للتواصل معنا
البريد الإلكتروني: [[email protected]]
أسرار الاغتيال أو الانتحار.. عبد الوهاب بلفقيه السياسي المعتزل الذي قضى برصاص بنقدقية
جلال الوادنوني
في جولة على المواقع الإلكترونية، صباح اليوم الثلاثاء 21 سبتمبر 2021، بدا مثيرا أنها جميعها، إلا بعضها ستعيد الصياغة في ما بعد، وضعت خبرا مصاغا بتعبيرات غامضة عن وفاة عبد الوهاب بلفقيه، بحيث لا يمكن أن يُفهم منها مصدر الطلق الناري، هل الهالك أم الغير...
نموذج 1 من هذه الأخبار: "توفي قبل قليل، المرشح السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد الوهاب بلفقيه، متأثرا بإصابته بطلق ناري بمنزله بمدينة كلميم. وأكد مصدر موثوق أن بلفقيه لفظ أنفاسه الأخيرة بالمستشفى العسكري بكلميم، بعد محاولات الطاقم الطبي إنقاذ حياته جراء إصابته الخطيرة على مستوى البطن" (عن هبة بريس)...
نموذج 2: "توفي، صباح اليوم الثلاثاء، المرشح السابق لحزب الأصالة والمعاصرة لرئاسة جهة كلميم واد نون، عبد الوهاب بلفقيه، بالمستشفى العسكري بكلميم، وفق ما أوردته مصادر من داخل المستشفى لهسبريس. وكان بلفقيه قد أصيب بعيار ناري على مستوى البطن، صباح اليوم الثلاثاء، بمنزله في آيت عبد الله (سيدي إيفني)، قبل انتخابات مجلس جهة كلميم واد نون" (عن هسبريس)...
نموذج 3: "قال مصدر رسمي محلي لـ"كود" إن حادث إطلاق النار على عبد الوهاب بلفقيه القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة ماشي محاولة اغتيال ولكن محاولة انتحار. المصدر أكد لـ"كود" أن الوضعية النفسية للي عاشها خلاتو يعيش عزلة شبه تامة وتسنى حتى يوم التصويت وطلق القرطاس على راسو (عن كود)...
نموذج 4: "توفي المرشح السابق باسم الأصالة والمعاصرة لرئاسة جهة كلميم واد نون، عبد الوهاب بلفقيه، بالمستشفى العسكري بكلميم... وكان بلفقيه قد أصيب بعيار ناري على مستوى البطن من جهة مجهولة وفي ظروف غامضة، صباح اليوم الثلاثاء، بمنزله في آيت عبد الله (سيدي إيفني)، قبل انتخابات مجلس جهة كلميم واد نون... ويروج بكلميم أن بلفقيه حاول الانتحار، بعدما أغلقت آفاق السياسة في وجهه، بعدما تم سحب تزكيته من التنافس على رئاسة الجهة، فيما لازال الرأي العام ينتظر نتائج التحقيق القضائي... وعلم منبر Rue20 أن محيط المستشفى العسكري بكلميم، يشهد توافد أنصار بلفقيه وسط تطويق أمني، لمنع أي مناوشات بين أنصاره وأنصار منافسه "بوعيدة"... وتعرف المنطقة صراعات قبلية خطيرة حول الإنتخابات، زادت التحالفات المركزية للأحزاب الثلاثة من حدتها" (عن زنقة 20)...
من خلال هذا الرصد السريع، ومن خلال اتصالات متعددة بمصادر من عين المكان، يظهر أن الأخبار التي تواترت حول الموضوع كانت مبنية على عدة تسريبات...
التسريب الأول كان مُصاغا بدقة كبيرة: "أصيب بطلق ناري" في مسقط رأسه بمنزله في آيت عبد الله، في إحدى الجماعات القروية التابعة لإقليم سيدي إفني...
