الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

العسبي: الملك محمد السادس وفرنسا.. صَعْبٌ تَلاقِينَا

 
حكيم العسبي
 
 
الفيديوهات الضَّحْلة المُدرَّة للايكات.
كُلَّما أرادَت فرنسا أَسْطرَة السِّياسة الخارجيَّة في علاقتها بالمغرب إلا وشَربَت من الجُعَّة القَديمَة... من خِلال دَسائِس واسْتِرزَاقات تُمارَس ضد المُؤسَّسة المَلكيَّة. في كلِّ الأحداث التَّاريخيَّة العالميَّة، لا تُضرَب المَلكيَّات سوى بالمَقُولات المُفَرَّخة عن الأخْلاَق... كانت الآلة الإعلاميَّة لما بَعْد ثورة ضباط الأحرار بمصر قد رَسَمت عن الملك فاروق أنه مُدمِن كُحول... كنّا محتاجين لسنين لنعرف أن الرجل يكره رائحتها.
فرنسا اليوم ليست مُخالِفة عن صِبْغَتِها الأُولى منذ دوغول مُرورًا بميتران إلى طفل المسرح ماكرون... المغرب هو Titre foncier، والسِّياسة تُبْنى مع المملكة بالمُطاوَعة أو تَشعُّبات بِمنطِق الأسْتذة.
ذلك بيِّنٌ...
بِنيةُ العلاقة بين حكم الملك محمد السادس والجمهورية الفرنسية صَارَت بِشكْلٍ غير قَابِل لِلاسْترجَاع لِمَا كانت عَليْهِ زَمنَ الحسن الثاني رحمه الله. كانَت حِينها فرنسا قادِرَة على الاسْتِيلاَء على المِخيَال العام المغربي وإعادة تَصْنيعِه فقط بإصْدَار كِتاب يَتناوَل مَسار الملك الحسن الثاني وحياته الخاصة... كان عُنوَانٌ في جريدة فرنسية يَجعَل الرباط تَقِف على رِجلَيها.
كانت كل القِوى السِّياسيَّة المغربية، يَسارِيُّون وإسلامِيُّون، يُراهِنُون على فرنسا كَونها طَليعَة التَّغيِير الديمقراطي، والقادِرَة، بِشكْل أو بآخر، على خَلْقَ الوَجِيعَة لِقرَارت الحسن الثاني... هكذا نَجَحت فرنسا في خَلقِ "السِّيسْتم" مع الحسن الثاني، من حيث اسْتدرَاج خِيَّاراتِه وقَرَاراتِه فِي ما يَقَع ضِمْن مَنطِق الفِكْر الفَرنسي.
السيَّاسة الخارجيَّة عند الملك محمد السادس.. نَصٌّ، صَعبُ المَنَال.
ما يَجعَل دائِرَة الاشْتِغَال عِنْد الملك محمد السادس أَوْسَع مِمَّا كانت عِنْد والده الحسن الثاني، كَونُه جاء في زَمنٍ، الخِيَّاراتُ فِيه عَابِرةٌ للأيديولوجيا والتَّحزُّب.. لهذا الملك الحالي ذِهْنيا مُتجاوِز لِسَالفَاتِها من الأسئلة لِلسيَّاسة الفرنسيَّة التي كانت تُحاصِر بِهَا تَحرُّكات الملك الراحل الحسن الثاني.
وأمَام انْفِجار شَبكَات التَّواصُل دَاخل العَالم الأَزرق، مازَالَت فرنسا، بِعُقْم ذِهْنيَّتها، تَعتَمِد على كُلِّ دَاعٍ و مُفَوَّض و مُسْتَدرَج، عبر فيديوهات تُمارس البَلطَجة... وتَقدِيمِها كَقِوى المُغاضِبة القَادِرة على كَسْر أرْكَان الدَّولة.
في السياسة لا يُوجَد زَمَن مَرجِعي...
عِقدَان من الزَّمَن جَعلَت الملك محمد السادس يَكُون في اللامَركزيَّة الفِكريَّة لفرنسا.. من حيث أن علمانية النَّهج عند فرنسا (الدين .. الهوية.. اللغة الفرنسية) عموما مع المغرب تَنْصدِم بِالمُكوِّن الهَويَّاتي الديني لإمارة المؤمنين، مسلمين ويهودًا.. وهذا ظهر مع اتفاقية الاعتراف بإسرائيل التي تَمَّت بإقْرَارٍ مُجْتمعِي وحِزْبي (طبعًا هناك الرَّافضون وصَوتُهم بحَجْم مُوَاءِ قِطة). الهويَّة الأمازيغيَّة بدَسْترَتها وما يَحمِلُه هذا من خَلْخلَة الجِوار... تُمَّ بداية تَجاوُز اللغة الفرنسية، التي تُعرَّف عَالميًا (Useless language)، أي (لغة عديمة الفائدة).
هناك فَسَاد في المغرب.. هناك رِيعٌ.. هناك ضَعفُ الخدمات الاجتماعية.. هناك غُبْنٌ اجتماعي... كلّ هذا، الدولة المغربية مَن تَتحمَّل تَبِعات تَبَنِّيه... وليست تيليكموند ماما فرنسا.
فالتَّعَري أمَام المرآة هو لَكَ، والتَّعَرِّي أمَام المَلأ هُو عَليْكَ.