كنوبس يضحك على الذقون.. إعفاء المؤمّنين من ملصقات الثمن العمومي والاكتفاء بالرمز الشريطي
الكاتب :
"الغد 24"
تحليل: نجيب الخريشي
خلق الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي "كنوبس"، مؤخرا، الكثير من الضجيج ببلاغ يتحدث عن "إعفاء المؤمّنين من إجبارية تقديم الملصقات المتضمنة للثمن العمومي للدواء PPV، التي تحملها علب الأدوية عند إيداع طلبات التعويض عن ملفات المرض المتضمنة لمصاريف الأدوية"، وأن هذا القرار، الذي سيصبح ساريا ابتداء من اليوم السبت 2 يناير 2021، يندرج في إطار سياسة تبسيط مساطر وإجراءات التأمين الإجباري عن المرض!
خرج علينا هذا "الكنوبس"، ببلاغ كله "خوا خاوي"، لدر الرماد في عيون المنخرطين، ولحجب ما ينبغي أن يكون، لكن الغريب في الأمر هو التهليل والتطبيل الذي رافق البلاغ، الذي اعتُبر، في نظر أصحابه، من قبيل "الفتح المبين"، و"سبق إنساني وتضامني" لفائدة ملايين المنخرطين في التأمين الصحي الإجباري والأساسي عن المرض وذوي حقوقهم في نظام AMO.
البلاغ نفسه نفخت فيه قنوات عمومية وصحف ومواقع إلكترونية، وكأنه اختراع مكين، فيما الهدف هو تسكين المنخرطين، بجعلهم يشعرون وكأنهم في دائرة اهتمام إدارة كنوبس، وأنها تتحرك لما فيه مصلحتهم... كانت حملة تجميلية تضليلية من إدارة كنوبس لإخفاء وجهها الحقيقي المليء بتجاعيد شيخوختها ومرارة إخفاقاتها التي لا تخفي كل عمليات التجميل والتضليل لإخفاء سوءاتها...
البلاغ صدر في "الدقيقة تسعين"، كما يُقال، أي يوم 30 دجنبر 2020، حتى لا تكون سنة بيضاء دون أن يزفّ كنوبس للمنخرطين خبر إعفائهم من مشقة إرسال ملصقات الثمن العمومي PPR مع ورقة المرض، والاكتفاء فقط بملصقات الرمز الشريطي CODE BARRE.
لقد تمخض الجبل فولد فأرا، فهذا القرار هو قرار إداري عادي وبسيط جدا، ولن يجني من ورائه المنخرط أية فائدة، اللهم فقط إن رأوا فيه ما يعين ويضبط مبيعات الصيدلي، فذاك شأن يهم من لديه مصالح ما مع الصيادلة ولا يهم في شيء عموم المنخرطين...
إن المنخرطين في التأمين الصحي الإجباري عن المرض سواء أرسلوا ملصقات الثمن من عدمها، فلن يغير في شيء من الإجحاف في حقهم الذي مازال مستمرا، وذلك نتيجة تأديتهم لأثمنة فاتورة الأدوية بالصيدليات والعلاجات بالمصحات والاستشارات الطبية بالعيادات مسبقا، وانتظار التعويض من الصندوق المُدبِّر CNOPS، وكأننا مازالنا تحت نظام التأمين الاختياري القديم، وليس التأمين الإجباري المحدث بقانون 65.00! هنا المعضلة، التي يفترض أن ينكب عليها كنوبس عوض إصدار بلاغ لا يخرج عن الجعجعة دون طحين...
إن تطوير الحماية الاجتماعية التضامنية ليست بنقص الملصقات...
فإلى متى ستسمر حكومة التغوّل، ومعها الجهات المسؤولة على نظام التأمين الصحي AMO، في عدم إنزال الاتفاقية الوطنية التي سبق ان أبرمت مع الهيئة الوطنية للصيادلة في 15 مارس 2016، وتوقفت لأسباب ترجع لإدارة الصندوق المدبر CNOPS, ومن ضمن أسباب توقف الاتفاقية، حسب هيئة الصيادلة، هناك:
1- مسالة تعويض الصيدلي من طرف الجهة المدبرة CNOPS.
2- تعقيد المساطر الإدارية التي تفرضها إدارة كنوبس على الصيدلي.
3- تراجع ثقة هيئة الصيادلة في الهيئات المدبرة للتأمين الصحي لغياب الضمانات الفعلية التي تحفظ للصيدلي حقوقه المادية داخل الآجال المنصوص عليها في الاتفاقية الوطنية.
ما ينتظره المنخرطون في التأمين الصحي الإجباري هو حماية صحية تضامنية حقيقية أسوة بدول مجاورة تعتبر من أكبر أصدقاء البلد، فانطلاقا من كون صناديق التأمين الصحي أصبحت تحت وصاية الحكومة، ومداخيلها أصبحت إجبارية، فيلزم على الحكومة أن تكون هي الضامنة أمام كل منتجي العلاجات والاستشفاء والأدوية، أن تكون ضامنة فعليا لعلاجاتنا واستشفائنا أولا كحق دستوري، وثانيا لكوننا نسدد مساهمات شهرية إجبارية لصندوق كنوبس.
وإلى متى سيبقى التأمين الصحي الإجباري مرهونا بتدبير عقليات كلاسيكية تعتبر الصندوق من تركتها، فلا يعقل أن يستمر حرمان المنخرطين من التطبيق الفعلي لأهداف نظام التأمين الصحي AMO، ومن أولوياته الحصول على العلاجات والتطبيب والاستشارات الطبية والأدوية من الصيدليات بدون دفع مسبق، اللهم الفارق بين نسب تعويضات صندوق كنوبس والثمن المرجعي الوطني، ومن غير هذا تبقى وكالتنا الوطنية ANAM بصناديقها ومداخيلها المالية جهازا عاقرا عاجزا عن العطاء وعن خدمة المغاربة كما نادى بذلك الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة. فلا تأمين إجباريا بدون ضمانات فعلية وحقيقية من الجهات المدبرة للتأمين الصحي أمام منتجي العلاجات والادوية والاستشفاء...
ومما يؤسف له، أنه في إحدى دول الجوار، لم يعد أصحاب التأمين الإجباري يدفعون كامل ثمن الأدوية في الصيدليات ولا ثمن الاستشارات في العيادات، والأكثر أن المتقاعد مشمول بحماية كاملة...
أما في بلدنا العزيز، فهناك فقط من يبدعون لتسكين المنخرطين ببلاغات يثيرون بها الجعجعة دون طحين، في الوقت الذي نحتاج إلى كفاءات وإلى مدبّرين حكماء ومبدعين يعرفون كيف يتداركون التأخر التاريخي، على الأقل عبر تفعيل الاتفاقيات الوطنية وتوسيع بنودها...