استضافة المغرب لمكتب برنامج أممي لمكافحة الإرهاب في إفريقيا تتويج لريادته في التصدي للإرهاب
الكاتب :
"الغد 24" و(و.م.ع)
وقّع المغرب ومنطمة الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء بواسطة تقنية التناظر المرئي، اتفاق مقر يتعلق بإحداث مكتب برنامج بالمغرب لمكافحة الإرهاب والتكوين في إفريقيا، تابع لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
ويعكس هذا الاتفاق، الذي وقعه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، والأمين العام المساعد للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، السعي إلى تضافر الجهود من أجل مواجهة التحديات المرتبطة بالتهديد الإرهابي المتزايد في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة.
وحسب المراقبين، فإن هذا الاتفاق، الذي جرت مراسم التوقيع عليه، انطلاقا من نيويورك، بحضور السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، يعتبر تتويجا لريادة المغرب في مجال مكافحة الإرهاب، وثقة في نجاعة استراتيجيته، التي تجعل منه شريكا استراتيجيا لا محيد عنه، سواء بالنسبة للأمم المتحدة أو بالنسبة لدول العالم، في مجال محاربة الإرهاب، داخل المغرب وعلى الصعيد العالمي.
وبذلك، فإن اختيار المغرب ليكون مقرا لمكتب برنامج لمكافحة الإرهاب في إفريقيا، هو اعتراف دولي بالدور الرئيسي، الذي يضطلع به المغرب في مكافحة الإرهاب، وتتويج للإنجازات التي حققها المغرب والخبرة التي راكمها في هذا المجال، من جهة، ومن جهة ثانية، اعتراف بالدور، الذي يلعبه المغرب في إفريقيا، ليس فقط على مستوى مساعدة الأشقاء الأفارقة في قضايا التنمية المستدامة، ولكن أيضا في مساعدة العديد من الدول الإفريقية على تعزيز تحدياتها الأمنية في مواجهة الخلايا الإرهابية، وبالخصوص أن استراتيجية المغرب في هذا المجالتنبني على رؤية شمولية، تتجاوز النظرة الأحادية إلى الإرهاب باعتباره معضلة أمنية، بل رؤية تتأسس على عدة محاور تجمع بين التدبير الأمني وإعادة هيكلة الحقل الديني ومكافحة الفقر والتهميش، الذي يعد بمثابة أرض خصبة لانتشار الإرهاب والتطرف. وقد أبانت هذه المقاربة المتعددة الأوجه، التي يتبناها المغرب، عن نجاعتها، وأصبحت نموذجا يحتذى به في العالم للتحصين ضد التهديدات الإرهابية...
وبالعودة إلى اتفاق المقر، ولتسليط الضوء على أهم مقتضياته، أبرز ناصر بوريطة، في تدخل على هامش حفل التوقيع، أن هذا المكتب، الأول من نوعه في إفريقيا، يهدف إلى "تعزيز قدرات الدول الأعضاء عن طريق بلورة برامج وطنية للتكوين في مجال مكافحة الإرهاب".
وقال بوريطة إن المغرب يلتزم بالعمل بشكل ملموس مع هذه البنية الجديدة بغية وضع برنامج ديناميكي ومتطور للتكوين يواكب ويتكيف مع المهمة "المتغيرة باستمرار والتي تزداد صعوبة، المتعلقة بالوقاية والرصد وملاحقة الانشطة الإرهابية".
ومن أجل النجاح في هذا الرهان، أكد بوريطة، أنه "يجب أن تكون أعمالنا في انسجام تام مع احتياجات الدول الأفريقية، ومكملة لمختلف المبادرات التي أطلقتها هذه الدول، وأن يتم تطويرها بمساهمة دول القارة، وكذا تقاسمها مع الشركاء ضمن مقاربة تعاونية ومتضامنة".
وأشار بوريطة إلى أن إحداث هذا المركز، وهو ثمرة عمل دؤوب دام أكثر من تسعة أشهر، يأتي في الوقت الذي توجد فيه إفريقيا ضحية لتنام "مقلق" للأعمال الإرهابية خلال عام 2020.
وقد تزايدت هذه الأعمال بنسبة 31 في المائة منذ عام 2011، لتصل إلى 4100 هجوم في النصف الأول من العام الجاري، في حين ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 26 في المائة في عام واحد (12507 مقابل 9944 في النصف الأول من عام 2019).
وأضاف الوزير أنه في منطقة الساحل، التي شهدت أكبر تجدد لأعمال العنف، تضاعفت هجمات "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" و"داعش" سبع مرات منذ منتصف عام 2017.
وأشار بوريطة إلى أنه في بحيرة تشاد تضاعف تقريبا عدد ضحايا الهجمات الإرهابية لجماعة "بوكو حرام" و"داعش" منذ يونيو 2017 لينتقل من 506 إلى 964 شخصا.
وخلص الوزير إلى أن هذه الأرقام تؤكد أن أفريقيا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى عمل "فوري وحازم" لتحقيق الاستقرار في القارة وتعزيز أمنها وتمكينها من التركيز على التنمية المستدامة.