الملك والتقشاب.. الحسن الثاني يضحك بشدة على صلعة مولاي أحمد العلوي أمام وزرائه في اجتماع رسمي
الكاتب :
حسن عين الحياة
حسن عين الحياة
كان الملك الراحل الحسن الثاني، بالرغم من صرامته، ميَّالا للترفيه، ومحبا للقفاشات و"التقشاب"، بالقدر الذي جعله يرفع التكاليف بينه وبين اثنين من رجالاته، مؤنسه المراكشي "الفقيه بين بين" ووزيره القوي آنذاك مولاي أحمد العلوي. فالأول كان يحلو له "التقشاب معاه"، بينما الثاني، فقد كان يستفزه للوقوف عند ردة فعله، التي قد يتلفظ من خلالها بكلام غير منضبط، الأمر الذي تنشرح له أسارير الملك الراحل، فذات مرة، يقول سعيد هبال، صاحب كتاب "أصدقاء الملك"، استفز الحسن الثاني مولاي أحمد العلوي بمجلس وزاري، فما كان من وزيره الاستثنائي غير حمل "بلغته" والانصراف قائلا أمام الملك ووزيره الأول، وباقي أعضاء الحكومة "رباعة تاع الدراري".. وعند خروجه تعثر بإحدى الزرابي.. مما أضحك الملك الذي كان يطيب له أن يثير وزيره للوقوف عند مواقفه الساخرة.
هذا النوع من التقشاب كان يجري أيضا حتى مع مؤنسه الفقيه "بين بين" الذي كان أيضا قطب الرحى في كل ما من شأنه تسلية الحسن الثاني.
في إحدى الأيام، يقول هبال، كان الحسن الثاني يتجول رفقة "بين بين" بقصر مراكش، وبينما هما يتحدثان، أطلع الملك مؤنسه على بعض الإصلاحات التي أجراها بالقصر، وضمنها "خُصَة" رخامية بديعة، فسأله الملك عن رأيه فيها، ولأن "بين بين" كان حسب الذين يعرفونه مثقفا كبيراً وعلامة وموسوعة فيما يخص المعمار الإسلامي، فقد أجاب الملك بلكنته المراكشية "أمولاي هاذ الخصة راها مبرهشة.. ما عندها لا طابع موحدي ولا واخدة من المعمار السعدي ولا كذا.. ولا كذا.." ثم أخذ يشرح له خصوصيات الفن المعماري عند كل حضارة مغربية، فسأله الحسن الثاني مرة أخرى "إيوا آشنو هاذي ولاش كاتشبه.." فرد بين بين "أنا كايبان ليا هاذ الخصة أمولاي ما كاتشبه إلا لصلعة مولاي أحمد العلوي".. توقف الملك في مكانه وأخذ يضحك بشدة على هذا التشبيه الغريب.. ولأنه كان أحيانا يحب أن يشرك المحيطين به في بعض المواقف الساخرة التي تثيره، فقد انتظر إلى غاية انعقاد إحدى الجلسات التي ضمت بعض الوزراء، فنادى على "بين بين" ليفاجئه: "قول لينا ديك الخصة للي فالقصر تاع مراكش لاش كتشبه.." أحجم "بين بين" حينها على الكلام استحياء من الجميع، لكن الحسن الثاني، حسب هبال، تدخل بصيغة الآمر واعدا إياه بالعتاب إن لم يفصح يجيب.. آنذاك أجابه مؤنسه "كاتشبه أمولاي لصلعة مولاي أحمد العلوي"، فانفجر الكل ضاحكا، إلا العلوي الذي كاد أن يموت من شدة الغضب.