الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

متذرّعة بهاشتاغ الأولويات الخبزية.. غِربانٌ ضالّة تجوب الصفحات وتخوّن المتلبّسين بالفرح

 
مصطفى حسناوي
 
كل مجتمع يخلط بين الأبعاد النفسية والوجدانية والاجتماعية والمعرفية والثقافية، فهو مجتمع "وحيد القرن"، لا يرى أبعد من أنفه، لأنه لا توجد أولوية أو تراتبية بين تلك الأبعاد. فلا فرق في الأولويات بين الحاجة إلى الأكل، والحاجة إلى السكن، والحاجة إلى الجنس، والحاجة إلى الفن، والحاجة إلى الفرجة والحركة والمتعة والتعبير... بل كلها احتياجات مستعرضة تتعايش في ما بينها ولا يلغي بعضها البعض، وليس فيها ما هو تافه وما هو راقي ومهم.
 
نفس مواضيع الجمال والمتعة والخمر والغرام التي تتطرق إليها الأغاني العالمية والأغاني الطربية الخالدة والملحون التي نعتبرها راقية، هي نفس المواضيع التي تناولها الأغنية الشعبية في كل مكان، أي الـPopMusic.
 
لكن مع الأسف، كلما وقع احتقان اجتماعي، بسبب نقص أو غلاء في مادة ما، مثل ما عشناه مع أزمة الحليب، ومع زيت المائدة، ومع الخميرة، ومع مشتقات البترول، تخرج علينا أصناف بشرية وحيدة القرن، تريد أن تمنع كل المواطنات والمواطنين من حق البحث عن إشباع باقي الأبعاد الغير الخبزية، من فن وثقافة ورياضة ومتعة، إلى جانب الاحتجاج على النقص أو الغلاء أو باقي الحقوق والحريات...
 
حاليا، هناك غِربانٌ ضالّة تجوب الصفحات لتقتنص أدنى نشاط فني أو رياضي أو ثقافي أو علمي، لكي تنهال على أصحابه بالسب والشتم، وكأنهم يفرضون نوعا من الحداد (العدة أو حق الله) على المجتمع الذي يجب أن تتوقف معه كل أبعاد الحياة إلى حين توفر الخميرة أو الزيت أو الحليب أو البنزين...
 
مثال على ذلك، آلاف التعليقات المسيئة في مواقع التواصل الاجتماعي ضد الجماهير الرياضية، وضد إشعاع الرياضة المدرسية، وضد محبي الفنانين، مثل الستاتي الذي يقوم بجولة في بعض المواسم، التي يتم تنظيمها في فصل الصيف عبر كل ربوع المملكة، والذي يتلقى استقبالا منقطع النظير، فتنزل الشتائم واللعنات على هذه الجماهير، وكأن محبي الرياضة أو الثقافة أو الفن والغناء هم خونة، ولا ينخرطون مع الشعب في هاشتاغ الأولويات الخبزية...