للتواصل معنا
البريد الإلكتروني: [[email protected]]
الملك الراحل الحسن الثاني نائم في غرفة جمعت خاصة الخاصة.. وعلى رأسهم بينبين في يسار الصورة
الملك شاعر في الغزل.. استمتع مع قصيدة الحسن الثاني التي كتبها عن فتاة بأسلوب العاشقين القدامى
حسن عين الحياة
رغم رصيده الثقافي والفكري الخصيب، وإلمامه الواسع بالأدب وتشعباته، إلا أنه لم يخرج للعلن إلا في مناسبات قليلة جدا، ذلك أن واجب التحفظ الذي تمليه عليه "وظيفته" كمؤنس للملك الراحل، كانت تجعله كاتما للأسرار، لا يكشف إلا عما يراه مناسبا منها.. الأمر هنا يتعلق بواحد من الأهرامات المغربية في مجال الأدب والفكر الراحل محمد بينبين.
ففي إحدى اعترافاته النادرة، كشف بينبين أن الملك الراحل كان يتذوق الكلمة الموزونة، الحبلى بالدلالات والصور الشعرية، حيث قال "كان الملك المرحوم شاعرا"، وهو اعتراف نابع من رجل استثنائي، ميزه الله عن كثير من خلقه بميزة الحفظ، حيث كان يحفظ ديوانا شعريا بمجرد سماعه لمرة واحدة، وأيضا ذو إلمام واسع بضروب الشعر وخصائص الشعراء ممن أبدعوا في الغزل والهجو والمديح...
وكشف بينبين أنه خلال إحدى الليالي الرمضانية بقصر الدار البيضاء، دعاه الملك كي ينصت إلى قصيدة من إبداعه الخاص، للأسف، لم يكشف عنها المؤنس، مكتفيا بذكر بعض أبياتها، وهي قصيدة حسب بينبين، كان الحسن الثاني قد كتبها في عز شبابه يتغزل فيها في فتاة، مما يبرز جانبا آخر في شخصية الملك الراحل.
وقال بينبين "دعاني الملك تلك الليلة لسماع قصيدة من إنشاده، كان قد كتبها في عنفوان شبابه يتغزل فيها في فتاة، يقول مطلعها:
"لها نهد كأنه حُقَّ عاج.. وذراع يستلفت النظرات
فلا يوم قضيته في هناء.. ولا ليل تعيش فيه حياتي.
ولأن المقام يفرض على المستمع مجارات إيقاع الملك الذي سار في نظم البيت على منوال العاشعين القدامى من أمثال عنترة بن شداد وجميل بثينة ...، لم يجد بينبين بدا من مناظرة الملك في شعره، ليضيف منشدا:
حيي وأهتف بأجمل الذكريات... وأشذب الشعر رائع النغمات
شعر خير الملوك قولا وفعلا.. حسني سيد الحمى والحماة
واستمرت المناظرة بين الشاعر الحسن الثاني ومؤنسه إلى وقت متأخر من الليل، حتى اكتملت القصيدة بإبداع من خمسين بيتا.
وبحسب بينبين، كان الحسن الثاني – فضلا عن كتباته للشعر – يحفظ الكثير من القصائد الشعرية، وكان من بين من حفظ لهم، عنترة بن شداد والحراث بن حلزة، كما كان أقرب الشعر إلى قلبه، شعر الحكمة وشعر الحروب، ناهيك عن ولعه بالمقامات، خاصة مقامات الحريري، حيث كان لا يبيت ليلة إلا وقرأ بينبين على مسامع مقامة إلى أن يخلد إلى النوم.
