الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

رسالة مفتوحة من الناشر المرادي لوزير الثقافة: من أجل تأهيل صناعة الكتاب في المغرب

 
رسالة مفتوحة إلى وزير الثقافة
 
 
حميد أحمد المرادي
 
انتظرت تعيين الحكومة المغربية الجديدة ككل ألمغاربة، باختلاف مستوياتهم الفكرية والاجتماعية، وانتظرت بالخصوص التعيين الرسمي للوزير المشرف على الثقافة، لكي أكتب هذه الرسالة المفتوحة.
 
والمناسبة شرط، لكي اخبركم انني ومنذ سنة 2000، قررت ولوج المجال الثقافي من باب انتاج الكتاب المغربي، ونعني بالكتاب طبعا صيغته الورقية والصوتية والرقمية،
 
والمناسبة شرط ثانيا لانني اكتب هذه الرسالة المفتوحة من معرض الرياض الدولي للكتاب، المنعقد من 1 إلى 10 اكتوبر 2021، حيث يشارك أربعة ناشرين مغاربة فقط (4) من ضمن 1000 ناشر ومؤسسة مشاركة في هذا المعرض الدولي الكبير لدولة تربطنا بها علاقات قوية، ودولة تعرف تحولات كبرى، وكل ذلك دون حضور أو زيارة مسؤولي الوزارة أو السفارة ولو من باب التشجيع المعنوي.
 
لكن رسالتي المفتوحة هذه لن تقتصر على الدبلوماسية الثقافية، التي هي من اختصاص وزارتكم ووزارة الخارجية ووزارات أخرى!!!
موضوع رسالتي المفتوحة اليوم عن "صناعة الكتاب" في المغرب:
 
سأكون مدّعيا إذا كتبت أنني سأحيط بهذا الموضوع المهم ضمن هذه الرسالة، لكنني سأطرح قضايا جوهرية، لابد من مقاربتها/معالجتها بمساهمة كل الفاعلين (المؤلف، الناشر، الموزع، المكتبي والقارئ) وبطبيعة الحال الوزارة المكلفة، أي وزارة الثقافة، في أفق خلق شروط بناء "صناعة للكتاب" في المغرب غائبة:
 
• التزوير: لا يمكن حماية المنتجين (المؤلف والناشر) والمستهلكين (القراء: أفرادا ومؤسسات) في هذا القطاع دون مواجهة شاملة لعمليات التزوير، التي تملأ أسواقنا بكتب مزورة، وذلك عبر ترك الحبل على الغارب، للمتطفلين على القطاع، ولشبكات تزوير داخلية بامتدادات خارجية. وللعلم فالتزوير يضر بالمغرب اقتصاديا دون حل المشاكل الاجتماعية، ويضر به خارجيا من حيث تصنيفه ضمن الدول المعتدية على حقوق المؤلف،
 
• العشوائية والاحتكار: سيكون من المستحيل تطوير القطاع والدفع به ليكون في مستوى التنافس ضمن منظومة صناعية للكتاب، دون تنظيم قانوني لمهن الكتاب، بكل مستوياتها، واعتماد معايير واضحة وشفافة لممارسة إحدى المهن المرتبطة بالقطاع، وذلك بفك المنظومة الحالية، التي تكرّس الاحتكار داخل قطاع إنتاج الكتاب، وذلك عبر دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومراقبة إنجازاتها والتراكم الذي تخلقه من دعم الدولة، مع استثناء الشركات الكبرى من دعم الدولة وتوجيهه نحو تطوير مؤسسات قائمة صغيرة ومتوسطة، وخلق مؤسسات جديدة لتوسيع القطاع،
 
• الفساد والريع: يعاني القطاع من انحسار كبير، نتيجة لشروط تاريخية، لا داعي للخوض فيها الآن، وهذه الشروط تتعلق بسيطرة أقلية على كل العروض الصادرة عن مؤسسات القطاع العام والخاص، وبالتالي يبقى الناشر "الصغير والمتوسط" خارج الاستفادة من المال العام، الذي يصرف على نشر الكتاب وشرائه، وهو ليس بالقليل للإشارة، وهنا لا تفوتني الفرصة دون الإشارة إلى المناقصة الفضيحة لشهر غشت 2021، قبل الانتخابات مباشرة، على عهد وزير الشبيبة والرياضة والتفافة السابق (انظر مقالنا على موقع "الغد24" في الرابط التالي:)
 
 
كما لا يُعقل أن يستمر المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاستشاري للجالية المغربية في الخارج، ووكالات تنمية الجهات ومجالس الجهات ومجالس المدن ومجالس المقاطعات وغيرها من المؤسسات، التي تدير المال العام، في تمرير الصفقات دون إعلان لعروض النشر أو لشراء الكتب أو إعلانها على مقاس شركات بعينها!!!
 
• إعادة إنتاج نقيض الجودة في عصر الجودة: كل المعارض الدولية للكتاب تجدد نفسها شكلا وفضاء وتنظيما وتأطيرا إلا استثناءات، ومن هذه الاستثناءات للأسف، المعرض الدولي للنشر والكتاب في الدارالبيضاء، وللتذكير، فقد كنتُ قد طالبت، وفي اجتماع رسمي، من وزارة الثقافة أن توضح للناشرين والمهتمين من يملك "المعرض الدولي للنشر والكتاب"، فكان جواب السيد الوزير محمد أمين الصبيحي جريئا وسابقة في ذلك الوقت، وهي أن المعرض تعود ملكيته قانونا لمكتب معارض الدارالبيضاء، وهي ظاهرة وحيدة في هذا المجال، وأعتقد أنه حان الوقت لكي تأخذ الوزارة مسافة من المنظومة، التي تتحكم في المعارض لدى هذه المؤسسة، وذلك باسترجاع ملكية "المعرض الدولي للنشر والكتاب" للجهة المنظمة له، كما ينبغي إعادة صياغة تصور جديد لدورات هذا المعرض الهام ثقافيا، تجاريا، ديبلوماسيا وإشعاعا، إضافة إلى التفكير في تغيير فضاء تنظيمه.
 
• نعم للدعم ولا للريع: كل الفاعلين من وزارة ومؤلفين وناشرين غير راضين على نتائج الدعم، وطرق صرفه، ونتائجه.
 
فرغم ما تحقق من مكتسبات، خصوصا لبعض الناشرين والمكتبات، فإن دعم نشر الكتاب وخلق وتحديث المكتبات والمشاركة في المعارض الدولية وإقامات المؤلفين، ما زال يسوده الكثير من الشوائب المتعلقة بغياب نظام معياري يسري على الجميع وتحكمه المردودية والكفاءة والاستعمال الجيد للمال العام، ضمن مشاريع قابلة للتقويم والمراقبة القبلية والبعدية، إذ لا يُعقل أن تُدعَّم كتب لم تصدر إلا في نسخ محدودة، وتدعم مشاركات في معارض لم يتم حضور المعنيين فيها، أو دعم مشاريع قرائية لم ينجز منها إلا الوصلة الإعلانية...
 
هدف هذه الرسالة المفتوحة نبيل في شكله وفي مرماه، لأنني شخصيا لم أعد أتحمل استمرار نفس الأساليب البائدة لسنوات نريدها أن تنتهي إلى غير رجعة، بأمل الشباب الذي يستمر فينا تغييرا نحو التقدم والازدهار وتحديث وطننا...