الشناوي.. المسرحي الذي امتطى صهوتي الميكروفون والتلفزيون ورحل بأنفة الكبار
الكاتب :
إسماعيل بوقاسم
إسماعيل بوقاسم
رحل الفنان المغربي الكبير عبد العظيم الشناوي، في صمت، بأنفة الكبار، مخلفا وراءه تراثا فنيا وإعلاميا ضخما، وأسىً عميقا في نفوس محبيه، وألما في دواخل الذين واكبوا إلى جانبه الخطوات الأولى في مسرح البدايات، وآخرون ممن كان جسرا لعبورهم إلى الخشبة والتلفزيون واالسينما، فضلا عن زملائه الذين شقوا معه الطريق في رحلات مكوكية على صهوة الميكروفون في الإذاعة والتلفزيون.
هو فنان مخضرم عاصر أكثر من جيل من أهل الفن والإعلام والأدب والسياسة، مبدع محبوب لدى المغاربة سواء الذين خبروا قدراته على الركح أو من عايشوا مشواره الإعلامي على شاشة التلفزيون، أو الذين سافروا مع صوته الدافئ على ضفاف الإذاعة شوطا من الزمن.
استهل هذا المبدع مشواره الفني المسرحي الحقيقي مع فرقة " الكواكب" رفقة مرحوم "البشير لعلج " بالدار البيضاء، حيث قضى بين ظهرانيها سنوات امتدت إلى أواخر الخمسينات، قدم خلالها عشرات العروض المسرحية بسينما "فيردان" و"الكواكب" بالدار البيضاء، إضافة إلى جولة فنية طارت به إلى تونس الخضراء، رفقة بعثة من الفنانين المغاربة.
بعد عودته مطلع الستينات محملا بدبلوم في الإخراج السينمائي من القاهرة، أسس "الشناوي" فرقة "الأخوة العربية"، التحق بها نخبة من المبدعين المسرحيين أمثال (عبد اللطيف هلال - محمد مجد - الزعري - الداسوكين - عبد القادر لطفي - سعاد صابر - زهور السليماني - صلاح ديزان وآخرون...) قدموا باسمها أكثر من عشرين مسرحية، أبرزها "الطائش" و"الحائرة" و" انكسر الزجاج" وأعمال أخرى تحتفظ بها الذاكرة المسرحية البيضاوية، جلها من تأليف وإخراج عبد العظيم الشناوي.
في أواسط السبعينيات ارتبط اسم المبدع "عبد العظيم" بالتلفزيون المغربي، من خلال مجموعة من البرامج الناجحة، منها "فواكه للإهداء" و"مع النجوم" و"نادي المنوعات" و"قناديل في شرفات الليل"...
ومع مطلع الثمانينيات عرف مساره منعطفا جديدا، حيث التحق "الشناوي" بإذاعة "ميدي 1" واستقر بها لمدة عشرين عاما قدم خلالها أكثر من 50 برنامجا استهلها ببرنامج "الفن في العالم" وختمها ببرنامج وثائقي حول "الحرب العالمية الثانية". ثم عاد مجددا إلى بلاطوهات التلفزيون ببرنامج "حظك هذا المساء"، وكممثل ببرنامج "مداولة"، ثم إلى المسرح كمخرج لمسرحية استعراضية من تأليف عبد العزيز الطاهري بعنوان "بين البارح واليوم".
آخر ما أبدعه عبد العظيم شريط سينمائي قصير عنونه بـ" المصعد الشرعي"، وعزز بمشاركاته كثيرا من المنجزات الفنية المغربية تلفزيونيا وسينمائيا، وكانت آخر لقاءاته الإشعاعية، تأطيره لندوة فكرية توثيقية نظمتها "جمعية فضاء القرية للإبداع" ضمن فعاليات الدورة العاشرة لمهرجانها "ابن امسيك للمسرح الإحترافي" وكانت في موضوع "توثيق التجربة المسرحية بالدار البيضاء" قدمت بالمركب الثقافي سيدي بليوط، بمناسبة اليوم العالمي للمسرح.
توفي رحمه الله يوم 10 يوليوز 2020 إثر وعكة صحية ألمت به وألزمته الفراش عدة شهور، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه من جمهوره الواسع، الصبر والسلوان..