كشف عنه اعتقال مغربي في إسبانيا.. انطلاق التنسيق بين داعش والإخوان بقيادة أردوغان
الكاتب :
جلال مدني
جلال مدني
شكل حادث اعتقال الشرطة الإسبانية لمواطن مغربي يلقب بـ"الإمام" مؤشرا تأكيديا للتقارير المتواترة حول دخول داعش وجماعة الإخوان المسلمين في عمليات تنسيق تنظيمية، لتوزيع الأدوار، يتكلف الخوانجية باللوجستيك ويتكلف الداعشيون بتنفيذ العمليات الإرهابية...
وكانت الشرطة الإسبانية اعتقلت، يوم الأربعاء 28 أكتوبر 2020، مواطنا مغربيا بتهمة بث الأفكار المتطرفة لـ"داعش" السلفية بين المراهقين، وفي الوقت نفسه جمع الأموال لحركة حماس الفلسطينية الإخوانية ولجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام...
وقالت صحيفة "لارازون" (La Razon) الإسبانية إن المغربي واسمه محمد (ش)، ويلقب بـ"الإمام"، مقيم بطريقة قانونية في باساخيس بإقليم الباسك، شمال غرب إسبانيا، كان عاطلا عن العمل يعيش على المساعدات الاجتماعية ويمارس نشاطه الديني/الإيديولوجي، بما فيه الترويج لفكر "داعش"، مستغلا إمكانيات جمعية ممولة من طرف السلطات الإقليمية الباسكية ومواقع التواصل الاجتماعي. وأضافت الصحيفة الإسبانية، نقلا عن أجهزة الأمن، أن محمد (ش) أرسل 100 ألف أورو على الأقل لكتائب عز الدين القسام في فلسطين.
وتتزامن هذه الحملة الأمنية الإسبانية "الاستباقية" مع التطورات السياسية الأمنية، التي تمر بها فرنسا خلال الأيام الأخيرة، بفعل الإرهاب الإسلامي، والتي كان آخرها العملية الإرهابية التي قام بها إسلامي متطرف بالسلاح الأبيض داخل كنيسة في مدينة نيس أسفر عن مقتل 3 أشخاص...
التنسيق بين هذا الداعشي وتنظيم حماس الإرهابي الإخواني أعاد فتح ملفات التنسيق بين داعش والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، إذ تقول التقارير إن أولى عمليات التنسيق دشنها رجب طيب أردوغان من خلال نجله، الذي كلفه بالإشراف على عملية تسويق النفط والغاز لفائدة داعش، ثم انتقل التنسيق إلى ما هو أبعد وأعمق...
ولتقديم إضاءات أكثر، نعود سنة إلى الوراء، إلى أكتوبر 2019، حين شنّت قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) غارة جوية أسفرت عن مقتل زعيم التنظيم، أبوبكر البغدادي. هذه العملية جرت في شمال غرب سوريا على مسافة تقل عن ثلاثة أميال فقط من الحدود التركية. وكان لافتا أن قاعدة الانطلاق كانت العراق لا تركيا، حيث يملك حلف الناتو قاعدة انجرليك وعناصر قريبة من الحدود السورية التركية.
غذّى هذا الأمر التقارير التي تؤكد تمتع البغدادي بالحماية التركية، وباعتباره ذراعا عسكرية لأردوغان لتحقيق أحلامه التوسعية، واستعادة أراض يعتبرها تابعة للدولة العثمانية. وقوّى التقارير التي توثّق تفاصيل علاقة متينة بين الاستخبارات التركية وتنظيم داعش، ودور الحكومة التركية في تسهيل دخول وإيواء قيادات وعناصر من التنظيم لتقديم العلاج أو تسليحهم وتهريبهم عبر الحدود للقتال في سوريا والعراق، أو السفر إلى أوروبا...
وتدحض العشرات من التقارير الاستخباراتية واعترافات مقاتلين في داعش اعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطية، محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفي تلك العلاقة من خلال حملة الاعتقالات الأخيرة التي أعلن عنها إثر مقتل البغدادي، أو من خلال تصريحاته المؤيدة للحرب على الإرهاب...
وفي أحدث سلسلة من الفضائح التي تلاحق أجهزة المخابرات في تركيا وقطر، نشر موقع نورديك مونيتور، السويدي المتخصص في الشؤون المخابراتية، تقريرين أشار فيهما إلى أنّ وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية ذكرت في تقرير سرّي، بتاريخ يونيو 2016، أن تركيا وقطر دعمتا جبهة النصرة. وكشفت الوثيقة التنسيق المتبادل بين المخابرات التركية والجماعات المتطرّفة في سوريا، وبخاصة تنظيم داعش، وجبهة النصرة.
