إن وهم فك ارتباط حشدت بالحزب الاشتراكي الموحد، الذي طبّلت له بعض الأبواق المشبوهة، ليعتبر بحق ظاهرة غريبة تطرح علامات استفهام عديدة. وهو فضلا عن كونه تعبيرا عن انسداد الأفق واحتدام أزمة بعضٍ من قيادة حشدت، يعتبر أيضا وأساسا إيذانا بأفول نجم هذا البعض من القيادة، وصولا إلى ارتمائه الكامل في أحضان المنشقين، بعد إبرام اتفاقات منفردة مع شبيبات أحزاب تحترم أجهزتها وقيادتها، ولا تجرؤ على فعل الأفاعيل التي يفعلها ذاك البعض من قيادة حشدت، الذي وضع نفسه خارجا عن القانون والقيم والأخلاق النضالية.
ومن سخرية الوقت أن هذه الأبواق لم تتوقع أن تؤدي خطوة فك الارتباط المشبوهة إلى خلق اتجاهٍ متنامٍ متعاطفٍ مع الحزب، ومع أمينته العامة المناضلة نبيلة منيب، ومع شبيبته الحقيقية، كما أنها أيقظت مجموعة من مناضلي حشد.
فأنا سميرة تناني، من مناضلات حشد وإحدى مؤسساتها بإقليم بني ملال أزيلال، إلى جانب مجموعة من الرفاق والرفيقات آثروا الابتعاد بعدما رأوا بأم أعينهم تهافت البعض على القيادة والزعامة.
تعلمت التواضع ونكران الذات واستلهمت الصمود والتحدي من مؤسسي حشد الفعليين، وقد حفظت خط الرجعة عندما رفضت الانخراط والنضال داخل حشدت التي جمعت مكونات متناقضة متعارضة، وقد قلت لنفسي حينذاك: يصعب عليك أن تكوني جنبا إلى جنب من حاربك في الكلية واتهمك دون حياء بالرجعية فقط لأنك في حشد. فابتعدت حتى لا أحوّل موقفي إلى مشكلة عاطفية، خصوصا وقد كان حماس أختي ثورية تناني ورفاقي في حشد للاندماج عارما حتى لا أقول جارفا.
وأنا أتابع باستياء هذا الهجوم السافر على الحزب الاشتراكي الموحد وعلى أمينته العامة وعلى شبيبته الحقيقية، أثارني ما يكتبه بعض الشباب -وأنا هنا لا أتحدث عمن هويته السب والشتم والتشهير- عن القبيلة والزاوية والتحكم ومحاولة فرض الزعيم... وكان من المفترض في هذا المتكلم أو ذاك أن يهتم بالتدقيق والتأكد من صحة ومصدر المعلومة المستقاة عوض التلفظ بتلك الجمل التي تخلو من اللياقة والذكاء والتي تبدو كنشرة الأخبار الرسمية...
والحقيقة هي أن حشد لم تشهد لوبيات تتفق على تنفيذ أية مهمة خارج الكواليس أو تسخر أشخاصا يتعهدون بالضغط على الرفاق الجدد كما حدث خلال المؤتمر الأخير لحشدت، والكل يعرف تحركات الشاب الخريبكي وسيارته التي جابت الجهة بهدف ضرب مصلحة شبيبة الحزب المتعارضة مع مصلحة قبيلة ارتأت أن تفتعل صراعات وهمية لخوض حرب ضد الحزب ومصلحته في وحدته وشبيبته.
وبعبارة موجزة، كنا في حشد نمقت كلمة اللوبي التي تعني السمسار الذي لا يهمه سوى تحقيق مكاسب المرحلة لأننا كنا نراهن على المستقبل وعلى البناء الحقيقي وليس على الهدم والتدمير، وبالتالي فإننا كنا وما زلنا نمقت الكواليس واللوبيات، التي برعتم في صناعتها وتشكيلها منذ أن توليتم قيادة حشدت حيث بنيتم قوتكم الوهمية على عكازين: الأول إشاعة فكرة الزاوية، وأنتم تعلمون أكثر من غيركم أنكم أنتم الزاوية، والدليل هو إصراركم على تعيين الكاتب الوطني من قبيلتكم.
والعكاز الثاني هو المظلومية وافتعال خصم يحاربكم حتى ولو كان هذا الخصم المكتب السياسي للحزب الذي يمولكم.