محمد السكتاوي يستحضر الشهيد عمر بنجلون ويكتب: رمادُ الحِبر
الكاتب :
"الغد 24"
محمد السكتاوي
في مثل هذه الأيام، وتحديداً يوم 16 يوليوز 1963، والمغرب يعيش أجواء أول انتخابات جماعية وبلدية، اعتُقل الشهيد عمر بنجلون في الدارالبيضاء، واتُّهم، على إثر ذلك، بتحضير مؤامرة ضد النظام، ليصدر في حقه حكم بالإعدام في مارس 1964.
أُطلق سراحه في وقت لاحق بمقتضى عفو ملكي، وفي 18 دجنبر 1975، سيتم اغتياله من طرف جماعة إسلامية متطرفة ولمَّا يستوْفِ الأربعين سنة من عمره، قضى معظمها في السجون وأقبية التعذيب...
رمادُ الحِبر
لا أرْتَدي المعطف الأزرق
فتلك السماءُ دثَّرتني
والجدارُ الذي خلفي
ليس متاهةَ حياة
فتلك خطوط رسمتها الأزمنة
سار بينها فرسان الدار البيضاء
لا أملك حديقة في بيتي
فنخلة الله تكفيني
وخبز مغموس في قَدَح العشق
يُسكرني
وحينما أخْتلي إلى وحْدتي
أتذكَّر يغْمُرني الخَراب
قصيدة مشعشعة بخمرة الروح
في واحة فيحاء
افترسَتْ رمالَها عاصفةُ الصحراء
أتلك بغداد أمِ الرباط؟
أرفع ستائر النافذة
فأرى مامضى
مطرا
غيما
وفارِساً مُضرَّجا بالدماء
مسجّى على قارعة الطريق
غير بعيد عنه وقف القاتل
يتْلْو آيةَ الكُرسي
تناسلتِ الجِراح
ولا زلتُ أسمع نحيب صديق
كان يرتشف مرارة الحزن
ويبكي في حانة القَصْر البراق*
وفي آخر الليل مثل مجنون
خرج يجُوب الشوارع صارخا :
ااغتالوك يا سيِّد الرجال
فمَنْ لي بعدك ياوطني.
تستبدُّ بي حُرْقةُ الذكرى
سأظل واقفا هنا
على أسوار المدينة القديمة
تدقُّ على صدْري حوافر الخيلِ
تثير النّقْع في مرْسِ السلطان*
في يدي رماد حبر جريدة
حرقه الحجرُ الأسود
أنتظِرُ ظهور الهادي
وأرنو بعيدا إلى الآتي
أجلو آخر الرُّؤى
وأملِّس صخرةَ المُحال