وتؤكد هذه الوثيقة ما جاء في تقرير سابق لأجهزة الاستخبارات الهولندية كشف عن استخدام داعش الأراضي التركية كقاعدة استراتيجية لتدريب عناصره، بالإضافة إلى عبور الآلاف من التابعين لداعش إلى سوريا وأوروبا...
ومن بين التفاصيل المذكورة أن عناصر من جهاز المخابرات التركية كانت تجتمع مع داعش بشكل دوري، ويتم خلال اللقاء نقل توصيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى التنظيم. وأكّدت تقارير عديدة هذه التفاصيل...
من بين هذه التقارير، وهي من مراكز بحثية وأمنية، التي تتحدث عن الدور التركي في دعم داعش، هناك التقرير الذي أصدره مركز مكافحة الإرهاب بأكاديمية "وست بوينت" West Point العسكرية الأمريكية في 2014، والدراسة التي أعدها "ديفيد فيليبس" مدير برنامج بناء السلام التابع لمعهد بحوث حقوق الإنسان بجامعة كولومبيا الأمريكية في نوفمبر 2014، والتقرير الذي أعده أرون ستين الخبير في الشؤون التركية والمُقدم لمجلس النواب الأمريكي في أكتوبر 2016، والذي ركز فيه على شبكات التجنيد، التي أدارها تنظيم داعش في تركيا، والتقرير الذي أعده أحمد يايل الرئيس الأسبق لإحدى وحدات مكافحة الإرهاب في تركيا، الذي سلط فيه الضوء على عمليات تجنيد داعش للأتراك والصادر عام 2019، وتقارير مُتنوعة لشهادات بعض أعضاء تنظيم داعش عن تعاون السلطات التركية مع التنظيم، أحدثها التقرير الصادر عن المركز الدولي لدراسة التطرف العنيف في مارس 2019، وتصريحات عدد من قادة الجيش التركي في أعقاب خروجهم من الخدمة أو استقالاتهم بسبب الخلاف مع سياسات أردوغان...
لقد أصبحت تركيا هي الحاضنة لعناصر داعش. وكشف أبو منصور المغربي، الذي تولى مسؤولية التنسيق بين داعش والمخابرات التركية في فبراير 2019، النقاب عن الكثير من خفايا العلاقات، كان من بينها دور الحكومة التركية في توفير مياه نهر الفرات اللازمة للزراعة وتوليد الكهرباء من السدود، فقام التجار الأتراك من مؤيدي حزب العدالة والتنمية بالاتجار مع المناطق التي تسيطر عليها داعش وتزويدها بما تحتاج إليه من مؤن وسلع وأدوية، وحقق ذلك لهم أرباحا طائلة، وقام أشخاص وشركات تركية بشراء النفط الذي استخرجته داعش من الآبار الموجودة في المناطق تحت سيطرتها، وبثت الشبكات التليفزيونية صورا من الأقمار الصناعية تبين خط سير العربات المحملة بالنفط وصولا إلى أحد الموانئ التركية.
وباندحار داعش، ركّزت تركيا على توزيع عناصر داعش، منهم من عززت بهم صفوف بعض التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالإخوان المسلمين، خصوصا في مصر وفلسطين، ومنهم من أرسلتهم إلى أذربيجان للقتال هناك وفقا لسياسة أردوغان التوسعية، ومنهم من أرسلتهم لدعم ميليشيات في كل: من اليمن لدعم قطر وضرب السعودية والبحرين والإمارات، ومن ليبيا لدعم حركة النهضة، التي تتضعضع في تونس... إضافة إلى التسلل إلى كل من الجزائر وموريتانيا، ولعب أدوار غامضة في المغرب لدعم حزب العدالة والتنمية، الذي باتت خططه الإرهابية تتكشف، وإن بصورة بطيئة جدا، لكنه بدوره يتضعضع على مقربة من الانتخابات المقبلة... كما دفع عناصر داعشية أخرى إلى التسلل إلى أوروبا تتوزع بين "ذئاب منفردة" و"خلايا نائمة"، لا يستبعد أن تكون العمليات الإرهابية الأخيرة، ضد أستاذ التاريخ الفرنسي ضاحية باريس وضد كنيسة نوتردام في نيس، ضمن هؤلاء، وهذا ما قد تكشف عنه التحقيقات مع منفذ اعتداء نيس...