استعمال صيغة "أصيب بطلق ناري"، هي طبعا عبارة مفتوحة على التأويل المرتبط بـ: هل أطلق الرصاص على نفسه أم أطلقه عليه شخص آخر؟
وفي جميع الأحوال، يظهر أن الذي صاغ التسريب كان يستهدف من جهة عدم استعجال اتهام الرجل بالانتحار، مع ما قد يترتب عن ذلك من ردة فعل غير محسوبة من طرف أنصاره ومكونه القبلي... ومن جهة ثانية، كان الهدف تأخير فرضية تعرضه لمحاولة الاغتيال مع ما قد يترتب عن هذه الفرضية، أيضا، من تداعيات عميقة على العملية الانتخابية، التي كانت جارية صباح اليوم، حيث جرى انتخاب امباركة بوعيدة رئيسة لجهة كلميم واد نون...
بيد أن وفاة بلفقيه هذا الصباح، بالمستشفى العسكري في كلميم، رجّحت فرضية "الانتحار"، بعد الإعداد النفسي والاجتماعي...
طبعا تبقى هناك العديد من الأسئلة الجوهرية أبرزها: لماذا؟ وهل يمكن الانتحار بطلق ناري على البطن؟ وهل للشخص المنتحر القدرة على إطلاق النار على نفسه بأربع رصاصات؟
أولا، لا ينبغي أن ننسى أن الرجل، الذي بدأ حياته عاملا في محطة وقود إلى بداية الألفين، قبل أن يتحوّل، بشكل سريع، إلى أحد كبار الفاعلين السيياسيين والاقتصاديين، بل إنه أصبح يشكل معادلة محورية في أيت باعمران، خاصة مع إفلاس حسن الدرهم...
ثانيا، مسار عبد الوهاب بلفقيه هذا كانت له كلفة كبيرة على مستوى التدبير والتلاعب في الوعاء العقاري، مع شبهات كثيرة وخطيرة، من قبيل ارتباطات مزعومة بتهريب المخدرات بجميع أشكالها...
ثالثا، ملفاته المطروحة على المحاكم حالت دون ترشحه إلى البرلمان بعدما توصل إلى صفقة مع عبد اللطيف وهبي تقضي بالتحاقه بالأصالة والمعاصرة، ودعم مرشح البام إلى البرلمان، مقابل دعم بلفقيه في الوصول إلى رئاسة الجهة...
طبعا هذه الاتفاقات كانت قبل حصول التوافق الثلاثي (الأحرار والبام والاستقلال) بشأن رئاسة الجهات، والذي دفع الأصالة والمعاصرة إلى سحب تزكية عبد الوهاب بلفقيه...
وقيل، أيضا، إن جهات ما اعترضت على ترشيحه للجهة...
أمام هذا الوضع، لجأ عبد الوهاب بلفقيه، يوم الأربعاء الماضي (15 سبتمبر 2021) إلى إعلان اعتزاله السياسي، مع الاحتفاظ بحقه في "فضح كل شيء"...
لم يتوقّف بلفقيه عند هذا الحد، فقد استغل غضب الاتحاد الاشتراكي من التحالف الثلاثي، فلجأ إلى دعم مرشح الاتحاد للجهة، محمد أبودرار، الذي هو، في نهاية الأمر، ابن عمومتهم بالمعني القبلي؛ مما مكّن هذا التحالف من تجميع أغلبية منسقة أو متمردة على التحالف الثلاثي...
لكن عبد الوهاب بلفقيه اكتشف، يوم أمس الاثنين 20 سبتمبر 2021، أن السلطات تمكّنت من اختراق مجموعته لفائدة امباركة بوعيدة، وكان من بين الذين تخلّوا عنه أشخاص كان بلفقيه يعتبرهم أقرب مقربيه...
هناك أحاديث أخرى متواترة، تتكلّم عن ارتباطات خطيرة لها صلة بالتهريب الدولي للمخدرات، ومن شأنها أن تورّط جهات متعددة في الموضوع...
لكل ذلك، فإن هذه القضية لا يجب أن تمرّ مر الكرام، والجنوح إلى تخريجة كلاسيكية (عندما يكون هناك قاتل يصفونه بأنه "مجنون"، أو تكيّف كقضية انتحار ويجري بسرعة طي الملف)... هذا الملف لا يجب أن يُطوى، فقد استُعمل فيه الرصاص! مع كل التداعيات الخطيرة في الموضوع، التي لن تقف عند هذا الحد، مثلما لم تقف عند حادث مقتل البرلماني عبد اللطيف مرداس بالرصاص في الدارالبيضاء... إذ يفترض أن تدخل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الخط...
