الجيش اللبناني في حالة تأهب عسكري عقب قرار المحكمة الدولية
المحكمة الدولية تقتله مرتين.. ولبنانيون يسخرون: رفيق الحريري انتحر ولم يغتله أحد
الكاتب :
"الغد 24" والوكالات
ما إن سُمعت في قاعة المحكمة الدوليّة في لاهاي عبارة "لا دليل على ضلوع حزب الله وسوريا في عمليّة اغتيال الرئيس رفيق الحريري"، حتى انهالت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان منتقدة المحكمة التي احتاجت الى سنواتٍ عدّة لتخرج بخلاصات غريبة، إلى درجة أن عددا من اللبنانيين علقوا، في مواقع التواصل الاجتماعي، بالقول إن رفيق الحريري لم يقتله أحد وإنما مات منتحرا...
وسخر اللبنانيون من خلاصات المحكمة الدولية، فهي تدين القاتل القيادي في حزب الله، وتؤكد أن المتهمين الأربعة المرتبطين بـحزب الله لفّقوا مسؤولية التفجير، لضمان ألا ينكشفوا، وتشدد على أن اغتيال الحريري عمل سياسي أداره من شكل الحريري تهديدا على أنشطتهم، وأكدت أن الأشخاص المتهمين بالجريمة يرتبطون بجهة منظّمة، والأدلة تشير إلى أن الاغتيال كان سياسيا، بل وقالت المحكمة إن بدر الدين، العضو القيادي في حزب الله، شارك مع المتهمين الأربعة بعملية الاغتيال، وتولى عملية المراقبة، كما قام برصد التنفيذ الفعلي للاعتداء، وتنسيق عملية إعلان المسؤولية المزور لصرف الأنظار، وأعلنت أن اغتيال الحريري كان عملا إرهابيا نفذ بقصد إيجاد حالة ذعر وهلع، والهدف المنشود منه كان زعزعة الاستقرار في لبنان عموما...
وهي نفسها المحكمة التي قالت إنه لا يمكن أن تقتنع أن بدرالدين كان العقل المدبر لاغتيال الحريري، وإن المتهمين الثلاثة الآخرين لا تستطيع إدانتهم لعدم كفاية الأدلة، وإن لحزب الله وسوريا استفادة من اغتيال الحريري، لكن لا يوجد دليل على مسؤولية قيادتي الحزب وسوريا في الاغتيال...
"إيوا فهم تسطى" كما يقول المغاربة، أما اللبنانيون، الذين أصبحوا يميزون بين "الشعب اللبناني" وبين "الحكم الفاسد"، فأطلقوا العنان للسخرية والحزن المتأتي من الإحساس بالظلم، ولوحظ أنّ كثيرين تداولوا هاشتاغ يقول إن "الحريري انتحر ولم يغتله أحد"!
في مواقع التواصل، ثمة الكثير من الاحباط. لم تقدم العدالة الدولية حكماً على قدر آمال هذا الجمهور الذي ينتظر القصاص منذ 15 عاما.. ولم تقدم إدانة، خصوصا أن المحكمة لا تملك محاكمة أحزاب ومنظمات، بل أفراد. يسأل أحدهم: "سارق محفظة على دراجة نارية يحتاج إلى سائق، أي أن المجرمين يكونون اثنين.. فكيف لم تدن المحكمة أكثر من شخص واحد؟"!
والسؤال هنا، يبدو مشروعاً بالنسبة لجمهور علق آماله على محكمة دولية لإظهار العدالة، واقتياد القاتلين الى العقاب. لم ينفك هذا الجمهور يؤكد أنه لا يثق في القضاء اللبناني الذي يعتبره مسيّساً. والآن، جاء الحكم الدولي مخيبا للآمال...
وليس أكثر تعبيراً عن هذه الخيبة، من العنوان الذي نشره موقع "إم تي في" وسرعان ما بدله، حين سأل: "هل انتحر الحريري؟" (بدّلته لاحقاً الى عنوان: كيف علق اللبنانيون على قرار المحكمة الدولية؟). فهذا السؤال الصادر عن قناة تعد رأس حربة في قوى "14 آذار" وذراعاً إعلامية لهذه القوى، يشي بالكثير من الامتعاض والخيبة. ذلك أن الحكم الذي صوره محللون على أنه سيكون "زلزالاً في البلاد"، جاء أقل من المأمول، ولن تكون له تداعيات سياسية...
ومردّ الخيبة إلى ان الحكم، رغم أنه في العمق، يدين الحزب، من خلال إدانة أحد قيادييه، وطرح شبهات حول آخرين. هذا الجانب المكتوم من الحكم، استدعى ردا توضيحيا من ناشطين فسروا للجمهور الممتعض، عبر مقاطع صوتية في "واتساب"، بأن الحكم يدين الحزب في السياسة، لكن في القضاء، يختلف التقدير، كون المحكمة الدولية معنية بمحاكمة أشخاص، لا كيانات، وتحتاج إلى أدلة ملموسة عرف حزب الله كيف يخربها ويعدمها، مثلما جرى في انفجار مرفأ بيروت، إذ إن أول من وصل إلى المكان هم ميليشيات حزب الله، وشرعوا ينقلون معدات مجهولة على شاحنات عسكرية، وشرح المتحدث في "الواتساب" أن ما حصل جيد، لكنه يبقى منوطا بحُسن استخدامه سياسيا...
ويمكن للمغاربة ممن لديهم صداقات في الفايسبوك وتويتر أن يتابعوا الجدل، وعشرات الأسئلة والافتراضات في النقاشات المستفيضة، التي يتخللها بين الحين والآخر مندس من زمرة حزب الله، يستفزهم بأنهم هم من قتلوا رفيق الحريري، وليس بمستطاع أي كان أن يشير إليهم بأصابع الاتهام، قبل أن يختم بتوجيه التهديدات بـ"السحل والقتل"... وسرعان ما ينتبهوا إليه، فيطردونه شر طردة... ليواصلوا النقاش حول الحكم "الهزيل"، و"الناقص"، الذي لا يوازي الحدث، خصوصا أن المتهم المُدان في المحكمة لا يزال مستترا، وهو مجهول بالنسبة إلى كثيرين، ومحميّ من ميليشيات حزب الله...
وتزداد الخيبة، نتيجة التعليقات التي وردت على حكم المحكمة من خصوم "المستقبل"، بالسؤال عن الجدوى من دفع 800 مليون دولار لقاء حكم لا يدين حزب الله، على الأقل في الشكل، وأنها قالت، بعد سنوات طويلة، ما قيل في السنة الثانية، بل إنها قالت، بحسب هؤلاء المعلقين، إن أمين عام الحزب، حسن نصر الله، كان على علاقة طيبة بالمغدور رفيق الحريري، وأنها حمَت الضالع في الجريمة من دون اتهام المخطِّط لها... وليس أبلغ مما قاله الإعلامي اللبناني من أصل أرمني، نيشان ديرهاروتيونيان: "رفيق الحريري قضى، والقضاء قضى عليه مرة أخرى"!