الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
شهداء الواجب الوطني خلال الجريمة الإرهابية لمجندي البوليساريو

أكديم إزيك 10 أكتوبر.. 10 سنوات على الجريمة.. الذكرى والعظة

 
نوفل البعمري
 
 
يوم 10 أكتوبر 2020 يرتبط لدى المغاربة بموعد آخر خارجة محطتين تاريخيتين وطنية وأممية، الأولى ترتبط باليوم الوطني للمرأة المغربية، والثاني باليوم العالمي للمطالبة بأغلغاء عقوبة الإعدام.. يوم 10 أكتوبر 2020، موعد آخر يؤرخ لمرور 10 سنوات على الأحداث الأليمة لمخيم أكديم إزيك، التي اتخذت طابعا إجراميا خطيرا راح ضحيته العشرات من أفراد القوات المساعدة والدرك الملكي والوقاية المدنية من خيرة شباب هذا البلد، الذين كانوا يتطلعون لشق مسار مهني قوي، وكانت لهم أحلامهم الجميلة، لكن شاءت الأقدار أن يكونوا ضحية أفعال إجرامية لا يمكن وصفها إلا بالإرهابية، نظرا لخطورتها ولحجم البشاعة واللإنسانية التي مورست فيها...
 
لنعد قليلا إلى الوراء، إلى بداية شهر أكتوبر 2010، حين انطلق تشييد مخيم يحمل مطالب اجتماعية عادية وعادلة تتعلق بتحسين ظروف العيش... وبعد أيام قليلة من انطلاقه دخلت على الخط العناصر التي كانت تدربت في جامعة بومرداس، والتي اختيرت بعناية سنة 2009، قبل الأحداث بأشهر قليلة، حيث تلقوا تدريبا عسكريا وبدنيا في إشاعة الفوضى، كانت تدخل ضمن الأجندة التي وضعت آنذاك لتقسيم الشعوب والدول وزرع الفوضى وتدمير دول المنطقة، ألم يقل نعوم تومشكي إن مخيم أكديم إزيك كان شرارة ما سمي بالربيع العربي، ويكفي العودة لأرشيف قناة "الجزيرة" لمشاهدة طريقة تغطيتها للأحداث وللمخيم لنكتشف حجم المؤامرة التي كان على المغرب والمنطقة التي يراد لها أن تنطلق من الجنوب المغربي، ففي تلك اللحظة كانت "الجزيرة" عرابة عمليات تخريب المنطقة والدعامة الإعلامية لها، وبعد فشل المخيم، انتقلت العمليات إلى باقي الدول العربية، التي اشتعلت فيها النيران، والتي مازالت بعضها مشتعلة إلى اليوم...
 
دخول العناصر التي تدربت في بومرداس على الخط، وتسللهم إلى المخيم، ثم التحكم فيه بالقوة، أعطى للمخيم بعدا آخر، بعدا سياسيا ثم إجراميا، هذه العناصر التي كانت قد تدربت جيدا عمدت إلى إعادة توزيع المخيم إلى شبه "دولة"، فقامت بتقسيم المخيم إلى دوائر، وعلى كل دائر مسؤول أمني، إلى أن وصلوا إلى ما أسموه بوالي أمن المخيم، ثم عمدوا إلى تطويق المخيم بعناصر مدججة بمختلف الأسلحة من سواطير وسيوف... وتمت محاصرته، وتم بناء نقط تفتيش ومراقبة لكل الوافدين على المخيم، حيث لا يتم الدخول والخروج إلا بعد الخضوع للتفتيش والمرور من عدة نقط "أمنية" فرضتها هذه العناصر التي حولت للأسف المحتجين إلى رهائن لديها، ثم حددوا ناطقا رسميا باسم المخيم، الذي لم يكن غير النعمة أسفاري، الذي كان يلتقي الصحافيين ويتواصل مع الإعلام الدولي، خاصة الإسباني...
 
