قصة بيت جمع موقفين.. أيها الموخربقون نوضوا على سلامتكم الشعب عاق وفاق
الكاتب :
"الغد 24"
لحسن صبير
كنت أدرك حدة وطنية والدي من حكاياه وهو الفقير المعدم الأمازيغي، الذي طُردت عائلته بجحافل قياد الجنوب ضد حركة "الهيبة"، كان يفخر أن والدته من شرفاء واد نون / الاخصاص، ولا يكف عن تهجيتنا اسمها: جميعة بنت لحسن دواعراب.. واختها خديجة (بتسكين الخاء) التي بحثت عنها إلى آخر رمق من حياتها...
يحكي لنا الهجرات أو "الترانسفير" كما عاشوه وتشتتوا وصار الواحد يبحث عن الآخر في الستينات، ليصادف قبرا هنا ورحيلا أو ترحيلا آخر هناك...
ومع ذلك وأنا المنتمي إلى "إلى الأمام"، الممتلئ غيظا تجاه نظام برمته، والذي عايش فورة الحركتين التلاميذية والطلابية، بل حتى إرهاصات ولادة "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" من خلال زملاء الدراسة وكتاباتهم الحائطية، ومعلقاتهم في بيوتهم في "شارع الفداء"، وأخص صديقي "الوالي البوللي الركيبي" (لا أدري إن كان بالحياة أو الممات)...
كنا نجمع بين رغبة التخلص من نظام يقهرنا واستعمار يحتلنا، وفي إلى الأمام وجدت يومها الربط بين ما قد لا يرتبط، بين التخلص من ربقة النظام ومناصرة "الجبهة" كي تساعد ونعود للوحدة (للمزورين للتاريخ، موقف إلى الأمام كان: الصحراء مغربية تاريخيا وتقرير المصير يجب أن يقود لإعادة الوحدة على أسس وطنية ديمقراطية، ولم يكن قط في يوم من الأيام فكرة انفصالية، بل بؤرة ثورية)...
ما علينا، قرر الوالدُ، من دون لحظة تفكيرٍ، الذهابَ للمسيرة، ولم نكن نملك مدخرات للمجهول... ووحدي كان علي أن أتحمل مسؤولية الإخوة والأخوات والوالدة، وأُزاوج بين الثانوية وكسب العيش.. ومسؤوليات العمل التنظيمي والانخراط الجمعوي...
حتى الدراجة النارية "موبيليت" التي أوصاني ببيعها حال الأزمة.. نسي أن يترك لي وكالة مفوضة بكذا بيع..
لم أصمه بالخائن، والمخزني أو المتمخزن، ولم يصمني لا بالانفصالي ولا بالخائن.. كان يقول لي حينما تحتد نقاشاتنا: "الموخربيق"...
وفعلا مع توالي العقود، اكتشفت أنه هو الذي تصرف على سجيته وكان الأبسط من بسيط أقوى مني حجة وثقافة أنا "المتثاقف" يومها...
لقد كنت "مخربقا" لأنني لم أنتبه إلى "لعبة الدول" التي أدركتها متأخرا، حينما تحوّل موقف "إلى الأمام" من "الصحراء مغربية تاريخيا" إلى "الجمهورية" و"استراتيجية الثورة في غرب الوطن العربي"... نوضوا على سلامتكم... الشعب عاق وفاق..