الإعلامي المخضرم محمد الصديق معنينو يفكك تاريخ الهجرة الجزائرية إلى المغرب
الكاتب :
"الغد 24" و(و.م.ع)
استعرض الكاتب والصحافي، محمد الصديق معنينو، مساء الخميس 17 فبراير 2022، مختلف مراحل الهجرة الجزائرية إلى المغرب، وذلك خلال محاضرة عن بعد نظمتها مؤسسة "مغرب التراث" ضمن سلسلة لقاءاتها "مسامرات تراثية".
وبسط محمد الصديق معنينو، خلال هذه المحاضرة، التي جاءت تحت عنوان "حتى لا ننسى.. مغاربة جزائريون"، مسار الهجرة الجزائرية نحو مختلف المدن المغربية، وأسبابها، ودوافعها المختلفة، سواء تعلق الأمر باللجوء إلى بلدِ سِلمٍ مجاور، أو بحثا عن العمل، أو لدوافع سياسية مرتبطة بالوجود الاستعماري الفرنسي في الجزائر.
وأبرز الإعلامي، في هذا الإطار، أنه مع الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830، بدأت أولى موجات الهجرة الجزائرية نحو المغرب عبر سفينتين وصلتا إلى مدينة تطوان، مشيرا إلى أن المهاجرين (اللاجئين) قرروا الاستقرار بهذه المدينة، وذلك بعد أن أمر السلطان المغربي الاعتناء بهم وتخصيص إعانات مالية لمساعدتهم، موضحا أن المدلول الإسلامي القوي للهجرة، جعل من مقام الجزائريين بمختلف المدن المغربية مقاما آمنا في بلاد السلم ومحل ترحيب.
وسجل محمد الصديق معنينو أن هجرة الجزائريين نحو المغرب توالت بعد ذلك من مختلف المدن الجزائرية، وأساسا تلمسان ووهران، بأعداد كبيرة، والاستقرار بالمدن المغربية الكبيرة كوجدة وفاس ومكناس وسلا ومنطقة الغرب، مسجلا أن الدافع لهذه الهجرة بهذه الأعداد الكبيرة كان الخروج من بلد الحرب من أجل اللجوء إلى بلد السلم. وأوضح الكاتب والصحافي أن عدد الجزائريين في مدينة فاس مثلا وصل إلى ما بين 4 آلاف و5 آلاف، وهو ما يعني حوالي 11 في المائة من سكان المدينة التي كانت تحصي آنداك 60 ألف نسمة، مشددا، في هذا الصدد، على أن مجموعة منهم فُتحت لهم أبواب مدينة فاس، كعلماء وتجار وحرفيين، حظوا بعناية واهتمام خاصين من طرف سلطان المغرب.
ولفت محمد الصديق معنينو إلى أنه لم تتم معاملتهم أبدا كأجانب، بل هُيئت لهم كل الظروف من أجل الانصهار في المجتمع المغربي بطريقة تلقائية، وهو ما يظهر من خلال موافقة السلطان على انتظامهم واجتماعهم بشكل دوري، وذلك بعد أن أسسوا جمعية للشرفاء التلمسانيين، يختارون من خلال نقيبهم أو ممثلهم الذي يعينه السلطان بشكل رسمي بعد ذلك.
وأضاف الإعلامي المغربي الكبير أن نفس هذا التنظيم كان موجودا بمدينة وجدة أيضا التي كانت فضاء يصعب فيه التمييز بين جزائري ومغربي، مسجلا أن درجة اندماج المهاجرين الجزائريين بهذه المدينة كانت أكبر وأقوى.
وتطرق محمد الصديق معنينو، خلال هذا اللقاء، إلى موجة أخرى من الهجرة الجزائرية نحو المغرب، وهي التي صاحبت بداية فترة الحماية الفرنسية للمغرب، مسجلا، في هذا الصدد، أن عددا كبيرا من الجزائريين اشتغل في الترجمة مع الاحتلال الفرنسي، وكذا مدرسين بالمدارس المغربية بسبب تمكنهم من التحدث باللغتين العربية والفرنسية.
من جهة أخرى، أكد محمد الصديق معنينو أن الجزائريين قصدوا المغرب في موجة هجرة ثالثة خلال سنوات العشرينيات، وذلك من أجل العمل خصوصا بمدينة طنجة التي كانت تعرف رواجا تجاريا كبيرا، وأنشطة أخرى متنوعة.
وشدد المتحدث ذاته على أن السلاطين المغاربة كانوا يعتبرون الجزائريين مواطنين مغاربة، مشيرا إلى أن العديد من الأسماء الجزائرية حظيت بمكانة خاصة من طرف السلاطين المغاربة وتقلدت مناصب رفيعة.
ولفت محمد الصديق معنينو إلى أن عدد الجزائريين بالمغرب إبان الثورة الجزائرية ضد الوجود الاستعماري الفرنسي وصل إلى ما بين 180 ألفا و150 ألف نسمة، أساسا بالمنطقة الشرقية، مشيرا إلى أن المغرب كان يحتوي على 95 مكان من أجل تدريب الجزائريين للمساهمة في الثورة الجزائرية. وخلص الكاتب والصحفي إلى أن المغرب أظهر دائما قلبا ونخوة كبيرين اتجاه الجزائر...