الكبير عبد الله زعزاع.. ستظل صفحتك مفتوحة لأنك كتبتها بدمك وطبعتها بإرادة المناضل الصلب والنبيل
الكاتب :
"الغد 24"
توفي اليوم الثلاثاء 11 ماي 2021، بالدارالبيضاء، القيادي البارز في اليسار السبعيني والمعتقل السياسي السابق والناشط المدني والحقوقي عبد الله زعزاع...
عند اعتقال الراحل عبد الله زعزاع، كان من أكثر من تلظوا بأبشع أشكال التعذيب في المعتقل السري درب مولاي الشريف، إلى حد أن جلد قدميه اقتلعت من مكانها ولم يعد قادرا على التنقل إلا على يديه أو ركبتيه أو محمولا، وكل ذلك من أجل أن يقتلعوا منه أسرار المقرات السرية لمنظمة "إلى الأمام"، التي كان مؤتمنا عليها، وخلال محاكمة 1977، ضمن ما عرف بمجموعة أبراهام السرفاتي، صدر عليه حكم بالمؤبد، إلى أن أفرج عنه ضمن مجموعة المعتقلين السياسيين، الذين استفادوا من العفو الملكي سنة 1989...
ألّف زعزاع كتابا يحمل عنوان "معركة رجل من اليسار"، عبارة عن سيرة ذاتية لمعتقل سياسي من فصيلة اليسار الراديكالي...
خارج السجن، واصل عمله النضالي، في الدرب، في قلب أوسع فئات الشعب المغربي في الدارالبيضاء، وفي العمل الجمعوي والمدني والحقوقي والإعلامي والسياسي، وأذكر، وأنا آنذاك رئيسا لتحرير جريدة "المنظمة"، مبادرته للترشح للانتخابات في 1997، باسم منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وواصل نضاله ومارس قناعاته، بكل الأشكل والصيغ الممكنة، وكان دائما في قلب المعارك الديمقراطية، التي عرفتها البلاد، وفي صدارتها احتجاجات حركة 20 فبراير إلى جانب الشباب...
محمد الخدادي
الرفيق محمد الخدادي، وهو من المعتقلين السياسيين، الذين عايشوا الرفيق زعزاع في الاعتقال، كتب بتأثر:
لن تُطوى صفحتك يا "عمي عبد الله"...
هكذا كنت أخاطبك أحيانا، بدعابة رفاقية وإنسانية كانت تروقك، بحكم فارق السن بيننا، ونحن متجاوران في زنزانتين متقابلتين في الطرف الأقصى من حي ألف 2 في السجن المركزي في القنيطرة، حيث كنت تقضي الحكم بالسجن المؤبد.
الكبير عبد الله زعزاع...
ستظل صفحتك مفتوحة، لأنك كتبتها بدمك في مخفر التعذيب بدرب مولاي الشريف، وطبعتها طيلة حياتك بإرادة المناضل الصلب والإنسان النبيل.
وترجم الزميل محمد الخدادي من كتاب الفقيد عبد الله زعزاع "معركة رجل من اليسار"، هذا المقطع المعبّر جدا:
"طي الصفحة.. أي صفحة؟!
للذين لا يكفون عن "التحليل" والخطابات، ويرددون بأن مناضلي اليسار الجديد في السبعينيات عزلوا أنفسهم، وخرجوا عن الصف الوطني، أقول: لم ننعزل إلا عن القماعين وعن التواطؤ، والدليل هو أننا لسنا من ننادي عاليا بطي الصفحة
فإذا كانت هناك من صفحة للطي، فهي بالتأكيد ليست واحدة من صفحاتنا، الفائقة الجمال، والمرصعة بالحب والحرية
هذه الصفحات لا تطوى، بل هي مفتوحة الواحدة تلو الأخرى، يمكن قراءتها كل يوم، وكتابة صفحات أخرى جميلة مثلها. وهذا ما يفعله مغاربة يتزايد عددهم باستمرار. إنها الطبيعة الإنسانية، ولا وجود خارجها لسلسة تضامن مثيلة.
إن تحمل مسؤولية صفحة هو واحد من الخيارات للذين كتبوها، وعدم التفريط في الإفلات من العقاب هو واحد من مطالب مجتمع اليوم"...
محمد بولعيش
وكتب المعتقل السياسي السابق والمناضل الحقوقي والمدني محمد بولعيش الذي عايش الرفيق الفقيد عبد زعزاع:
الكبار يرحلون تباعا..
