من كثرة ما أصاب فيروس كورونا رفاقا أحبة أعزاء، بتّ أكره تفاهة المتشككين في وجود الجائحة وفي عملية التلقيح المضاد لكوفيد-19... اليوم، فقط، علمت بإصابة رفيقي العزيو الجميل حكيم عنكر بفيروس كورونا، والأدهى والجارح أنه متمكّن منه، ويوجد حاليا في حالة حرجة في غرفة الإنعاش بمستشفى الشيخ خليفة بالدارالبيضاء...
حكيم عنكر ليس ككل الزملاء والرفاق والأصدقاء، إنه حكيمنا الذي أحببته يوما، وسأبقى أحبه دوما، منذ التقيته في مدينة الجديدة، التي كنت جئتها، ذات سنة، لأشرف على تأسيس فرع لحركة الشبيبة الديمقراطية، ومنعتنا السلطات، وأذكر أنني ذهبت إلى الباشا في مكتبه، ولعلي في ذلك اليوم صرخت في وجهه، كل ما بقي عالقا بذاكرتي أنه كاد يسقط مغميا عليه...
وفضلا عن ذلك، كنت مكلفا، في قيادة حركة الشبيبة الديمقراطية، بالإشراف على مناضلينا في فصيل الطلبة الديمقراطيين... وكان الرفيق حكيم واحدا من كوكبة من الرفيقات والرفاق الجميلين، في قلعة الجديدة، منهم أيضا عبد اللطيف فدواش ويوسف غويركات والطاهر حمزاوي ومولاي إدريس البغلي وفاتح حميم وعبد الإله زغلول وزهيرة الرافعي وفوزية التدري ونجاة النرسي وفاطمة الطوسي ومليكة حاجي ويوسف الساكت ومحفوظ الجباري وبودشيرة...
لكن حكمة رفيقنا الدكالي حكيم لم تكن تمنعه من أن يكون مناضلا صلبا، مقداما، وأن يتعرّض للاعتقال وللسجن...
صدر لرفيقنا الجميل ديوانا شعر، أحدهما من منشورات اتحاد كتاب المغرب بعنوان "رمل الغريب"...
خارج علاقات الصداقة والرفاقية، وفضلا عن المسؤوليات السياسية، التي تحملها حكيم عنكر، كعضو في المكتب الوطني لحركة الشبيبة الديمقراطية، وعضو اللجنة المركزية لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، كانت تربطنا علاقات زمالة استثنائية، فحكيم عنكر أعتبره، شخصيا، واحدا من كبار الصحافيين المغاربة، عندما يكتب، وهذه من حالاتي النادرة، كنت أتحوّل من رئيس تحرير إلى قارئ يعيش مع حكيم لحظات في غاية المتعة، في كل شيء يكتبه، من المقالة إلى البروفايل إلى الروبورطاج، ينقلك حكيم إلى عوالم أخرى، مطبوعة بخصوصيته العنكرية، ولذلك، يستحيل على أي أحد يعرفه ألا يحبه، مثلما يستحيل على أي قارئ له ألا يمتّعه...
حكيم زميل "مجاهد"، وهو "مجاهد" حقيقي في جرائد مررنا بها معا، جاهد في "أنوال"، وجاهد في "الأنوار"، وجاهد في "المنظمة"...، وكل ما أرجوه منك، أيها العزيز الغالي، أن تجاهد اليوم أضعاف ما كنته في الماضي، كل ما آمله وأتمناه، بل كل ما أريده وأطلبه وآمره أن ينفذه، لو كانت الأرواح تتناجى، أن تجاهد وتجاهد وتجاهد في معركة الجائحة، لتعود معافى إلى أسرتك الصغيرة، وإلى أسرتك الكبيرة وما أكبرها... أستحضر اللحظة ملامحك، عنفوانك، شموخك، أستحضر ضحكتك وقهقهاتك، أستحضر بسمتك الجميلة الطيبة، استعملْها الآن، وجاهد لتتعافى وتتشافى وتتلاقى مع كل أحبتك، ليسلموا عليك ويقولوا لك كم يحبونك... سلامتك أيها العزيز...