الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

مصطفى لمودن: ليس فيها لا زرابي ولا مكيفات هواء ولا نياشين ولا سلط.. المدرسة قنطرة المستقبل

 
مصطفى لمودن
 
 
ها أنا قد وقّعت محضر العودة إلى المدرسة، كما وقّع زملائي.
ليس لي أي مشكل أو تخوف أو عقدة من العودة.
مستعد للعمل في القسم ومصاحبة التلاميذ.
أعتبر نفسي "مقاتلا" في ميدان التربية والتعليم.
كنت أعرف ذلك، منذ البداية، لقد قضيت 35 سنة مدرسا.
منها 33 سنة في العالم القروي، حيث لا يمكن اعتبار جل المدارس هناك مؤسسات صالحة للتعليم.
وقّعت ولم "أوْقِع" بنفسي، ما دمتُ اخترتُ.
ورغم واقع "التهلكة" المتربص بالجميع، وفي أي لحظة يمكن للفيروس أن يهجم.
عدت وعاد الزملاء للعمل، وفي انتظار اتخاذ بقية الإجراءات، سيعود التلاميذ بدورهم.
المدرسة مستعدة للقيام بدورها. ولكن هل بقية الأطراف مستعدة كذلك؟
لقد تُركت المدرسة لشأنها، وأُهملت منذ عقود. وهي البناية الأكثر بؤسا وإهمالا من كل المؤسسات العمومية.
هل ستحظى الآن بواجب العناية؟ هل ستتلقى الدعم والمساندة مِمن يُفترض أن مهمتهم تقوم على هذا الشأن؟
هل ستنظف كما يجب؟ هل ستتوفر على وسائل الوقاية؟ من سيساعد المدير(ة) على التنظيم وهو/هي وحده المكلف بمهام كثيرة؟
هل يمكن أن "يسهر" المعلمون والمعلمات على التنظيف كما جاء في إحدى المذكرات؟
ما معنى "تسهر" وما حدودها؟
المعلم(ة) في الابتدائي مثقل بمهام كثيرة، وهو بالمناسبة يعمل ثلاثين ساعة في الأسبوع، وليس 24 كما جاء على لسان الوزير المكلف بالقطاع لما حل ضيفا على القناة الثانية.
لا يترفع المعلمون عن المساهمة في التنظيف، إنهم يقومون بذلك مرارا، وكما فعلت. ولكن أي دور لبقية المتدخلين؟ هل الموظفون في بقية القطاعات يقومون بمهام التنظيف؟
خذ/ي مثلا مؤسسة العمالة والطاقم المكلف بتنظيفها وتزيينها، والإمكانيات المرصودة لذلك.
فلماذا تُحرم المدرسة من مثل ذلك أو بعضه وخاصة في هذا الظرف؟
ليس في المدرسة زرابي ولا مكيفات الهواء (...) ناهيك عن الوسائل التعليمية الضرورية.
هناك امتداد لتلك النظرة الدونية التقليدية عند الناس، والتي تنتقص من قيمة "الصبيان"، وتهمشهم.
وأسقطنا ذلك على المدرسة. وأعلينا من شأن أصحاب "السلط"، فوفرنا لهم الزرابي ومكيفات الهواء.
ما معناه أننا لا نهتم بالمستقبل ولا نعدّ له، ونعيش لحظتنا فقط بمتعها وتسلطها وبذخها.
ففي الأطفال وما يتعلمون يكمن المسقبل.
من إيجابيات جائحة كورونا (إذا كانت لها إيجابيات) الحديث المقرون بالعملي عن مقرر التعليم الابتدائي في ما يخص التركيز على الأهم، وإثارة المواد الأساسية والأخرى الثانوية أو الإضافية.
فلماذا منذ عقود ترهقون التلاميذ بمواد لا نفع فيها؟
هدر للزمن والجهد بدون نتيجة.
يكفي أن يثير البعض مستوى التلاميذ اللغوي والمعرفي والمهاري والسلوكي.. حتى توجه أصابع الاتهام للمدرسة.
لكن، قلة من يعرفون ما يجري بالمدرسة وما هي أعطابها، وما يعطى للتلاميذ.
لو يطلع خبراء محايدون على مقرراتنا سينالهم العجب والغضب.
ورغم ذلك، لا أحد يتوفر على الشجاعة ويدعو للغربلة وإنقاذ التلاميذ مما لا نفع فيه.
حتى جاءت كورونا فبدأنا نسمع عن المواد الأساسية.
إن من المخاطر التي تحيق بالمدرسة، هو إغراقها برغبات الكبار المتنفذين وبعض الفرقاء.
كل يريد من المدرسة أن تتحمل جزءا من تصوره، دون مراعاة نفسية الطفل وحاجياته، ودون النظر للمستقبل وما يعتمل في العالم من تحول مستمر. وما يجب أن نعد له من أجنحة وأسلحة وكفاءات.
تتطلب المدرسة تعاونا من قبل الجميع. فهي ليست للمدير(ة) وللمعلمين حتى "يقاتلوا" وحدهم ويخوضوا عباب بحرها اللجاج.
تحتاج المدرسة الدعم، وليس الوصاية.
تحتاج رؤية مستقبلية، وليست ماضوية.
المدرسة قنطرتنا نحو المستقبل.
 
 
 
عرض الصور لا يعني المزايدة على أحد