الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الهيئة التقريرية لفيدرالية اليسار نصّبت نفسها هيئة فوق الأحزاب الثلاثة

 
محمد بولامي
 
في نهاية شهر دجنبر 2020، عقدت الهيئة التقريرية لفيدرالية اليسار الديمقراطي دورتها العادية، وأدرجت نقطة الاندماج بين مكوناتها في جدول أعمالها، وهو ما اعترضت عليه الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد الرفيقة نبيلة منيب ومجموعة من عضوات وأعضاء نفس الحزب، فالنظام الاساسي للفيدرالية لا يعطي الحق للفيدرالية البت في موضوع الاندماج. فالمادتان 6 و7 نصتا حصريا على ثلاث قضايا هي التي على هيئات الفيدرالية التداول فيها. وهذه القضايا هي الصحراء والدستور والانتخابات.
 
غير أن مسيّر الاجتماع أصر على إدراج نقطة الاندماج رغم كل المناشدات والملتمسات والدفوعات القاضية بتأجيل موضوع الاندماج إلى ما بعد الانتخابات. وبعد أكثر من ست ساعات من النقاشات الحادة عن بعد، أصدر مسير الجلسة أوامره للأحزاب الثلاثة بعقد مجالسها التقريرية والمصادقة على الاندماج في ظرف ستة أشهر، والالتزام بعدم عقد المؤتمرات العادية للأحزاب الثلاثة، والاتجاه مباشرة إلى المؤتمر الاندماجي. وهذه القرارات لا تقبل المناقشة، وعلى الهيئات المقررة أن تصادق عليها فقط!!! في يوم واحد.
 
إن ما جرى في ذلك اليوم غريب على تقاليد أحزابنا بتاتا. لقد تربينا على الحوار والنقاش الديمقراطي، وتبادل الرأي والرأي الآخر. لقد كانت تنظيمات اليسار المغربي مدرسة حقيقية للنقاش العميق والاجتهادات، فقضايا النضال الديمقراطي والوحدة الوطنية والمشاركة في الانتخابات ومقاطعتها وعلاقة النقابي بالسياسي، وقضايا الثورة والإصلاح، والتغيير بالعنف المسلح أو بالطرق السلمية، والتحالفات والاستراتيجية والتاكتيك... إلخ، عناوين بارزة وتراث غني للطيف اليساري المغربي. إننا تربية مدرسة رأسمالها ورصيدها هو الحوار بين الرفاق والرفيقات. كل القرارات الكبرى، التي تم اتخاذها، جاءت بعد حوار واسع بين الأعضاء، وشارك فيه الجميع، أعضاء وعضوات بالداخل والخارج وعلى رأسهم المعتقلون السياسيون: موضوع الصحراء، خط النضال الديمقراطي، مسألة الشرعية... إلخ، قضايا استغرق نقاش بعضها سنوات. يكفي الرجوع إلى مجلة أنفاس وجرائد إلى الأمام و23 مارس والاختيار الثوري والمحرر والمقدمة والجسور وأنوال والمسار... إلخ، للتأكد من عمق النقاش وقضاياه. إصدار الأوامر إلى الأحزاب ممارسة غريبة جدا عن تنظيماتنا اليسارية، وهي ممارسة غريبة حتى داخل الأحزاب ذات التوجه الشمولي.
 
لقد سطت الهيئة التقريرية للفيدرالية على اختصاص ليس من اختصاصها، ونصّبت نفسها هيئة فوق الأحزاب الثلاثة، وبدون تفويض من أي حزب، وقبل أن يتحقق الاندماج!!!
 
فهل بهذه العقلية والسلوك سنبني وحدة اليسار؟!