطلة الرسمية، لنشير إلى خطأ شائع يتعلّق برأس السنة الأمازيغية، وهو يوم 13 يناير، في حين فاتح السنة الأمازيغية الجديدة يكون هو 14 يناير، وهو موعد العطلة الرسمية، خلافا للأشقّاء في ليبيا، الذين سبقونا في ترسيم السنة الأمازيغية، لكن احتفلوا بها، هذه السنة (2023)، في اليوم الخطأ، وهو يوم الخميس 12 يناير، وخلافا، كذلك، للأشقاء في الجزائر، الذين احتفلوا بها يوم الأحد 15 يناير، في حين كان موقف الحكومة المغربية سلبيا من ترسيم السنة الأمازيغية، في هذه السنة وكسالفاتها، مما يعكس نزعة مرضية لإقصاء أغلبية الشعب المغربي، بفعل الهيمنة المتفشية، التي يمارسها القومجيون والظلاميون معا...
في السنة المقبلة، سيتباهى المغاربة بعيد سيكون هو الأجمل في حياة الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي، وهكذا سيكون أول عيد يحتفل به المغاربة رسميا هو يوم الأحد 14 يناير 2024... إذ سيوافقُ يومُ السبت، 13 يناير 2024، نهايةَ السنة الأمازيغية 2973، في حين سيكون يوم الأحد، 14 يناير 2024، هو فاتح إناير من سنة 2974...
يوم الأحد 14 يناير 2024، سيكون يوما استثنائيا، سيكون عيدا حقيقيا، لأن الاحتفال به رسميا هو ترسيم لمطلب ديمقراطي، بعمقه الشعبي، وببعده الرمزي، وبأساسه الدستوري، وهو أن تتيح لنا بلادُنا متعةَ الإحساس بالانتماء إلى هذه الأرض، وإلى هذا الوطن، المسمى المغرب، الذي يتسع سقفه لجميع المغاربة...
هناك من يسميها "السنة الفلاحية"، و"إيخف أوسكاس" (رأس السنة) و"إيض أوسكاس" (ليلة السنة) و"إيض ن إيناير" (ليلة يناير) و"حكوزا". لكن مختلف مكونات الحركة الأمازيغية تتوحد حول اسم "رأس السنة الأمازيغية"... كما يرتبط الاحتفال بعدة طقوس مشتركة تختلف فقط في التفاصيل، كما هو الحال لدى باقي المغاربة في الاحتفال بعدة مناسبات من قبيل عاشوراء مثلا، إذ هنا من يعدّ طبق "تاكلا/ العصيدة"، أو "أوركيمن/ سبع خضاري"، إلى غير ذلك من الطقوس، التي تحيل إلى الارتباط بالأرض، أرض المغرب، وبتمغربيت، وهذه ميزة السنة الأمازيغية، إذ بقدر الاحتفال بحدث تاريخي يتعلق بانتصار البطل الأمازيغي شيشناق على الفراعنة، يحيل الاحتفال إلى الارتباط بالأرض، بخلاف المناسبات الأخرى، ذات البعد الديني، من قبيل السنوات الهجرية والعبرية والمسيحية... نريد لمغربنا المتعدد والمتنوع أن يحتفل بكل هذه السنوات بكل أريحية...
هناك عشرات الملايين من الأمازيغ، على امتداد شمال إفريقيا، يحتفلون في يناير من كل سنة، برأس السنة الأمازيغية، وبعد إقرارها رسميا، هنا في المغرب، سيكون يوم عيد لكل المواطنين المغاربة الأمازيغ، أغلبية الشعب المغربي، ولكل المغاربة، وسيستفيدون من يوم عطلة رسمية لممارسة حقهم في الاحتفال بهذه المناسبة المغربية الأصيلة، والأصلية...
المغرب، مع الجالس على عرشه، قطع خطوات مهمة في التحول الديمقراطي المتدرج والمتثاقل، صحيح تعرقله العديد من الكوابح، التي تتوزع بين انشداد البعض إلى مسلكيات الفساد والإفساد والاستبداد، وولاء البعض لقوى خارجية أكثر من ولائها للوطن، تتوزع بين إيران والإخوان، بين عصابات حزب الله ومجرمي حركة حماس، لكن التاريخ، رغم أنف هؤلاء وأولئك، يمضي أماما، ويحقق المغرب انتصارات قوية وبحجم تاريخي، في وحدته الترابية، وفي إنجازاته الديبلوماسية، مثلما يتقدم، كذلك، على الصعيد الحضاري، بانخراطه المصيري، الذي لا رجعة فيه، في ورش المصالحة مع الأمازيغية، لغة وهوية وثقافة...
ويبقى السؤال الجوهري: هل سنبقى، في قضايانا المغربية الأساسية، وباستمرار، معلّقين بقرارات ملكية؟! ماذا تفعل الحكومة والبرلمان والأحزاب والنقابات والجمعيات؟ مازلنا بعيدين عن أفق دمقرطة الدولة والمجتمع...