الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

إنقاذ السياحة المغربية من الموت السريري.. حلم لن يتحقق بمنع الوزراء من السفر خارج البلد

حكيمة أحاجو
 
كان على رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن ينتظر حتى يعيش المغاربة والمقاولات السياحية على الخصوص أزمة من حجم تداعيات فيروس كورونا، لتأتي على الأخضر واليابس، وتتوقف بسببها عجلة قطاع حيوي ومهم كالقطاع السياحي، حتى يدرك أن السياحة الداخلية أضحت صناعة لا يمكن أن نرهن حساباتها للسياح الأجانب وحدهم، وأن نغفل حجم المنافسة الشرسة، التي يواجهها المنتوج المغربي رغم تنوعه وغناه.
 
فبعد أشهر من الحجر الصحي غاب على إثرها السياح الأجانب من شوارع مدننا السياحية، وتحولت فنادقها ومنتجعاتها السياحة إلى بنايات مهجورة، اهتدى العثماني إلى تعميم منشور على الوزراء والوزراء المنتدبين في حكومته والمندوبين السامين والمندوب العام، من أجل قضاء عطل السنة الجارية داخل المغرب تشجيعا للسياحة الداخلية، كما فرض على أعضاء الحكومة ومسؤولي المصالح المركزية والخارجية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية قضاء إجازاتهم خلال سنة 2020 داخل أرض الوطن، بدعوى إنقاذ قطاع السياحة الذي يعيش نكبة حقيقية منذ سنوات وليس اليوم فقط.
 
بدون شك لو استحضر العثماني واقع شواطئنا ومآثرنا التي تحولت لما يشبه "مراحيض عمومية" لأدرك أن منع وزرائه من السفر لن يحل مشكل ونكبة قطاع السياحة
 
 
كان لمثل هذه الخطوة أن تترك أثرا نفسيا إيجابيا لدى عموم المغاربة لو اتخذت في ظروف عادية، لأن المواطن البسيط سيشعر آنذاك أن مسؤوليه يفكرون في ضمان ودوام مناصب الشغل، التي يوفرها القطاع السياحي، وأن الوزراء وكبار المسؤولين والموظفين سيقضون عطلهم في المغرب، لأن العروض السياحية المقدمة لهم لن تقل جودة من تلك التي تقدمها المنتجعات التي يزورونها سنويا في فرنسا وإسبانيا وإنجلترا وألمانيا ومالطا وتركيا ولبنان ومصر، وغيرها من البلدان التي تستقطب سنويا عددا كبيرا من السياح المغاربة.
 
لا أدري إن كان السي العثماني قد زار يوما الشريط الساحلي الممتد من طماريس، مرورا بعين الذياب، وصولا إلى المحمدية، وهل اطلع عن قرب على جودة المنتوج السياحي المقدم للمغاربة؟ وهل تتوفر فيه شروط البيئة السليمة والنظيفة، بعيدا عن تصنيف الشواطئ الزرقاء الذي أنجزته زميلته في الحزب نزهة الوافي قبل أن تحط الرحال بوزارة الجالية؟
 
بدون شك لو استحضر العثماني واقع شواطئنا ومآثرنا التي تحولت لما يشبه "مراحيض عمومية"، لأدرك أن منع وزرائه من السفر لن يحل مشكل ونكبة قطاع السياحة، باعتباره الأكثر تضررا بأزمة جائحة كورونا، حسب ما أعلنه شكيب العلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في ندوة رقمية نظمت على هامش الوصايا العشر التي قدمتها "الباطرونا" لإنعاش الاقتصاد، وذلك في إطار مشروع قانون المالية التعديلي.
 
في هذا السياق قال رئيس الباطرونا إن تأثيرات أزمة كوفيد 19 على قطاع السياحة كانت كبيرة جدا، وإن خسارته على مستوى رقم المعاملات بلغت نسبة 77 في المائة ما بين ماي 2019 وماي 2020، وهذا رقم مروع، مما يعني أن إيجاد حل ناجع لنكبة القطاع لن يتحقق بـ"البوليميك والطابّاج" من قبيل منع الوزراء من السفر خارج البلد، وإنما باتخاذ خطوات استعجالية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
 
إيجاد حل ناجع لنكبة قطاع السياحة لن يتحقق بـ"البوليميك والطابّاج" من قبيل منع الوزراء من السفر خارج البلد وإنما باتخاذ خطوات استعجالية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
 
 
على مر السنوات، أغفلت الحكومات المتعاقبة الاهتمام بالسائح المحلي، الذي يحاول العثماني اليوم استقطابه لضخ الأوكسجين في جسم السياحة الوطنية، بحيث لم يكن يوما محورا رئيسيا في الاستراتيجيات الحكومية لقطاع السياحة، كما لم تقدم له أية حوافز تذكر لجعله زبونا وفيا للمنتوج الوطني، كأن تقدم له مثلا نفس الخدمة التي تقدم للسائح الأجنبي بسعر تفضيلي، وأن تتم العناية مثلا بالعنصر البشري في هذا القطاع سواء العاملين بالمؤسسات الفندقية أو الإرشاد السياحي، وغيرها من التحفيزات التي كانت على الأقل ستساهم في ضمان زبناء قارين وأوفياء.
 
خلاصة الكلام، قطاع السياحة شديد الحساسية، ويعتبر أكثر القطاعات تضرراً من الأزمات وخاصة بعد أزمة فيروس كورونا، التي تسببت له في موت سريري، لذلك فهو في أمسّ الحاجة لرزمة من الإجراءات أبسطها سن إعفاءات ضريبية لمدة محددة، وإرجاء تسديد الديون بالنسبة للمنشآت السياحية، التي تعيش صعوبات في الأداء، وتخفيض الأثمنة الخيالية للمنتوج السياحي المغربي مقارنة مع أثمنة منتوج بعض دول الجوار، وغيرها من الحلول التي سيقدمها مهنيو القطاع لمواجهة التداعيات السلبية لهذا الوباء لو تم الاستماع إليهم.
 
أما أن تحفز المغربي على السياحة الداخلية، وتبيع له، في منتجع سياحي، قنينة ماء تعادل 5 دراهم بمبلغ 60 درهما، تمثيلا لا حصرا، فهذا يُسمى الضحك على الذقون!