رفيق كبير آخر يرحل عنا هذا اليوم، وفاجعة أخرى تصيب عائلة اليسار.. يغيب عنا الرفيق المناضل الفذ عبد الله زعزاع بعد معاناة مع المرض ومتابعة طبية قريبة، وبعد حياة مليئة حركة وصراعا ودفاعا عن المقهورين وتعبئة للجماهير لمقاومة الظلم والتسلط.
سمعت الكثير وقيل لي الكثير عن فقيدنا العزيز قبل أن أراه وألتقي به مباشرة ذات ظهيرة بنادي مرس السلطان للكرة الحديدية بالدار البيضاء، كان مصحوبا بالرفيقين عبد الرحمن النوضة وعبد الرحيم تفنوت. انصب موضوع اللقاء على جريدة "المواطن" بهدف التحاقي بمجموعتها، لم أتردد لحظة في الاستجابة، وكانت تجربة رائدة: واكبت مع الرفيق زعزاع ورفاق آخرين إصدارات المواطن (العدد الثاني) وحرية المواطن والمواطنة والتجمع.. وعشنا سويا تجربة التجميع، ثم تأسيس الحركة من أجل الديمقراطية، وكان في كل هذه التجارب متميزا جريئا صارما، قد تختلف معه بهذا القدر أو ذاك، لكنك لا تستطيع إلا أن تحترمه وتحترم رأيه ومواقفه، وقد أبان عن فعالية كبيرة ونجاح مشهود في تدبير قضايا جماعته وحيه في درب الميتر وجماعة بوشنتوف حين كان مستشارا أو مقاوما لتفويت حديقة الإرميطاج..
رحيلك، رفيقي العزيز، خسارة كبرى لنا ولمدينة الدار البيضاء وللشعب المغربي، لن ننساك أبدا، ستظل صورتك، مناضلا لا يشق له غبار، موشومة في ذاكرتنا الجمعية، على روحك الزكية ألف سكينة وألف سلام، وعزاؤنا واحد فيك...
محمد الوافي
الرفيق محمد الوافي، وهو أحد رفاق الفقيد عبد زعزاع يكتب:
وداعا الرفيق عبد الله زعزاع...
بعد معاناة قاسية مع المرض، يرحل عنا هذا الصباح الرفيق عبد الله زعزاع أحد القادة التاريخيين لمنظمة إلى الأمام، حيث حوكم بالسجن المؤبد (محاكمة 1977)، وقد ساهم بعد خروجه من السجن في كل المحطات النضالية لتجسير العلاقات بين المناضلين اليساريين لتوحيد فعلهم النضالي، وقد لعبت التجربة الإعلامية لجرائد المواطن(ة)، وحرية المواطن، التي كان ضمن أطقمها دورا في هذا الاتجاه.
كما اعطى للعمل السياسي، بعدا يتميز بسياسة القرب من المواطنين والمواطنات، وفي هذا السياق، فقد لعب دورا بارزا في شبكات جمعيات الأحياء بالدارالبيضاء، وكذا في الحفاظ على حديقة لارميطاج وإعادة هيكلتها، بانقاذها من لوبيات العقار.
فعزاؤنا واحد، والصبر والسلوان لرفيقة دربه رشيدة صدوق ولكافة أفراد عائلته الصغيرة والكبيرة ولكافة رفاقه واصدقائه،
ولترقد روح الفقيد في سلام...
سارة سوجار
المناضلة الشامخة والقيادية العشرينية الرفيقة سارة سوجار، التي عايشت الرفيق الفقيد عبد الله زعزاع في ساحات النضال بالدارالبيضاء، كتبت بحرقة:
غادرنا اليوم واحد من بين أشرف واشجع وأنبل وأصدق رجالات هذا البلد.
رحل عنا الصديق والرفيق والمرافق والأب والمناضل عبد الله زعزاع...
رحل عنا مناضل الفكر والموقف والمبدأ والقيم والأخلاق...
رحل عنا الرجل الذي كان يمنح أمل التغيير ويفتح عقولنا على التفكير والنقد والفهم والتحليل...
رحل عنا الرجل الذي رسّخ لنا نضال القرب والاتصال المباشر بالميدان كي نصنع مع الجميع الوطن الذي نريد...
رحل عنا الرجل الذي علمنا الاستماتة في الدفاع عن مواقفنا حتى لو اختلف معها الرفاق قبل الخصوم...
رحل عبد الله الإنسان الذي حضننا ودافع عنا وكان معنا وقت الضيق والحصار والقهرة...
رحل صديق ورفيق الجميع... رحل عنا الكبير والعظيم عبد الله...
