للتواصل معنا
البريد الإلكتروني: [[email protected]]
شبّهوا المغاربة في الشواطئ والمسابح بالجاهلية.. حراس وعسس "الأخلاق" بين "كوفيد" و"حركة التوحيد"
حسن عين الحياة
في الوقت الذي بدأ المغاربة يتنفسون، بصعوبة، نسيم هواء ما بعد الحجر صحي، ويتخلصون من أعباء الطوارئ المفروضة على بعض المدن "الله يطلق سراحها"، وشرعوا يسيحون في أرض الله الواسعة بغرض الاستجمام في الشواطئ والجبال والقرى للتخفيف من وطأة "الكافر بالله تاع كوفيد"، خرج من يريد أن يلعب دور الحارس العام على القيم و"العسَّاس" الأول على الأخلاق، والمراقب الأعلى للقلوب التي تميل بالفطرة إلى كل شيء جميل.
إذا كان تبرّج الجاهلية هو كشف شيء من الشعر أو الذراع أو الساق فماذا نقول عن هذه الأحوال التي تُحكى عن شواطئ ومسابح المسلمين حيث اختلاط الرجال بالنساء والفتيات بالشبان في عري فاضح
الحديث هنا ينطبق على حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي للبيجيدي، الذي يقوده رئيس حكومة عمَّم قبل أيام منشورا على المسؤوليين الحكوميين، يحثهم على قضاء العطلة في المغرب، والاستجمام في طبيعته والسباحة في بحاره والتجول بين جباله، دعما للسياحة الوطنية، وكأن لسان حاله يقول "ديالنا ما يديه غيرنا".
لكن الحاصل، أن الحركة التي تخرّج منها رئيس الحكومة بدرجة داعية، تريد للمغاربة أن يستجموا بـ"ما يرضي الله"، وأن يضع السواد الأعظم من الأمة "هذا إلى سافرو مساكن مع هاذ الزْلَط" نظارات سوداء، باعتبارها أنجع وسيلة لـ"غض البصر"، ولتسرب الحد الأدنى من الجمال إلى عيون البشر "الزائغة"، من وجهة نظر أصحاب الحركة "اللي طارت منها البركة".
لعل السي العثماني الذي أجبر المسؤولين على قضاء العطلة في المغرب دون أن يحدد "الحلال والحرام" ترك لكتيبته في الجناح الدعوي الجهر بما تيسر من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر
أمس الجمعة، نشرت هذه الحركة على جدارها الفايسبوكي شريط فيديو بطريقة الـ"الديريكت" فيما يشبه "خطبة الجمعة"، للدكتور أوس رمال، يلقي من خلاله موعظة بعنوان: "لنجعل صيف 2020 صيف حياء...".. وتحدث فيها، بلسان الحركة طبعا، عن ضرورة التزام المغاربة باللباس الشرعي وهم سائحون في أرض الله الواسعة، قائلا: "في الصيف، الناس يتخففون من اللباس وهو أمر عادي وطبيعي، لكن هذا التخفف من اللباس، إذا تجاوز حد الحياء، أصبح عريا وتبرجا مذموما". ثم تحدث عن تبرج الجاهلية، قائلا: "إذا كان تبرج الجاهلية هو كشف شيء من الشعر أو الذراع أو الساق، فماذا نقول عن هذه الأحوال التي تُحكى عن شواطئ ومسابح المسلمين، حيث اختلاط الرجال بالنساء والفتيات بالشبان في عري فاضح، شبه كامل، وتبرج سافر يستحيي المرء حتى من وصفه".
هذا الحديث، يعني، بالنسبة للحركة ودكتورها، أمرين اثنين:
أولا: إما أن نغلق المسابح ونمنع الاستجمام في الشواطئ، أو نفصل بين الجنسين كما فعل أحد "البوجاديين" في مقاطعة من مقاطعات مدينة تمارة، وبالتالي فالحركة هنا تضرب في "الزيرو" رغبة ابنها "الشرعي" السي العثماني الذي أجبر المسؤولين الحكوميين على قضاء العطلة في المغرب، ودعم السياحة الداخلية، من خلال ارتياد الفنادق بمسابحها، والشواطئ بمرافقها، دون أن يحدد "الحلال والحرام" منها.. أو أن رئيس الحكومة قال الشطر الأول من الكلام، وتكلفت كتيبته في الجناح الدعوي بنشر الجزء الثاني من الكلام، الذي لا يستطيع العثماني الجهر به، "من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر"، أمام الملأ، بالنظر إلى منصبه الحكومي الرفيع، وهنا "بين السّْنة واللحم فين كتهجم الميكروبات".
لم يبق للعثماني إلا أن يصدر مرسوما بإحداث شرطة خاصة مزودة بـ"الميترو" لقياس درجة الحياء و"مسويطة" مصنوعة من ذيل البعير حتى تجتمع فيها شروط الجَلد لزجر المخالفين
ثانيا: إذا لم نتمكن من إغلاق المسابح ومنع الاستجمام بالشواطئ للأسباب التي ذكرها الواعظ بلسان الحركة، فيجب فتحها في وجه المغاربة، مع إلزام الرجال والنساء بارتداء اللباس الشرعي، للرجل حق ارتداء "شورط يغطي تحت الركبة"، وللمرأة ارتداء كل شيء من شأنه أن يغطي شعرها وذراعيها وساقيها، حتى لا يندرجن في زمرة الجاهلية مع قوم بني مخزوم وجُمَحْ وعدي وعبد مناف وبني كلب و"العياذ بالله". وفي هذه الحالة، يجب على العثماني أن يصدر مرسوما بإحداث شرطة خاصة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مزودة بـ"الميترو" جهاز لقياس درجة الحياء و"مسويطة" مصنوعة من ذيل البعير حتى تجتمع فيها شروط الجَلد. ثم تتجول في الوحدات السياحية والشواطئ المغربية، لزجر المخالفين.. وظيفتها الأساسية، مراقبة النظرات في الحد الأقصى "من غض البصر"، وقياس درجة السَكنات، التي تتفاعل مع الجمال، وحساب عدد التنهيديات التي قد تبطل "ربعين عام تاع الصلاة"، كما قال أحد المشاييخ المشارقة ذات فتوى طائشة.
للأسف، عوض أن تنخرط الحركة في مشروع يخفف على "كحل الراس" أعباء كورونا، وتساهم من خلال موقعها الدعوي، في الرفع من منسوب الطمأنينة في نفوس الناس، عادت بنا إلى عهد الجاهلية، واستدرجتنا إلى بعض التمثلاث التي برزت في زمن الدواعش، وروجت من خلال واعظها أن كل المغاربة الذين تخففوا من اللباس بفعل الحرارة المفرطة ويسبحون في الشواطئ والمسابح حاليا "قلالين الحيا" ومتبرجون وسافرون.. والأدهى من ذلك، نصبت نفسها وصية على الأخلاق والقيم، والحارسة الأولى في المملكة على "الحياء"..
"الحاصول الإخوان.. اللسان ثقال وبعد هاذ الشي ما بقى ما يتقال.. دوزو بخير".