وبعد أيام قليلة، كان المخيم قد أصبح مطوقا ومتحكما فيه من قبل هذه العناصر، وتم السطو عليه وتحويل مساره من مخيم بمطالب اجتماعية مشروعة إلى مخيم يدخل ضمن أجندة سياسية في المنطقة مرتبطة بأجندات دولية لتقسيم وتدمير وإضعاف الدول...
 
بعد مرور عدة أيام على المخيم، انطلقت الدولة في الحوار مع المعتصمين، وكانت كلما تقدمت في الحوار إلا وتجد نفسها بفعل هذه العناصر التي كانت تعرقل التوصل لأي حل تعود للوراء ولنقطة الصفر... ورغم ذلك، قادت الدولة الحوار بصير إلى أن استجابت لجل المطالب، غالبيتها يتعلق بالحصول على بطاقة إنعاش، وبقع أرضية وشقق للسكن، وفرص شغل للشباب، وانطلقوا في تحديد اللوائح ممن سيستفيد من هذه المطالب، إلى أن وصلنا إلى شهر نوفمبر، وكلما تقدم الحوار إلا وازداد حجم التحكم في المخيم من قبل هذه العناصر، إلى اليوم الذي تم الاتفاق فيه بين لجنة الحوار واللجنة التي كانت مكلفة باسم الدولة للحوار معهم قصد تفكيك المخيم والسماح للمعتصمين بالعودة إلى منازلهم، حيث تم توفير حافلات لنقل المعتصمين إلى العيون، ففوجئ الجميع ببلاغ يصدر من داخل المخيم يرفض نتائج الحوار، ويتوعد بالتصعيد، مستغلين قرب حدث المسيرة الخضراء لتفجير المخيم تزامنا مع الاحتفالات الوطنية به، ساعتها قررت الدولة تفكيك المخيم، حيث أمرت عناصرها من أفراد القوات المساعدة والدرك الملكي بالتدخل يشكل سلمي دون أن يكونوا حاملين لأية أسلحة، تفاديا لأي إراقة دماء ورغبة في أن يكون التفكيك سلميا، وحتى تضيع الدولة الفرصة على تلك المجموعة التي أصبحت متحكمة في المخيم أن تدفع المعتصمين الأبرياء نحو حتفهم...
 
لكن المفاجأة كانت صادمة، رد فعل عنيف وقذر من قبل هذه العناصر التي انضاف لها كومندو قدم من المخيمات، ارتكبوا أبشع الجرائم في حق أفراد القوات المساعدة المغربية والدرك الملكي... قاموا بأعمال قتل وحشية، تمت عمليات ذبح من الوريد الي الوريد، وتم التبول والتنكيل بالجثث، وأمعنوا في الاعتداء على عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، منهم من أصابهم الشلل، ومنهم من يعانون للآن من الآثار النفسية لما شهدوه من جرائم بشعة لا إنسانية... ولم يسلم من هذه الاعتداءات أفراد الوقاية المدنية، الذين تدخلوا لإطفاء الحرائق، التي أشعلها تلك العناصر... لتكون الحصيلة كارثية، سقوط أرواح من شهداء الواجب الوطني الذين ضحوا بأرواحهم فداء للوطن...
 
إنها باختصار شديد الأحداث التي واكبت المخيم، وصولا ليوم انفجار الوضع، وسقوط هؤلاء الضحايا...
 
المخيم هو عنوان للجرائم وللعقلية الداعشية، التي تحكم البوليساريو وتحرك عناصره...
 
والمخيم، من جهة أخرى، هو عنوان المسؤولية الوطنية، هو عنوان إرادة الدولة على الحوار وعلى فتح أبواب العودة إلى الرُّشد أمام كل أبناء الوطن، بمن فيهم أبناؤها الضالون... لكن المخيم هو أيضا عنوان الحزم الوطني المصيري، حيث الوطن لا يمكن أن يقبل، بأي شكل من الأشكال، أن يسمح لفئة من العابثين أن يهدوا جدرانه، ويمسوا وحدته، وأن الوطن وحده الذي يبقى، أما التخريب والتسيب والتشويش والانفصال فإلى زوال...
 
رحم الله شهداء الوطن والواجب.