الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

المغرب في نصف نهاية مونديال قطر 2022.. مجد أمة وقارة

 
الدوحة: عبد القادر الحجاجي
 
بتحقيقه للانتصار على البرتغال بهدف دون رد، في دور ربع نهائي كأس العالم فيفا قطر، قبل قليل من اليوم السبت 10 دسمبر 2022، وعبوره إلى نصف نهائي هذه المسابقة العالمية، في إنجاز غبر مسبوق عربيا وأفريقيا، يكون المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم قد كسب المجد من أطرافه، إذ كتب فصلا جديدا من تاريخ الكرة المغربية، بل أكثر من ذلك، صنع مجد أمة وقارة .
لقد واصل المغرب صناعة التاريخ، وربط الماضي بالحاضر، فبعد أن كان أول بلد عربي وأفريقي يصل إلى دور الثمن خلال مونديال المكسيك 1986، ها هو اليوم في مونديال قطر 2022 يسجل اسمه بحروف من ذهب كأول فريق عربي وأفريقي يضمن له مكانة، عن جدارة واستحقاق، مع كبار العالم، في المربع الذهبي الذي ظل حكرا على منتخبات أوروبا وأمريكا اللاتينية منذ انطلاق أول دورة سنة 1930 في الأوروغواي.
لقد دخل المنتخب المغربي البطولة ولا أحد من النقاد والمتتبعين كان يراهن على تحقيقه هذا الإنجاز، وحده المدرب الشاب وليد الرگراگي ومعه اللاعبون ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من كانوا يقولون إن المغرب سيذهب إلى مونديال قطر لتحقيق الإنجاز وكتابة التاريخ والذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة، مما يدل على أن ما صنعه أسود الأطلس لم يكن مجرد ضربة حظ بل جاء نتيجة عمل جبار وأداء متميز أمام كبار المنتخبات.
لقد دشنت كتيبة وليد المنافسة بتحقيق تعادل على كرواتيا التي أسقطت في دور الربع البرازيل التي كانت مرشحة فوق العادة للظفر بهذه النسخة، ثم اطاح بعد ذلك بمنتخب الشياطين الحمر بلجيكا والمنتخب الشاب كندا ليواصل تحقيق الانجازات بإخراجه للمنتخب الاسباني من دور الثمانية في واحدة من النتائج الكبيرة التي سار بذكرها المحللون ونقاد المستديرة.
ولأن تضحيات المغرب ودفاعه عن قارته السمراء وانتماءه العربي عقيدة راسخة في كل المجالات، فإن المدرب وليد الرگراگي وأسوده كانوا على وعي بحجم هذه المسؤولية خصوصا مع مغادرة جميع ممثلي القارة السمراء والعرب للمنافسة بحيث بقيت كل الآمال معلقة على المنتخب لتحقيق نتائج مبهرة وتشريف الكرة المغربية والأفريقية والعربية في هذا المحفل الكروي العالمي.
كما أن المحللين واللاعبين السابقين المغاربة والعرب والأفارقة يؤكدون في كل مرة في تحليلاتهم أن ما يحققه المنتخب يتجاوز الحيز الوطني المحلي ويصب في صالح المنظومة الكروية الأفريقية والعربية، وهو ما تعبر عنه أيضا الجماهير العربية من البحر إلى النهر والأفريقية، التي تخرج بالهتافات مع كل انتصار جديد يحققه المنتخب.
وانطلاقا مما حققه المنتخب الوطني المغربي من إنجازات لصالح الكرة الوطنية والعربية والأفريقية، فإن مونديال قطر الذي ينظم لأول مرة فوق أرض عربية، سيشكل منعطفا كبيرا في تاريخ تعاطي الجهاز الوصي على اللعبة عالميا (الفيفا) مع مطالب المنتخبات الأفريقية خصوصا بجعل تمثيليتهم وازنة في المسابقة العالمية توازي حجم المواهب التي تزخر بها القارة السمراء.
وفي سياق تعليقه على الدور الذي لعبه المغرب للرفع من تمثيلية الكرة الأفريقية في كأس العالم، قال منصف اليازغي، الباحث في السياسات الرياضية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن المغرب كان وراء منح مقعد كامل لأفريقيا سنة 1970، فبعد خوضه مباراة السد أمام إسبانيا من اجل التأهل لمونديال 1962 بالشيلي، قاطع المغرب دورة إنجلترا سنة 1966 رفقة دول القارة احتجاجا على هذا الحيف، قبل أن يكون المغرب أول بلد أفريقي يمثل أفريقيا بمقعد كامل عبر التصفيات القارية بدورة المكسيك سنة 1970.
وأضاف أن أداء منتخبات الكاميرون ونيجيريا في دورتي 1990 و1994، دفع الفيفا إلى رفع مقاعد أفريقيا من 3 على 5 مقاعد في دورة فرنسا 1998 موازاة مع رفع عدد المنتخبات المشاركة إلى 32 منتخبا عوض 24.
وأوضح منصف اليازغي قائلا "الآن ونحن نتابع أداء المنتخبات، فإن الأمور تبدو غير عادلة بين أفريقيا التي تملك خمس مقاعد من أصل 54 اتحادا بأفريقيا، في حين أن أمريكا الجنوبية تملك 4 مقاعد ونصف من أصل 10 اتحادات تتشكل منها، بل إن خسارة كوستاريكا بسباعية نظيفة في المونديال كشف أن العدد مبالغ فيه".
وعلى الرغم من أن الفيفا مع الرفع من عدد المنتخبات المشاركة في المونديال المقبل إلى 48 منتخبا ستمنح مقاعد إضافية للقارة الأفريقية، فإن المتتبعين يرون أنه بتعين على الجهاز الوصي على اللعبة التعامل مع القارة ليس كخزان للمواهب فقط، بل كقوة كروية يجب مراعاة مصالحها وتنمية قدراتها والقيام باستثمارات لتمكين الشباب الأفريقي من تفجير طاقاته.
الأكيد أن النتائج التي حققها أسود الأطلس سيكون لها ما بعدها وستمكن القارة السمراء من مكاسب مهمة توازي حجم قوتها الكروية.