تعازي من القلب لعائلته وحبيبته ورفاقه ورفيقاته وتعازي للوطن الذي يفقد شرفاءه يوما بعد يوما...
لن أودعك عبد الله لأنك ستظل دائما وأبدا بيننا: الرفيق عبد الله زعزاع...
عبد الغني القباج
الرفيق عبد الغني القباج، أحد الرفاق الذي عايشوا عن قرب الفقيد عبد الله زعزاع، كتب بتأثر عميق:
حياتي تحمل ثقل الماضي الذاكرة..
ولا أتيه عن مستقبل الثورة..
رفيقي زعزاع
عبد الله رعزاع المناضلُ يساريٌّ ماركسيٌّ جاء إلى الماركسية اللينينية من واقعه البروليتاري، وتبوأ موقعا قياديا في "منظمة إلى الأمام" الماركسية اللينينية.. وفي الحملة القمعية التي مارسها نظام الملك الحسن الثاني في بداية السبعينيات (1972-نوفمبر 1974) تعرض الرفيق زعزاع للاختطاف في المعتقل السري الرهيب درب م. الشريف، واستمر اعتقاله ضمن المعتقلين السياسين الماركسيين اللينينيين حيث حَكم عليه قضاء النظام السياسي في محاكمة شهيرة في يناير 1977، بالمؤبد زائد سنتين!!!.. لم ينل من إيمانه الثوري اعتقاله الذي استمر 16 سنة.. ناضل بقوة وجرأة كبيرين ضد نظام الحسن الثاني خاج السجن وفي السجن ولما خرج من السجن في 1989..
أتذكر أن الرفيق في يوم كان قاصدا الرباط عبر القطار.. وتعطل القطار بسبب استعمال السكة بين البيضاء والرباط من طرف قطار الملك.. فاحتج بقوة في محطة القطار الميناء ضد تعطيل قطارات المواطنين من طرف تنقل الملك... فالرفيق
ع. الله زعزاع مارس قناعاته بجرأة وشجاعة، مناهضا نظام الحسن الثاني، معبرا عن مواقفه بالمساهمة في تأسيس، مع مجموعة من رفاقه، جريدة المواطن، ثم جريدة حرية المواطن.. وشكلت الحركات الاحتجاجية المواطنة والديمقراطية و"حركة "20 فبراير"، وحراك الريف فضاءه النضالي...
ساهم في تأسيس تنسيقيات مناهضة غلاء الأسعار، وساهم في "شبكة جمعيات أحياء الدار البيضاء الكبرى"، مواصلا رؤيته للممارسة السياسية الراديكالية في تحرير الطاقات النضالية للمواطنين وللمواطنات في تقرير مصيرهم.
ناضل بالكلمة الموقف الممارسة.. بعد تحريره من السجن، ودون أدنى تنازل، خاض تجربة عضوية الجماعة المحلية.. وأسس لعمل جمعوي مواطن بمشاركة فعلية لمواطنات ومواطني حيه.. كنا نجده في الصفوف الأمامية لنضال المواطنين من أجل الحرية ومجتمع المساواة..
**ا**
لا أستطيع أن أنساك.. لحظات إنسانية جمعتنا محفورة في ذاكرتي.. اجتماعنا يوما واحد في أوائل عام 1992 في بيت متواضع تقطنه في بوشنتوف في كازا.. لا تتلقى في مسكنك المتواضع. لقد صنعت لنا الشاي بابتسامتك الذكية لمناقشة مستقبل التيار السياسي لليسار الماركسي الراديكالي...
لن أنسى لقاءنا دون تنسيق أو اتفاق يوم 20 يوليوز 2017 في مظاهرات حراك شباب وشعب الريف في مدينة الحسيمة في شارع طارق بن زياد... نواجه هجوم فرق البوليس العلني والسري.. وقفت وقفنا ولم نهرب.. وشباب يهرب من القمع والاعتقال.. وشباب يواجه بالحجارة.. في ذلك اليوم وصلنا خبر تلقي عماد لعتابي ضربة على رأسه سقط مغميا عليه خلال مظاهرات 20 يوليوز 2017.. ضربة أدخلته حالة كزما.. ضربة لم تمهله... ليفارق الحياة في 8 غشت...
بالكاد أستطيع التظاهر بالإيمان بالقدر.. لأنني إنسان ثائر كما علمتنا أن نكون.. هل يستمر وعينا متعايش مع منطق وفاة أولئك الذين نحبهم؟
القدر، الذي يضطهدنا، كما تضطهدنا السلطوية، لم يترك لي سوى الثورة والألم لتضميد جراح يتعمق مع رحيل من أحبهم..
