محمد السكتاوي: حكايات امرأة برائحة الزنبق (القصيدة كاملة)
الكاتب :
"الغد 24"
محمد السكتاوي
(1)
على الجدار الأزرق
علقت قُبَّعتهَا المزينة
بجدائل الشمس
عرّتْ عن نهْدَيْها للرياح
وانطلقت تركض في المَدى
تخضِّب الفجر بالحناء
و تُعطِّره برائحة الزنبق
هو الأفق ُ المُوَشَّى بالضياء
وهذا الجسَدُ الطَّليق ليس للفتاوى
(2)
انْبَعثَتْ كطائر الفنيق
من تحت أنقاض الفوضى
وشَمَتْ جَبِينَ المساء
بزخارفَ الأنوثةِ المحرمة
وقالت:
هذه سماء مذهّبة بلا ليل
وتلك نهاية أمْساخُ الماضي
سنوات عجاف مَلْأى بنعوش الفراشات
تصَقَّعَ فيها الندى والربيع
وكأنَّ الناسَ كانوا في فُرن غاز
كل يوم تُوؤَدُ طفلة
وُيشْنق عاشق
ويُحرَقُ صباح
(3)
تيَّاهةً مشتْ يرْفعُها الكِبرُ
وعن طريقها أزاحتْ حصواتِ الرجم
وكمن ينزل على ضفّة قارة مجهولة
صاحت مبشرةً:
هكذا كتبتُ سِفْرَ حياتي
بحبر الرعد حتى لا يعودوا
منعوا الحب في المدينة
رأيتُه مُهرَّبا في جُبّةِ فقيه
يده على بُرعُميْن عاريين
وقد اختبأ بين فخذي امرأة
تحت صخور شاطئ
مُتَستِّراً بوشْوشات الموج
حتى لا يراه العسسُ
أخذ يَتْلُو ما تيَسّر من سورة القبلات
(4)
لستُ غاضبة
تضيف نشْوى
أفْروديت عادتْ من جديد
تُخصِبُ اليباس وتثير نشوة الحياة
وجسَدي فاض بالعذوبة
وأصبح ينْضَحُ بالطراوة
تحت خميلةِ مطر صيفي
(5)
امرأة أنا برائحة الزنبق
أنشد تراتيل انتفاضة الروح
وأهز بصوتي حصار الوباء:
وداعا ياجحافل المغول
هذا العصفور الصغير
لم يبق مذعوراً
حطَّ على شباك غرفتي
وسقْسَق كجدول ماء
واضعا منقاره على خدِّي
يقبِّلني
(6)
المطر جاء مبكرا قبل موسمه
شجرة الليمون التي نخرتْها حشراتُ السوس
تحرّرتْ من أسْرِ الجفاف
رمت عنها ثوب الحداد
وانْفَلَقتْ بتْلاتُها الأُرجوانية
فبَدَا نَوْرُها عناقيد ضوء
في سماء جديدة