المناضل الناجح هو القادر على إيصال رسالته ونقل وعيه وحمله للآخرين ومشاركتهم فيه... هو داك الذي يعيش بين الناس يتكلم لغتهم، يعيش همومهم ومشاكلهم، هو ذاك الذي لا تفصل بينه وبين المجتمع حجابات وأبواب وأسوار مادية ولغوية وحياتية...
ليس المناضل من يكتب لغة لا يفهمها إلا هو، أو يرتقي المنابر ويتصدر الصالونات السياسية ليتحدث عن مشكلات ثقافية لا علاقة لمجتمعه بها، فالبشر ليسوا مجرد قوالب مجوفة وجاهزة لصب المحنطات الفكرية والإيديولوجية فيها، والمناضل العضوي لا يعني مسايرة الناس والارتكاس إلى وعيهم ومماشاتهم في تصوراتهم ورؤاهم... فجرأته على إعلان أفكاره وآرائه، أي أن يقول بصراحة ما يفكر به بالضبط حتى ولو كان غير سائد، ولا مأنوساً لعامة الناس... إن هذه الجرأة لا تتنافى وكون المناضل عضويا. ولعل أكبر النكبات التي تصيب حزبا ما جموده وتكراره لذاته وعدم إعمال قواه في تجديد ثقافته وتطويرها وعصرنتها، أي جعلها صالحة للإجابة على مشكلات العصر ومواكبة المستجدات...
ومن أهم عوامل الجمود، التي تلحق بالحزب والمناضل:
كبت الحريات
التقليد
تقديس الأشخاص
احتكار حق التفكير...
إن الحرية من مميزات المناضل الأساسية، وإذا ما سلب المناضل حريته في القول والتفكير والحركة سلبت نضاليته، إذ إن سلب الحرية يعني سلب المسؤولية، وبالتالي الالتزام، بحيث يتحوّل المناضل إلى مجرد آلة يحركها الغير، ومن بيده السلطة...
من ذا الذي يريد أن يقنعنا أن في الموت السياسي حياتنا؟؟؟ أو على أقل تقدير أن السكون وحده هو الذي يحمل السلامة ويمنع من الانهيار؟؟؟