وداعا وإلى اللقاء عزيزي الرفيق زعزاع، الجمهوري، الذي يعلمنا كيف نكون ثوارا نحب الحياة ونحب جميع الثوار والثائرات مهما كان توجههم.
لروحك السلام والوفاء...
محمد السكتاوي
المناضل الحقوقي الكبير محمد السكتاوي كتب راثيا الرفيق الفقيد عبد زعزاع:
هل مات حقا
ذاك الذي قال وراء القضبان
يهزُّ الاستبداد:
أيُّها الطاغية
قد تأْسر الجسد
لكن لا يمكنك أن تأسر الفِكرة؟
...
وداعا عبد الله زعزاع
علمتنا كيف يكون الصمود
ولم تبدل تبديلا
شامخا كنتَ في حياتك
وشامِخا تبقى بيننا
في مماتك
عبد الهادي بلكرداس
المناضل الحقوقي والناشط المدني عبد الهادي بلكرداس يرصد الفعل النضالي الشعبي للمبادرات المدنية للفقيد عبد زعزاع
المناضل التقدمي عبدالله زعزاع، والمبادرات المدنية ذاث الصدى السياسي في العمق...
لم ينحصر المجهود الإبداعي الحركي للمناضل الراحل عبد الله زعزاع على المستوى السياسي فقط، من خلال دوره السياسي والإعلامي التحريضي في تسريع سيرورة نقاش تجميع مناضلي اليسار الجديد منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، بل امتد بالموازاة إلى إطلاق مبادرات مدنية كان لها تأثيرها القوي في خلخلة الرتابة النخبوية والموسمية، التي استكان إليها العمل الجمعوي الهادف منذ التضييق القانوني والقمعي الذي طاله تزامنا مع مسلسل القمع سنوات 1981 و1984...
تبنى الراحل عبد الله زعزاع مفهوما جديدا للعمل الجمعوي المدني، قوامه القرب النضالي مع المواطنين عبر العمل مع المواطنين ومن أجلهم، انطلاقا من مواجهة ومعالجة مشاكلهم بكافة مستوياتها، فكانت البداية هن خلال مشاركته المتميزة في الانتخابات الجماعية التي فاز بمقعدها بجماعة بوشنتوف سنة 1997، ثم تطورت التجربة لتتوج بتأسيس شبكة جمعيات الأحياء بالدارالبيضاء/ ريزاك، والتي ستلعب دورها الواضح في التعبئة والتأطير أثناء حراك 20 فبراير 2011، إلا أن الدور المدني البارز لجمعية درب الميتر/بوشنتوف، كدينامو حركية شبكة ريزاك، كان قد تمحور أساسا حول حماية حديقة لارميطاج من التفويت للوبيات العقار...
تعتبر حديقة لارميطاج بمساحة 14هكتارا، من أهم المنتزهات التاريخية، بيئيا وطبيعيا داخل مدينة الدارالبيضاء، بجوار حديقة مردوخ، الجامعة العربية، عين السبع وسندباد، وتزداد أهمية حديقة لارميطاج انطلاقا من موقعها الجغرافي وسط أحياء شعبية مكتظة بالسكان (درب بوشنتوف، درب الفقراء، درب الطلبة، حي العالية، لارميطاج ودرب غلف...)
ولكل تلك المواصفات، سيسيل لعاب لوبيات العقار المتنفذ داخل المجالس المنتخبة، من أجل الاستحواذ على الحديقة وتحويلها إلى مشاريع استثمارية إسمنتية، من خلال اعتماد أسلوب الإهمال تسهيلا لتفويتها عبر التحايل القانوني، حيث سيعود الفضل إلى المناضل عبد الله زعزاع في تعبئة المواطنين وجمعيات المجتمع المدني والأقلام النزيهة داخل الجسم الإعلامي والمناضلين الشرفاء داخل الأحزاب الديمقراطية، من أجل قيادة حملة مدنية مواطناتية من أجل استرجاع الوظيفة البيئية الحيوية للحديقة، وقطع الطريق على جشع لوبيات العقار، ثم الضغط من أجل الاهتمام برعاية الحديقة واسترجاع وظيفتها البيئية الحيوية، خدمة للمصلحة العليا للوطن والمواطنين، وهو ما سيتحقق فعليا فوق أرض الواقع...
فتحية عالية لروح المناضل عبد الله زعزاع، التي لن يتنكر سكان الدارالبيضاء لمجهوداته النضالية، ودوره الريادي...
