الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

محمد السكتاوي ناعيا عبد العزيز النويضي: دَعْني أُغمضُ عيْنَيَّ وأرْحل

 
محمد السكتاوي
 
 
 
إلى روح صديقي عبد العزيز النويضي
لم يقُل لي يوما:
دعني أغمض عينيّ
وأرحل
 
مُلَبَّدا كان هذا اليوم
لأنكَ ألقيت بَرنسَك الأسود على السماء
وجلستَ حزينا أمام الكاميرا
تُعلن براءتك من طنين الكلمات
فالنبوءات كانت كاذبة
وحلماً في عيون اللاشيء
حين اشتعلتِ الأضواء
قال الصحافي: تحدثْ، من أي تاريخ أتيتْ؟
قلتَ وقد رفعتَ رأسك إلى الأعلى:
أتيتُ من فوضى الكواكِب
وسرتُ بلا خريطة
مع حشود تقاتلتْ
وتفرَّقتْ بها الطرق
ألْفُ عام وأنا أسير
دلّني فقيه منعزل في كهف قائلا:
خذ طريقك لا تتعب
رفاقك صعدوا ذرى الجبال
ولم يتعبوا
شنقوا ولم يتعبوا
وضعوا ظهورهم على جدار الموت
ولم يتعبوا
اختفوا في ثقوب سوداء
ولم يتعبوا
ألف عام وأنا أسير
التقيتُ في التْيْهِ رجلا
يقود ُحشدا من العمال
ارتديْتُ بدلة زرقاء
ونسيت الأبجدية الأولى
التقيت رجلا آخر
متأبطا خرائط غريبة
كان يعبر جسرا بين زمنين
غمغم بعض الوقت وأومأ إلي:
هذا بيتي الجديد بين قصر وكهف
استرح فيه ما شئت ولا تخف
من تلك الأزمنة أتيت
أساور وأغلال وصليب ومسامير
هذا أنا الآن أمامك
لا أفرق بين مصرِفِيٍّ وثائر
فكيف أستطيع أن أسير
وفي حذائي حصوة
وصدري مشتعل يتلهف للماء
فاطفئ أضواء الكاميرا
ودعني أُغمض عيْنيّ
ليس ما بعد الكلام كلام
ودعني أستريح تحت زخة مطر
ولو كنتُ لا أراها