الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
الملك الراحل الحسن الثاني يعزف على آلة الإكوارديون وفي اليسار صورة لأم كلثوم

الحسن الثاني يختار قصيدة سلبت عقل أم كلثوم فتركت الجمهور وصعدت للمنصة لغنائها مع الجوق المغربي

 
حسن عين الحياة
 
في إحدى اعترافاته النادرة، كشف الفنان الراحل صالح الشرقي، الشهير بعزفه على آلة القانون، أن الملك الراحل الحسن الثاني كان يصغي كثيرا للشعر ويقدر بشكل كبير الشعراء، وأن الملك اختار له بنفسه قصائد معينة أثرت فيه من أجل تلحينها.
وفي حواره الطويل مع الدكتور سعيد هبال صاحب كتاب "أصدقاء الملك"، قال الشرقي "أتذكر أن الملك الراحل الحسن الثاني اختار لي عدة أعمال شعرية، وطلب مني بحسه الموسيقي تلحينها، ومن بينها قصيدة (يا من يرى في الضمير ويسمع) للإمام الشافعي وكان معجبا بحمولتها الدينية والصوفية".
وكان الملك الراحل من خلال نهمه الكبير للشعر قد وقف على قصيدة شعرية رائعة للإمام الأندلسي المغربي إبراهيم بن موسى الشاطبي، ولم ير وسيلة من نفض الغبار عنها سوى تحويلها إلى أغنية بلحن وموسيقى رائعين، ولم يخطر بباله آنذاك سوى الموسيقار صالح الشرقي، ليقدمها إليه، وهي قصيدة "يا رسول الله خذ بيدي". وهي قصيدة تسمى أيضا قصيدة "الحجرة النبوية"، حيث قيل إنها نقشت القصيدة جدران الحجرة النبوية الشريفة بالمسجد النبوية الشريف.
وقال الشرقي في بوحه الجميل بأن الحسن الثاني "هو من سلمني أيضا بيده الكريمة قصيدة (يا رسول الله خذ بيدي)، قصد صياغتها في قالب موسيقي".
هذه القصيدة التي كانت من اختيار الراحل الحسن الثاني وتلحين صالح الشرقي سلبت ذات مرة لب أم كلثوم، وجعلها تقف من بين الجمهور بعدما أثرت فيها كثيرا، لتقوم إلى حيث الجوق الموسيقي وتشرع في ترديد لازمتها كما لو أنها هي من تؤديها، قبل أن تقرر غناءها فيما بعد، وهي الحالة الوحيدة في تاريخها الفني التي قبلت فيها كوكب الشرق أداء أغنية من تلحين ملحن مغربي.
وفي إحدى حواراتها النادرة أيضا، توقفت كوكب الشرق عند هذه القصة مع القصيدة، وقالت: "شعب المغرب، شعب فنان بكل ما في الكلمة من معاني، فأثناء الغذاء أو العشاء كانت هناك فرقة موسيقية تغني الموشحات الأندلسية القديمة، وبعدها تتغنى بالابتهالات الدينية، إلى درجة أنه مرة كانت الفرقة تغني (يا رسول الله خذ بيدي) فانفعلت، ونهضت من مكاني وغنيت مع الفرقة، وشرعت في ترديد (يا رسول الله خد بيدي.. أغثنا.. بشكل انفعالي".
وللتفصيل أكثر، كانت أم كلثوم قد حلت بالمغرب سنة 1968، وأقام الأمير الراحل مولاي عبد الله وزوجته لمياء الصلح حفلا على شرفها بقصره، وكان أن دعا "الجوق الوطني" الذي يضم في صفوفه الموسيقار صالح الشرقي لتنشيط الحفل، ومع انطلاق هذا الأخير في أداء، لأول مرة، أغنية "يا رسول الله"، حتى هامت أم كلثوم بكلماتها وسحر ألحانها.
يقول صالح الشرقي "لما شرعنا في تقديم الأنشودة، استرعى انتباهي أن أم كلثوم تنصت للأغنية باهتمام شديد، ونادت على أحد أعضاء المجموعة ليسمعها كلمات القصيدة" التي اختارها الحسن الثاني، وفجأة، يضيف المتحدث، وقفَت "كوكب الشرق" من مكانها كالهرم، "تقدمت نحو الفرقة الموسيقية في لحظة مؤثرة بالنسبة لي، ارتبكت شخصيا خلالها، فقدت توازني وغابت الأوتار عن عيوني، وأنا أرى وأسمع أم كلثوم بتاريخها الفني وصوتها الساحر، تنشد معنا في اندماج غنائي (يا رسول الله خذ بيدي)".
وبحسب هذا الفنان، فقد غنت أم كلثوم هذه القصيدة، وسجلها التلفزيون، كما تحتفظ الخزانة الإذاعية بتسجيل صوتي للأغنية، كان قد سالمها صالح الشرقي شخصيا للإذاعة الوطنية.