الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

هيئة حقوقية تؤكد أن المستشفى الإقليمي بتارودانت يحتضر وهذا ما سجلته من اختلالات مزمنة

 
رصد المكتب الإقليمي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بتارودانت ما أسماه "التدبير الاعتباطي لجائحة كورونا بمستشفى المختار السوسي وما خلفه من عواقب وخيمة" على سكان الإقليم.
وقالت الهيئة الحقوقية، في بيان لها توصل موقع "الغد 24" بنسخة منه، إنها نبّهت إلى جملة من الاختلالات، وحذرت من المنحى الخطير الذي يسير إليه هذا المستشفى، وطالبت "السلطات المعنية من عامل الإقليم ومندوب الصحة والمدير الجهوي للتدخل لتصحيح الوضع الأعرج الذي سيكون وصمة عار على جبين المسؤولين المتهاونين في اتخاذ الإجراءات اللازمة والزجرية في حق المقصرين"، قبل أن تستطرد الهيئة الحقوقية للقول: "لكن نداءاتنا لم تجد آذانا صاغية لعدم تبصر المخاطب واستهانته ببعد النظر الذي تتحلى به الهيئة كفاعل حقيقي وازن في ترشيد السياسة الصحية ورسم معالمها لما فيه صالح الوطن والمواطنين على حد سواء".
وأضاف بلاغ الهيئة "ها نحن اليوم نعيش تبعات العشوائية في التسيير مع توالي حالات الاصابة بالفيروس اللعين، فمنذ قدوم الحالات الأولى وإصابة إطار عامل بمستعجلات المستشفى المذكور، حذرنا، وبكل أمانة، من غياب رؤية واضحة المعالم للتكفل بالحالات الواردة، وأشرنا إلى غياب مسلك حقيقي يضمن سلامة الجميع من عاملين ومرضى ومرافقيهم، كما طالبنا بضرورة اشراك كافة القوى الحية والمجتمع المدني والانفتاح عليهم قصد بلورة طريقة عمل تحافظ على أرواح المصابين بدل سياسة الانطواء والتقوقع، الذي تنهجه إدارة المستشفى لإخفاء زلاتها المتكررة تجاه المرضى".
وتساءلت الهيئة: كيف تفسر إدارة المستشفى الإقليمي المختار السوسي بتارودانت ارتفاع وتوالي عدد الوفيات في صفوف المصابين؟ 
وشدد بلاغ الهيئة على أن المتتبع للشأن الصحي بالمستشفى يقف مذهولا وحائرا أمام هول الحقائق والأخبار التي يسردها المرضى والمرافقون، ومنها: عدم توفير مادة الأوكسيجين الضرورية لإنقاذ أرواح المصابين بفيروس كورونا كان السبب الرئيسي وراء تأزيم الوضع وارتفاع الوفيات، وعدم توفر المستشفى على مُولّد مركزي لهذه المادة الحيوية وانقطاعها باستمرار يطرح أكثر من علامة استفهام حول الاستهتار المتعمد بحياة المرضى، وحول مصير الاعتمادات المرصودة لتأهيل هذا المستشفى في ظل أزمة كورونا، كما أن غياب وحدة إنعاش حقيقية تستجيب للشروط العلمية زادت من معاناة المصابين...
وأضاف البلاغ ذاته أن "السياسة الترقيعية لسد خصاص المستشفى من الموارد البشرية فاشلة بكل المقاييس"، ومن علامات هذا الفشل، ترصد الهيئة الحقوقية تخلي إدارة هذا المستشفى عن أهم اطرها الطبية والتمريضية الكُفءة لصالح إقليم آخر، في حين أن سكان الإقليم يجابهون الموت يوميا دون رعاية طبيبة حقيقية.
وفي هذا الصدد، اعتبر المكتب الإقليمي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بتارودانت أن "تعيين أطباء الانعاش وممرضي التخدير والانعاش العاملين بتارودانت بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير كان جريمة في حق الإقليم ككل، علما أن مستشفى الحسن الثاني يرفض باستمرار استقبال مرضى تارودانت في الحالات الحرجة، كما أن تعيين أطر لا دراية لها بالعلاجات في مصالح كوفيد 19 نعتبره ذرا للرماد في عيون المتتبعين ومحاولة يائسة لحجب حقيقة فشل الإدارة في التدبير، فهل يعقل أن تقنيي الترويض أو مقومي النطق مثلا أن يقوموا بإجراء عملية تخطيط القلب للمرضى وإجبارهم على ذلك كرها تحت طائلة المساءلة الإدارية، علما أنهم لم يتلقوا تكوينا في ذلك، ولا يدخل في اختصاصاتهم؟ ألا يعد هذا هدرا للوقت والمال وصحة البشر؟؟؟"...
وأضاف بلاغ المكتب الإقليمي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بتارودانت، الذي جاء في شكل تقرير مطوّل ودقيق، إلى كل ما سبق "التراجع الخطير في جودة الخدمات العلاجية الاعتيادية المقدمة للمواطنين"، معتبرا إلغاء العمليات الجراحية المبرمجة وإغلاق مركز التشخيص وتحويله إلى جناح كوفيد 19 هو نتاج التخبط في التسيير والاستهتار بأرواح المرضى الفقراء. كما اعتبر تدهور الحالة الصحية لأغلب مرضى القلب والشرايين ومرضى الربو والسكري هو نتيجة لفقدان بوصلة التدبير لدى إدارة المستشفى وإهمالا في حقهم يستوجب المساءلة والمحاسبة. كما اعتبر هروب نزيلتين بمصلحة الأمراض النفسية من الباب الخلفي تقصيرا واضحا يستوجب فتح تحقيق حول مدى أهلية المسؤولين بالمستشفى.
وخلص البلاغ نفسه إلى أنه "أمام هذا الوضع الكارثي، ندعو، من جديد، كافة المسؤولين من عامل الإقليم ووزارة الصحة إلى التدخل العاجل لإنقاذ المئات من المرضى من خطر الموت، بسبب سوء التدبير للقطاع الصحي بالإقليم، فلا يمكن أن نقبل التحجج بأزمة كورونا في ظل غياب خطوات عملية وعقلانية للمسيرين، وندعو كافة الحقوقيين والجمعويين وأفراد المجتمع المدني بإقليم تارودانت للاستعداد للتنديد بهذه الممارسات بكل الطرق التي نراها تتلاءم مع الحالة الوبائية، ونعلن من داخل المكتب الإقليمي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بتارودانت استعدادنا لمد يد العون للسلطات المحلية والمستشفى الإقليمي المختار السوسي في سبيل مواجهة جائحة كورونا"...