ورقة الهجرة استُعملت في البرلمان الأوروبي بقذارة سياسية وهذه أهدافها الحقيقية
الكاتب :
"الغد 24"
محمد نجيب كومينة
إسبانيا تستعمل برلمانيين في برلمان الاتحاد الأوروبي لاستصدار قرار لهذه المؤسسة ضد المغرب في ميدان الهجرة!
الهجرة مجرد شماعة، لأن ما يرغب فيه الاستعماريون أبعد من ذلك.
إسبانيا بخطوتها العدائية والتصعيدية الجديدة هذه تتوخى ممارسة الضغط على المغرب:
♦ بهدف ثنيه عن السعي إلى استعادة المدينتين المحتلتين: سبتة ومليلية والجزر المتوسطية الثمانية التابعة للتراب المغربي، بعدما تبين لها مسعاه الواضح إلى إنهاء استعمار عتيق ومتخلف، ودفعه في هذا الإطار إلى التراجع عن قراراته التي جعلت المدينتين المغربيتين المحتلتين تتجهان نحو حالة من الاختناق الاقتصادي، إذ أحكم إغلاق أبواب التهريب الذي كان أيضا تخريبا لقطاعات اقتصادية مغربية، وقام قبل ذلك، ومنذ سنوات، بإخضاع واردات المغرب من السلع الشبيهة بالسلع المهربة للحد الأدنى من الرسوم الجمركية، وذلك قبل تحرير مبادلات السلع المصنعة مع الاتحاد الأوروبي.
♦ بهدف إرغامه على لعب دور دركي إسبانيا وأوروبا في ميدان الهجرة عبر تخويفه، وكأن قرارا للبرلمان الأوروبي يمكن أن يخوّف دولة ذات سيادة من قبيل المغرب.
♦ بهدف الإساءة لسمعة المغرب أوروبيا باستعمال الورقة التي تعبّئ كل اليمينيين المتطرفين العنصريين والمعادين للأجنبي المتزايدة أعدادهم في القارة العجوز التي لا تعاني من الشيخوخة وحسب بل وأيضا من إحساس بالتدهور في ظل تغير موازين القوى العالمية الناتجة عن إعادة انتشار الثروة والقوة، ذلك أن تمرير قرار ضد المغرب سيكون له صدى إعلامي في أحسن الاحوال. ومن المثير جدا أن مشروع القرار وضع عشية انطلاق مناورات الأسد الإفريقي بالمغرب، التي لا تشارك فيها إسبانيا.
♦ وأخيرا بهدف تأكيد استمرار أطراف في إسبانيا في الدفع بالتوتر بين المغرب وإسبانيا خدمة لأجندة جنرالات الجزائر الفاشلين الذين لا يمكن تصور أن مخابراتهم وأموال الشعب الجزائري غائبة عن المبادرة بتقديم المشروع المذكور، هذا مع العلم أن الجنرالات الذين يحكمون بلد المليون شهيد في النضال ضد الاستعمار لم يترددوا في التنسيق مع المستعمرين الإسبان وعرضوا عليهم خدماتهم للتخفيف من حالة الاختناق في مليلية بإقامة خط بحري رابط بين المدينة المحتلة وميناء جزائري لاستيراد ما كان يهرب إلى المغرب، وهو ما لم يكن مغريا بشكل كبير لسلطات الاحتلال بمليلية الذين يعرفون أن قصة الخطوط البحرية الجزائرية مجرد لعبة خاسرة.
وإذا ما تأتى للمبادرين بتقديم المشروع المعادي للمغرب أن يُمرّروه، فإن سمعة برلمان الاتحاد الأوروبي ستتلطخ، لأنه سيكون قد مرر في سنة 2021 قرارا في عمقه وروحه استعماريا وعنصريا ومعاديا لبلد شريك، بل أهم شريك في الضفة الجنوبية للمتوسط، وسيظهر الاتحاد الأوروبي في صورة تحالف استعماري يعيد إلى الأذهان تاريخا قريبا وبعيدا، يمتد من الحروب الصليبية ليصل إلى الاستعمار، وهي الصورة التي لن يقتصر تلقيها على الشعب المغربي، بل يمكن أن تنتقل إلى العالم العربي وإفريقيا والعالم أجمع، خصوصا وأن ورقة الهجرة المستعملة بقذارة سياسية لا مثيل لها لا تعني المغاربة وحدهم، بل ولا تعنيهم بشكل أساسي...
إذا ما اعتمد برلمان الاتحاد الأوروبي مشروع القرار الإسباني، فإنه سيتحول إلى مجمع فيادوليد (بلد الوليد) الذي وصلت فيه العنصرية إلى حد التساؤل هل الهنود الحمر، السكان الأصليون للقارة الأمريكية، بشر، وهو التساؤل الذي فتح المجال لعمليات إبادة بشعة وجرائم ضد الإنسانية أكثر بشاعة حتى من التصفية التي تعرض لها الأندلسيون بعد حروب الاسترداد، وتعرض لها سكان سبتة لدى احتلالها من طرف البرتغاليين ثم الإسبانيين.
أوروبا تبقى أسيرة تاريخها الاستعماري. هذا ما يطفو إلى سطح الأحداث، في كل مرة، والخطير في الأمر أن سقط يسارٌ يجد نفسه منجرا إلى الدفاع عن الاستعمار وعن إرثه بعدما تاه وأضاع البوصلة...