في انتظار مآل التحقيق، يُذكر أن الهالك عبد الوهاب بلفقيه كان قد أعلن، يوم الأربعاء الماضي، اعتزاله العمل السياسي بشكل نهائي، بعدما سُحبت منه تزكية البام لقيادة مجلس جهة كلميم واد نون، إذ كتب رسالة بخط اليد، على غرار الظلامي المندحر عبد الإله بنكيران، يقول فيها إنه اتخذ هذا القرار على إثر ما تعرض له من غدر من طرف جهة وضع ثقته فيها... وتوجّه بالشكر إلى سكان الجهة، التي وضعت فيه الثقة "سواء حين كنتُ في حزب سابق أو الحزب الحالي، فبوّأتني المرتبة الأولى في انتخابات 2015 و2021". وخلص إلى القول: "إنني أنحني أمام الساكنة تقديرا واحتراما، وأتأسف للغدر الصادر عن جهة وضعت ثقتي فيها"...
وكانت لائحة بلفقيه قد حصلت على المرتبة الأولى في الانتخابات بمنطقة كلميم، قبل أن تُسحب منه تزكية الترشّح لرئاسة الجهة، التي ستُمنح، في إطار توافقات الأحرار والبام والاستقلال، إلى مباركة بوعيدة، عن التجمع الوطني للأحرار، التي انتُخبت، صباح اليوم الثلاثاء، رئيسة لمجلس جهة كلميم وادنون، في جلسة علنية، وكمرشحة وحيدة، بعد غياب منافسها محمد أبودرار عن حزب الاتحاد الإشتراكي، وحصلت على 28 صوتا، من أصل 39، بعد غياب 11 عضوا، فيما جاءت تشكيلة المكتب كما يلي:
النائب الأول: أحمد دزيداز - الأحرار
النائب الثاني: يوسف بورݣعة - الاتحاد الاشتراكي
النائب الثالث: الناهي أبو سيف - الأحرار
النائب الرابع: محمد الزعيم - البام
النائب الخامس: خولة الخرشي - الاستقلال
النائب السادس: للا المزليقي - الاستقلال
مؤطر: بلاغ الوكيل العام للملك في كلميم
يعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بكلميم للرأي العام، أن هذه النيابة العامة أشعرت من قبل مصالح الشرطة القضائية المختصة صبيحة يومه الثلاثاء 21 شتنبر 2021 بنقل المسمى قيد حياته عبد الوهاب بلفقيه على متن سيارة الإسعاف التابعة للوقاية المدنية إلى المستشفى بمدينة كلميم متأثراً بجراحه جراء آثار طلقة نارية بمنزله، حيث خضع على إثر ذلك لعملية جراحية، غير أنه لفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بإصابته بعد نقله إلى غرفة العناية المركزة.
وأنه بناء على ذلك أمرت هذه النيابة العامة بإجراء بحث قضائي معمق للوقوف على ظروف وأسباب هذه الواقعة، مع إجراء تشريح طبي على جثة الهالك.
وقد أسفرت التحريات الأولية للبحث، بعدما انتقلت مصالح الشرطة القضائية لمنزل المعني بالأمر، حيث تم إجراء معاينات بإحدى الغرف تم العثور فيها على بندقية الصيد المستعملة في إطلاق النار وكذا بقع الدم، مما يفيد اشتباه إقدام الهالك على الانتحار عن طريق استعمال البندقية المذكورة التي تم حجزها قصد إجراء خبرة تقنية عليها.
هذا ولازالت الأبحاث في هذا الشأن متواصلة للكشف عن ظروف وملابسات هذا الحادث وستعمل هذه النيابة العامة على ترتيب الآثار القانونية على ضوء ما ستسفر عنه نتائج الأبحاث التي تشرف عليها هذه النيابة العامة.
وحرر بكلميم بتاريخ 21/09/2021
الوكيل العام للملك
الوكيل العام للملك
