للتواصل معنا
البريد الإلكتروني: [[email protected]]
كوكبة من المناضلين الفرسان غادرتنا على التوالي وإلى الأبد، الرفاق الصوابني وبلكبير ونزهري وبن المقدم والسوسي وطليمات، رموز لجيل تكبد في السجون والحياة النضالية اليومية قساوة أحلامه، وهم جميعا أبناء لمدرسة منظمة 23 مارس ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وهي مدرسة بحق وعن جدارة واستحقاق
الممارسة السياسية، عندَ منْ رحلوا ومن لا يزالون على قيد الحياة، تربية ثقافية على تمثُّل القيم الإنسانية العليا. وهذا ما يفسر أن جل مناضلي المنظمة في السابق يشعرون في الراهن بحالة اغتراب عامة، لما اعترى عالم اليوم من تحولات قيمية كبرى أغرقت في "تبضيع" العلاقات الاجتماعية بين البشر
ما كنت أسعى إلى تقديم تحليل لما كان عليه هذا الجيل، ولما عليه اليوم. وإنما كان مسعاي أن أُقرّب مجمل هذه التجربة النضالية لجيل تطلع إلى الأفق الإنساني البعيد، ومارس السياسة "ثقافة وتربية"، ومنه هذه الكوكبة الرائعة التي رحلت عن مدارنا اليومي، وكانت بلا مبالغة فرسان هذا المشروع الذي لم يستكمل بعد
لعلها مفارقة في الظاهر أن يجتمع التواضع الأخلاقي والشخصية الشفافة بالصمود السياسي الواثق من نفسه، حتى في أحلك ظروف القمع والتعذيب الجسدي، وأغلبهم ذاق مرارة السجون. والحق أنهما صنوان، كل منهما ركيزة وحصانة للأخر
إذا ما تأملنا الممارسة السياسية لهؤلاء الفرسان، لأدركنا خطها البياني المتصاعد نحو المزيد من العقلانية والمطابقة التاريخية، بدءا من انخراطهم في المراجعة النقدية الشاملة، التي أجرتها منظمة 23 مارس، والتي جسدتها منظمة العمل الديمقراطي الشعبي لِما سعت إليه غايتها في "دمقرطة المجتمع ودمقرطة الدولة"
كانت كلمتهم الأخيرة، التمسك بالمشروع الأصلي، الذي لم يُستكمل بعد، والخطوة الأولى على طريقه، إعادة بناء اليسار، وتوحيد أجوبته على المستجدات الراهنة. ولا طريق آخر للنهوض مجددا غير وحدة اليسار أولا وأساساً. انها المهمة العاجلة التي تركوها لبقية الجيل ولنفس المشروع الذي نذروا حياتهم من أجله