الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
كاريكاتور الزميل محمد الخو

في دولة الكابرانات.. هذه نفسية الجنرالات وخلفية القرارات وأسباب الحماقات

 
محمد نجيب كومينة
 
الاستماع المتأني لما قاله وزير خارجية الجنرالات المتسلطين على الشعب الجزائري الشقيق، رمطان لعمامرة، سيقود لا محالة إلى الاستنتاج أن تطور ملف القضية الوطنية ميدانيا وقاريا وعربيا ودوليا، وبالأخص منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وطرد الهمج من الكركرات وتحريك الجدار، قد أدخل الجنرالات في متاهة وجعل قلقهم وتوترهم يتضاعفان أضعافا، لأنهم يرون أن أعمارهم مع إمكانيات البلد وجهودها ذهبت هباء!!
 
وعند اتخاذ القرارات، تحت ضغط القلق والتوتر، وتحت تأثير الشعور بالخسارة، طبيعي أن تفضي إلى حماقة. وقرار دولة الكابرانات قطع العلاقات مع المغرب، في هذا الوقت، وفي عالم اليوم، لا يمكن أن يتخذه عاقل يزن بميزان سليم، خصوصا وأنه لن تترتب عليه أي خسارة للمغرب، الذي رد بهدوء وتعقّل وأبقى الأبواب، رغم كل شيء، مفتوحة.
 
الرئيس المعين من طرف الجنرالات عبد المجيد تبّون كان قد كشف المستور، في وقت سابق، حين صرّح، في لقاء صحفي، أن المغرب "كلانا في أفريقيا"، والآن بعد فتح القنصليات في العيون والداخلة، والاعتراف الأمريكي، واعتبار مقترح الحكم الذاتي هو الأساس الوحيد للتفاوض، وظهور عجز مليشيات الانفصاليين على العودة إلى الحرب في ظل معطيات ميدانية تغيرت جذريا، فالطبيعي أن يشعر من عيّنوا تبّون أن خسارتهم تتجاوز أفريقيا إلى العالم...
 
حتى الأزمة التي سعوا إلى خلقها بين المغرب وإسبانيا جنوا منها في النهاية خسارة، وتعويلهم على ألمانيا أوروبيا، بعد التقرير الذي كشف حالتهم المزرية، كالتعويل على حصان خاسر، لأن المنطقة المتوسطية، والمغاربية على الخصوص، ليست من أولويات الألمان الحريصين على الجوار الشرقي أكثر من الجوار المتوسطي، وكل ما يقومون به في المنطقة المتوسطية حاليا، وبالأخص في ما يتعلق بالأزمة الليبية، من باب الديبلوماسية العابرة التي يطويها النسيان بسرعة، خصوصا وأن ألمانيا بلا امتدادات في المتوسط، بل وأيضا بلا رصيد استعماري من قبيل الرصيدين الفرنسي والبريطاني، بعدما كانت قد خسرت مستعمراتها الأفريقية عقب خسارتها للحرب العالمية الأولى، فلم يعد يُسمح لها باستغلال شيء ما خارج البيع والشراء، وطبعا بلا قوة عسكرية أو حضور سياسي وازن في الساحة الدولية، ولعل خروجها بخفي حنين بعد خطوتها غير المحسوبة، عقب دعوة مجلس الأمن للانعقاد بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، دال على حدود ما يمكنها القيام به خارج نطاق الاتحاد الأوروبي، وحتى داخله تبقى القوى المتوسطية الأوروبية وازنة سياسيا...