مراد بورجى: توفيق بوعشرين.. إطلالة جديدة ببودكاست "كلام في السياسة"
الكاتب :
"الغد 24"
مراد بورجى
كان حوارا جميلا توفّق صاحبه الزميل حميد المهدوي كعادته، أمس الاثنين (23 دسمبر 2024)، في اختيار واقتناص واجتذاب محاوَر ليس ككل المحاورين، الصحافي الزميل توفيق بوعشرين، الذي أطلّ علينا بـ"بشرى" العودة إلى مهنة المتاعب، من خلال بودكاست أسبوعي بعنوان "كلام في السياسة مع توفيق بوعشرين"، سيلتقي "المستمعون" مع حلقته الأولى اليوم الثلاثاء (24 دسمبر 2024)، ابتداء من الساعة السابعة مساء...
قلت "المستمعون" باعتبار البودكاست هو منتوج "سمعي"، لكن مكر التكنولوجيا قادرة على تحويل الصوت إلى صورة أيضا، والسمعي إلى سمعي بصري كذلك، حيث سيجري بثّ البرنامج على مختلف منصات التواصل الاجتماعي... فتوفيق الصحافي المبدع هو أيضا مبدع في ما يمكن أن أسميه "مكر الكلمة"، لن يمكر بنا إذا تعدّت مواضيعه حدود القضايا السياسية الراهنة في المغرب وفي العالم... أو دعونا نطلب منه أن يمكر بنا ولا يخنق "كلامه" في حدود السياسة، وهذه فرصة ليطلق العنان لهذا الصوت المتميز، في السياسة وأيضا في الاجتماع والاقتصاد والثقافة والفكر... فتوفيق بوعشرين ليس مجرد اسم شخصي وعائلي، هو صوت مغربي، له خصوصيته، له لونه وطعمه، وله جدارته مهما اتفق المرء أو اختلف معه... وظهوره الجديد، كل ثلاثاء، أعتبره مكسبا لمهنة المتاعب، نافذة للرأي وللقبول بالرأي المخالف، مساحة رحبة لتلك التحليلات المثيرة والمفيدة والمثمرة، التي تسلّط أضواء كاشفة على أحداث الوطن والمحيط والعالم...
في الحوار، الذي بثّته قناة موقع بديل، فرّش لنا توفيق أرضية عامة للقضايا، التي ستكون محور البودكاست الثلاثائي، وهي ذات طبيعة محلية ووطنية وإقليمية ودولية، وأبرز قضية وطنية قدّمها توفيق كانت بنموذج "تضارب المصالح" في فوز شركة مملوكة لرئيس الحكومة الملياردير عزيز أخنوش بصفقة إنجاز محطة تحلية مياه البحر بالدارالبيضاء بقيمة 6.5 ملايير درهم! هذه القضية الفضيحة وغيرها من القضايا المثارة، في حديث توفيق بوعشرين، تؤثّت في مجموعها حالة "الانسداد" التي توجد عليها الساحة السياسية وحرية التعبير، مما لا يتوافق والمنحى العام الذي توجد عليه البلاد، بقيادة الملك محمد السادس، الذي أرفق توفيق ذِكره بدعاء "شافاه الله"، ولينعته بوصف "أقوى ملك في تاريخ العلويين"، معلّلا هذا التقييم بكون المغرب لم يسبق له أن عاش عصرا ذهبيا من القوة والأمن والأمان والاستقرار وقوة الدولة المركزية والإجماع حول العرش كما يعيشه حاليا مع الملك محمد السادس...
استعادة حالة "الانسداد" دفعت توفيق بوعشرين إلى التوجّه إلى الملك، متمنيا الرحمة والتسامح والعفو على النقيب زيان وعلى معتقلي الريف، (وأضيف أنا هنا معتقلي اگديم إزيك) خصوصا أن بلادنا مقبلة على محطات مفرحة، هناك كأس إفريقيا (الكاف) سنة 2025 وهناك كأس العالم (المونديال) سنة 2030، مما يساعد على تأصيل وتثمين ربط البلاد بهذا الحلم الكبير، الذي قال إنه مشروع كبير بحاجة إلى تمثّل وإعمال أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية...المغرب اليوم في حاجة إلى استعادة الوعي والحكمة، وتوطيد المكتسبات الحقوقية التي عرفتها الساحة السياسية، والتي لا تتناسب مع أجواء توالي محاكمات حرية التعبير، وذكّر توفيق بالدعوى القضائية التي كان رفعها ضده كلا من عزيز أخنوش ومحمد بوسعيد اللذين طالبا بتعويض قدره مليار سنتيم... وعلى التو، سيستحضر الزميل حميد المهدوي حالة عبد اللطيف وهبي الذي طلب منه ما طلبه أخنوش وبوسعيد مجتمعيْن، أي مليار سنتيم...
حوار الزميلين المهداوي وبوعشرين لم يخلُ من شُحنات عاطفية جميلة، إذ استحضرَ تلك الضحكة المستبشرة، التي طبعت إطلالة توفيق لدى خروجه من السجن... ما يعرفه المقرّبون من توفيق، وأنا أزعم أنني كنت واحدا منهم، أن تلك الابتسامة لا تكاد تفارقه، قد يطلقها حينا خفيفة، وأحيانا يطلقها مدوّية، فتتحوّل الضحكات إلى قهقهات، وفي الحالين معا تعبّران عن تمسّك بالأمل لا يلين... في الحوار، سيجيب توفيق: "ابتسامتي ليس فيها حقد أو أي نزعة انتقام من الذي حكم عليّ أو ساهم في الحكم عليّ أو شهّر بي وأنا في السجن"... توفيق قال وفعل، لقد ترك كل ذلك خلف ظهره رغم أن كينونة السجن تبقى محفورة في الداخل، ما دعا توفيق إلى تجديد الشكر لرئيس الدولة، وقال: "أشكر ملك البلاد اللي وضع نهاية لمعاناتي"...
ابتداء من اليوم إذن، سيلتقي المتابعون مع بودكاست "كلام في السياسة مع توفيق بوعشرين"، مع كل التمنيات بالتوفيق، والتطلّع أن يعزّز مهنة المتاعب بقيمة مضافة جديدة...