علي فقير
الرفيق علي فقير أحد رفاق الفقيد عبد الله زعزاع في قيادة منظمة "إلى الأمام"، كتب:
الرفيق عبد الله زعزاع يغادرنا.
أول شيوعي بروليتاري عرفته عند تأسيس "إلى الامام".
اعتقل وحكم بالمؤبد.
بعد خروجه من السجن اهتم بالأساس بالعمل الجمعوي داخل الأحياء الشعبية بالدار البيضاء بعد تجربة سياسية تنظيمية قصيرة.
بقي إلى حدود وفاته وفيا للقيم الإنسانية في شموليتها و كونيتها.
رحيلك أيها الرفيق خسارة للحركة التقدمية عامة و للعمل الجمعوي الجاد خاصة.
سعيد ناشيد
المفكر التنويري سعيد ناشيد اقتنص حالة فريدة تعكس جانبا جوهريا في حياة الفقيد عبد الله زعزاع، إذ كتب:
وداعا للمناضل اليساري الأصيل عبد الله زعزاع.
شهادة للتاريخ: هو المناضل المغربي الوحيد الذي تجرأ على الترشح للانتخابات المحلية ببرنامج يتضمن مفهوم العلمانية، كان ذلك في الدارالبيضاء (كازابلانكا). سألته ذات مرة كيف فزت في الانتخابات ببرنامج يتبنى العلمانية؟ أجابني: مهما كان الناس محافظين ففطرتهم سليمة. كانوا يأتون إليّ ويقولون: لا نتفق معك في العلمانية، لكننا سنصوت عليك لأننا نثق في أخلاقك وقدراتك. وهكذا كان.
حميد باجو
الفاعل المدني والسياسي حميد باجو، الذي عايش الفقيد عبد الله زعزاع، بعد خروجه من السجن، كتب:
وداعا عبد الله زعزاع...
المناضل الصلد الذي عاش شريفا ومات شريفا...
من مهنة النجارة في درب السلطان إلى دهاليز السجون والحكم بالمؤبد...
كنت أسمع عنه منذ السبعينيات ومحاكمته سنة 77 مع مناضلي اليسار الجديد الآخرين...
وبالخصوص... عن قصة صموده البطولي تحت التعذيب... لعدة أيام متوالية... دون أن يعترف بشيء... حتى يعطي الفرصة الكافية لرفاقه في تنظيم إلى الأمام... لكي يختبئوا ويغيروا من عناوين تواجدهم...
حتى التقيته مباشرة في بداية التسعينيات... وبالخصوص ضمن جمعية حي درب الميتر بوشنتوف... التي أسسها بحيه... وكانت هي النواة الأولى لجمعيات الأحياء أو الجمعيات التنموية المحلية في المغرب... والمستلهمة من تجارب أمريكا اللاتينية آنذاك في هذا المجال...
تلك التجربة التي سعى إلى تعميمها على أحياء أخرى من الدارالبيضاء... في ما عُرف بشبكة ريزاك لاحقا... وكذلك إلى مناطق مختلفة من المغرب... حيث كان لي الشرف أن أشارك معه في ذلك...
عاش بسيطا... مناضلا ملتحما بقضايا الشعب قبل اعتقاله... ثم بعد خروجه من المعتقل... وبقي على صباغته حتى وفاته ولم يبدل تبديلا...
حسن الصعيب
ونختم مع الرفيق حسن الصعيب في وداع الفقيد عبد الله زعزاع:
هذا المساء، ووري الثرى جثمان الرفيق عبد الله زعزاع بمقبرة الغفران، بحضور مجموعة من رفاقه وأصدقائه وذويه، وتطوع بشكل عفوي بعض من رفيقاته ورفاقه وأصدقائه، كلا من موقعه ومن معرفته المباشرة خلال نشاطه النضالي والسياسي، للتعبير عما يدينه من خصال ومناقب لهذا الرجل الذي كان قيد حياته رمزا للشجاعة والدفاع المستميت عن كادحي ومهمشي هذا البلد، وظل طيلة حياته وفيا لمبادئ اليسار الديمقراطية، ومناصرا قويا لحقوق المرأة والعمال والشباب، دون أن يعبأ بالحصار والتضييق والقمع لنشاطه التحررى، ومبدعا في مبادراته على المستوى الاجتماعي والسياسي والحقوقي. ففقدانك لا يعوض بالنسبة للحركة اليسارية والديمقراطية، ومسارك الكفاحي لن يطويه الزمن، سيظل نبراسا للأجيال القادمة.