الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

شركة "سيتي باص".. العمدة عبد السلام البقالي يكبّد خزينة جماعة فاس خسارة 280 مليار سنتيم

 
الخلاف المندلع بين شركة سيتي باص فاس وبين رئيس المجلس الجماعي لمدينة فاس، عبد السلام البقالي، الذي يتحمّل المسؤولية الكاملة عن دفع المجلس إلى الإفلاس بأداء مبلغ 280 مليار سنتيم للشركة المتضررة، يكشف صورة فاضحة على المستوى الهزيل والمزري والمتردي للنخب التي تفرزها بعض الأحزاب، وأحيانا تفرز نفسها خارج الأحزاب، عندما تبدأ هذه النخب في تغيير انتماءاتها مثلما تغيّر معاطفها، كما هو الحال بالنسبة للعمدة الفاشل عبد السلام البقالي، الذي يكشف تدبيره لأزمة النقل الحضري بفاس عن شبهات، تتطلب أن تفتح فيها الجهات المعنية تحقيقات معمّقة لضبط ميكانيزمات الفساد الجديدة، التي أضحى بعض رؤساء الجماعات يعتمدونها لخدمة مصالح ذاتية ضيقة ولخدمة جهات أجنبية معادية للبلاد، كما يفعل، حاليا، عمدة فاس...
 
لماذا يتحمّل عمدة فاس المسؤولية كاملة عن هذه الخسارة الفادحة؟ لأن الطرف الآخر في الخلاف حول تدبير النقل الحضري، ويتمثّل في شركة سيتي باص فاس، ظلت تطرق أبواب المجلس الجماعي، سواء في عهد العمدة السابق، الظلامي إدريس الأزمي الإدريسي، أو في عهد العمدة الحالي، المتحوّر الحزبي عبد السلام البقالي، من أجل الوصول إلى حلول توافقية، لخدمة النهوض بتطوير وتجويد خدمات النقل الحضري لسكان العاصمة العلمية...
 
بيد أن العمدة البقّالي اختار التصرّف ليس كمسؤول في خدمة مصالح سكّان فاس، وإنما كشخص يبحث عن مصالح خاصة ضيّقة، إذ يتناور للإطاحة بشركة سيتي باص، ويتهرّب من الجلوس إلى مائدة الحوار، في وقت يهرول هنا وهناك، للقاء شركات أخرى منافسة، ضمنها شركة من إسبانيا، التي تعادي المغرب في وحدته الترابية ومصالحه العليا، في خرق سافر لأخلاقيات العلاقة بين طرفي العقد...
 
من أساليب التناور، التي كشف عنها بلاغ شركة سيتي باص فاس، أنه ما إن جرى انتخاب عبد السلام البقالي رئيسا لمجلس مدينة فاس، في سبتمبر 2021، حتى شرع العمدة الجديد في التهجم على الشركة، وتحريض السكان ضدها، وبعد سيل من الاتهامات والأقوال، انتقل إلى الأفعال، وأول فعل كان هو أنه فرض على الشركة التراجع عن تطبيق الزيادة التعاقدية في الانخراطات، رغم أنه يعرف جيدا أن شريعة المتعاقدين تعتبر تلك الزيادة حقا مكتسبا للشركة بمنطوق العقد... ورغم أن الشركة عبّرت عن حسن نيتها، واستجابت لطلب العمدة، لكنه سرعان ما شرع في إطلاق تصريحات رعناء لا تليق بمسؤول مغربي، خصوصا عندما بدأ يروّج لمعطيات عن الشركة غير صحيحة، قبل أن يتعمّد الهروب إلى الأمام بالحديث عن طلب قدمه للشركة لتوافيه بمقترحات تتعلق بإعداد ملحق للعقد وإيجاد حل إيجابي في أقرب الآجال.
 
لكن العمدة سيتعرّض لصدمة عندما تفاجأ أن الشركة، التي حرصت على التعامل بروح إيجابية، استجابت لطلبه في ظرف وجيز، ووضعت بين يديه "مقترحات جدية وبناءة ومعقولة، مبنية على تمديد العقدة بصفة قانونية، بتكلفة أقل للسلطة المفوضة، ستمكّن من إعادة التوازن المالي دون استثمارات كبيرة من طرف السلطة المفوضة، حيث سيوزّع مبلغ الاستثمار على: تجديد أسطول الحافلات، ووضع خطوط خاصة بفئة الطلبة، وتطوير نظام معلومياتي لإعلام المرتفقين بموقع الحافلة والتوقيت، وتركيب عدد مهم من أماكن إيواء المرتفقين عبر أرجاء المدينة، وتركيب أكشاك لبيع التذاكر، والاستثمار في معدات وتجهيز المستودع، ووضع خطة اجتماعية لفائدة الأجراء، وإتاحة فرص التشغيل لشباب المدينة ووضع انخراطات شهرية خاصة بفئة الصناع التقليديين وبفئة موظفي القطاع العام للصحة والتعليم والعدل بواجب شهري قدره 250 درهما"...
 
وكما هو ملاحظ، فإن مقترحات الشركة كانت في غاية الجدية والمعقولية، وهو ما اعترف بها العمدة نفسه عندما توصّل بها، إذ عبّر لمسؤولي الشركة على مدى جدية المقترحات واستحسانه لها، وبأنه سوف يناقشها مع والي الجهة من أجل الحصول على موافقته على هذه المقترحات، ثم إطلاع الشركة على المستجدات.
 
لكن، بعد مرور شهر ونصف على هذا اللقاء، فإن العمدة قطع الاتصال بالشركة، دون أن يكلّف نفسه عناء التواصل مع الشركة لإطلاعها على جواب الوالي بخصوص مقترحاتها، رغم كل مساعي الشركة من أجل التواصل، وفي هذا الوقت بالذات، وبالمقابل، فتح العمدة قنوات الاتصال مع شركات أخرى، سنعود إليها في مقال مقبل لفضح كل ملابساتها...
 
لكل هذه العوامل، يقول بلاغ "سيتي باص فاس"، قررت الشركة التوجه إلى وزير الداخلية من أجل طلب التحكيم بينها وبين الأطراف المتعاقدة معها لأداء مبلغ 280 مليار سنتيم، وهو المبلغ الذي ستتابع شركة سيتي باص جماعةَ فاس من أجل أدائه كتعويض لها عن الخسائر الفادحة التي تكبّدتها بالنظر لانعدام التوازن المالي للعقد كحق مشروع ومكفول بمقتضى القانون 05-54، المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة...
 
وكما هو واضح، من خلال المعطيات المقدمة، التي سنضيف إليها معلومات مفصّلة، عن المسؤولية الكاملة عن هذه الخسارة، التي تهدد في العمق ميزانية الجماعة، والتي يتحمّلها العمدة بمفرده، كما يتحمّلها معه والي جهة فاس مكناس، الذي يصرّح العمدة أنه هو، أي الوالي، هو الذي يتحفظ ويرفض، وهذا ما سنعود إليه في مقال قادم، لنبيّن كيف أن العمدة ارتضى لنفسه أن يتخلى عن صلاحياته، ويتحوّل إلى ما يشبه "العبد"، أو بالأحرى الموظف لدى الوالي...