الحسن الثاني حريص على صورته.. عندما استعان بـ"بن بركة" فحوَّل قاعة العرش إلى "بلاطو سينمائي"
الكاتب :
حسن عين الحياة
حسن عين الحياة
كان الملك الراحل الحسن الثاني يسهر شخصيا على خطبه الموجهة إلى شعب ظل يصفه بـ"العزيز"، ويخص الطاقم المصور لها وناقلها للتلفزيون بقدر وافر من الاهتمام. فهو ملم بأدق التفاصيل، من زوايا التصوير والديكور والصوت كما لو أنه بصدد إعداد عرض سينمائي. كل ذلك كان بهدف أن يظهر الملك لشعبه، في صورة جيدة، ودون أعطاب تقنية تشوش على المتلقي. لذلك، نتناول في هنا جانبا من كواليس الخطب الملكية، كما جاءت بعين لاقطة، متفحصة بدقة المهني والتقني الذي رافق الحسن الثاني من خلال مسار طويل في علاقته بالتلفزة المغربية، وهي عين الإعلامي المخضرم الصديق معنينو، التي ركزت في كتابه "الفتح المبين" في جزئه الثاني على لحظات تجمع بين الطرائف والنوادر التي أفرزتها لحظات من تصوير الخطب الملكية التي كان تستدعي تركيزا كبيرا، خاصة وأنها تخص ملكا كان ملما بأدق تفاصيل التصوير.. وبالتالي، يعترف الصديق معنينو قائلا "كانت الخطب الملكية مصدر قلق دائم بالنسبة لإدارة التلفزة وتقنييها، لكن خطاب العرش، كان أكثر حساسية، لأنه الخطاب الوحيد المسجَّل والذي كان الحسن الثاني يتحمل قراءته، وما عداه من الخطب كان مرتجلا".
وحسب الإعلامي، كان الحسن الثاني حريصا على تأثيث فضاء قاعة العرش أثناء إلقاء خطبه، إلى درجة أنه استعان بسينمائي مغربي كبير من أجل هذا الغرض. لكنه ظل يشكو من الأضواء الكاشفة غير ما مرة.. "كان الملك، خلال فترة طويلة يشكو من الأضواء الكاشفة التي تسلط عليه أثناء إلقائه لخطاب العرش"، يقول معنينو، كاشفا في الوقت ذاته عن بعض كواليس التصوير بقاعة العرش، قبل أن يضيف أن الأضواء كانت قوية ومزعجة ومؤثرة على بصره، "إذ كلما رفع رأسه لمشاهدة الكاميرا الموضوعة أمامه، كانت ضبابية عابرة تؤثر على عينيه، كما يحدث لكل شخص يركز على أشعة الشمس ثم يعود لمتابعة القراءة..".
هذا التشويش كان يزعج الملك الراحل بالقدر الذي جعله يتدخل أكثر من مرة لإبداء ملاحظاته، لا سيما وأن التلفزيون لم يكن قد وصل وقتها، خاصة في السنوات الأولى من سبعينيات القرن الماضي إلى مرحلة النضج. وهنا يقول معنينو "للحقيقة لابد من القول، بأن التلفزة لم تكن تتوفر على مهندس متخصص في الإضاءة، كما لم تكن تتوفر على مهندس متخصص في الصوت، لذلك كانت تعتمد على التجارب المتراكمة لطواقمها التقنية والفنية..."
ولأن خطاب العرش هو الوحيد الذي كان يتحمل الحسن الثاني قراءته، فقد كان لابد من توفر كمية ضوء متوازنة تبرز الملك دون أن تؤثر على بصره، لذلك، تدخل شخصيا من أجل تجاوز هذا الخلل..
"خلال فترات لاحقة، تم تحسين الوضعية بتخفيض قوة الأضواء الموجهة للملك، ولكنه رغم ذلك كان يشعر بتأثيرها السلبي على بصره وقدرته على قراءة نص الخطاب"، يقول صاحب "الفتح المبين"، قبل أن يستمر في الكشف عن الكواليس، أنه في غمرة ملاحظاته، اقترح الحسن الثاني على المسؤولين بالتلفزة "الاستعانة بأخصائيين وأضاف: "أنظروا مع سهيل بن بركة فله خبرة في هذا المجال".. وكان بن بركة إذاك مخرجا سينمائيا ورجل أعمال ناجح... اجتهد الفني الجديد (سهيل) الذي أصبح مديرا للمركز السينمائي المغربي، فحوَّل قاعة العرش إلى شبه (بلاطو سينمائي)"، يقول معنينو.
وبحسب الإعلامي، أبدى الملك سعادته بهذا الحل، لكنه في نهاية الخطاب أبدى ملاحظات جديدة... "فقد نوه بالمجهود المبذول، لكنه لاحظ أن الأضواء خافتة إلى درجة جعلته لا يميز بين الحروف بشكل جيد.. وقال (كنت في حاجة إلى زجاجة كهربائية مسلطة على نص الخطاب)".
"الحاصول، كان الحسن الثاني ما كيتفاكش.. كلشي خاصو يكون مثالي، والفكرة إلى جات في راسو خاصها ترجم.. مادام تحققات كفكرة في الخيال خاصها تتحقق في الواقع ومريضنا معندو باس.