الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
من اجتماع اللجنة التحضيرية لمشروع حزب التغيير الديمقراطي في يوليوز 2019

ناشطون يطلقون حزبا جديدا يمزج بين "تمازيغت" و"تمغرابيت" وهذه منطلقات أطروحته السياسية

 
جلال مدني
 
علم موقع "الغد 24" أن ناشطين مدنيين يجرون حاليا اللمسات الأخيرة على الوثائق المرجعية للإعلان عن التأسيس المرتقب لتنظيم سياسي جديد يحمل اسم "حزب التغيير الديمقراطي".
وذكر مصدرنا أن اللجنة التحضيرية، التي تضم رموزا من الحركة الأمازيغية وأساتذة جامعيين وبعض المستقلين، وفعاليات نقابية وحقوقية ونسائية، عاودت اجتماعاتها، التي كانت توقفت بسبب الحجر الصحي، الذي كانت فرضته ظروف جائحة كورونا...
ورغم أن الحضور الأمازيغي لافت للنظر في هيكلة اللجنة التحضيرية، إلا أن مصدر "الغد 24"، وهو عضو قيادي، أن الحزب الجديد على خلاف الحزب الديمقراطي الأمازيغي، يضم تمثيلية من مختلف المناطق، إذ هناك ناطقون بالأمازيغية وناطقون بالدارجة وبالحسانية، مبرزا أن المشروع هو مزيج بين "تمازيغت" و"تمغرابيت"، وأنه يدافع عن الأمازيغية من بين نقاط أخرى لكنه ليس أمازيغيا، بل هو حزب لكل المغاربة ينتصر للمغرب الموحد بتنوعه.
وأوضح مصدرنا، الذي فضّل عدم الإدلاء بكل تفاصيل المشروع إلى وقته المناسب، أن هذا المسار ابتدأ قبل سنة ونصف، حين التأم عدد من مناضلي الحركة الأمازيغية ونشطاء من الحركة النسائية والنقابية والحقوقية، وعدد من المستقلين، الذين لم يجدوا ما يعبر عنهم وعن طموحاتهم في العرض السياسي القائم، فقرروا إطلاق مشروع حزب سياسي يدافع عن الأمازيغية، لكن بنيته وهيكلته وتوجهاته تجعل منه مشروعا سياسيا لكل المغاربة بدون استثناء، وانتخبوا أعضاء لجنة تحضيرية، انكبت على هيكلة الجهات والأقاليم، وجمع وثائق المؤسسين والمؤتمرين، قبل أن تتوقف عن العمل الميداني بسبب جائحة كورونا، مستدركا أن اللجنة التحضيرية تعود الآن بقوة لاستكمال إجراءات التأسيس...
وأبرز العضو القيادي أن هذا المسار يتوفر الآن على تنسيقيات في تسع جهات، ويجري العمل على هيكلة المنظمات الموازية (الشباب، المرأة...)، وهناك لجنة للخبراء (أساتذة جامعيون من مختلف التخصصات) تنكب على تنقيح الأرضية والوثائق المرجعية للمشروع، بما في ذلك إمكانية تغيير اسم وشعار الحزب المقترحيْن.
وخلص العضو القيادي إلى القول إن هذا المشروع السياسي اختار الاشتراكية الديمقراطية كتوجه سياسي واقتصادي، وأنه جاء بعد تراجع قوى اليسار وغياب تنظيمات حداثية قوية، ما جعل المؤسسين يعتبرون أن الوقت حان للانخراط الجماعي للحركة الأمازيغية في العمل السياسي المباشر، بتنسيق مع كل القوى الديمقراطية الحية، للدفاع عن مشروع مجتمعي حداثي لصالح الوطن والمواطنين، مشروع يتناقض مع التوجه الرجعي النكوصي، الذي يسعى إلى الاستحواذ على الساحة، مبرزا أن ترك الساحة سيؤدي إلى تراجعات خطيرة في المكاسب الديمقراطية والحقوقية، وعلى رأسها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق المرأة والأمازيغية، وقال إن أداء السنوات العشر الأخيرة دليل صارخ على ذلك.
 
 
منطلقات الأطروحة السياسية
بعض مبررات راهنية الحاجة إلى مشروع مجتمعي جديد
 
 
* حركة ديمقراطية حداثية تقدمية تنشد التغيير الديمقراطي لصالح المواطن والوطن، تغيير هادئ من داخل المؤسسات، من خلال الانخراط في العمل السياسي المباشر، الذي يقود إلى المساهمة في نسج سياسات عمومية تصب في مصلحة تحقيق تنمية مستدامة مرتكزاتها: تحقيق النمو الاقتصادي، العدالة الاجتماعية، الاستقرار الإيكولوجي والحفاظ على البيئة، وجعل الثقافة رافعة أساسية في تحقيق التنمية.
 
* كان العقل الأمازيغي ومايزال مؤسسا على منطق المقاومة، ولم يكن يوما مبنيا على ثقافة "المشروع"، وكانت الحضارات القوية تبسط سلطتها على شمال إفريقيا بسبب حملها ل"المشروع" الغائب محليا، مع استثناءات قليلة.
 
وحتى مع ظهور الحركة الأمازيغية في شمال إفريقيا وتطورها، فقد كان نضالها قائما بالأولوية على مقاربات الاحتجاج والترافع والضغط، لتبقى في نفس منطق المقاومة، ونحن اليوم واعون أن استمرارنا على نفس النهج سيضعنا دوما في هامش مراكز اتخاذ القرار... لذلك نقول أن الوقت قد حان للانتقال من عقلية المقاومة والاحتجاج والترافع، إلى بناء مشروع مجتمعي يتم تصريفه من خلال المشاركة الديمقراطية والمساهمة في اتخاذ القرار من داخل المؤسسات.
 
* طالما كان يغلب الحذر والتوجس، على نظرة البعض إلى الأمازيغية، مدعين أو معتقدين أنها تهدد الوحدة الوطنية، وهم بذلك ينهلون من النموذج اليعقوبي الفرنسي، إلا أن مثقفي الحركة الأمازيغية أثبتوا أنه ليس هناك أي تناقض بين le Communautarisme et la Citoyenneté ... اليوم ثبت أن التنوع يشكل غنى يقوي اللحمة الوطنية، وبالتالي فلا تناقض بين "تمازيغت" و"تمغربيت"، بل هناك تكامل بين المفهومين، وكلاهما سر قوة الآخر.
 
* لا شك أن أغلب المشاريع السياسية التي استعارت توجهها ومرجعيتها من الشرق أو الغرب، لاقت الفشل بسبب عدم ملامستها لجوهر الإنسان المغربي وثقافته، ولذلك، حتى نتجاوز هذه الأخطاء، فنحن نريده مشروعا مجتمعيا مغربيا مغربيا بالأولوية (التحليل الملموس للواقع الملموس)، مع الاستفادة طبعا من التجارب الكونية الناجحة في مختلف المجالات، فنحن نستأنس بالماضي الذي ينير حاضرنا، لكننا نستشرف المستقبل بثقة عالية، ونركز عليه لتحقيق الاستقرار والرفاه لأبناء وطننا...
 
* إقراردستور 2011 بتنوع وغنى مكونات الهوية الوطنية والعمل على حمايتها وتعزيزها والتنصيص على الأمازيغية باعتبارها ملكا مشتركا لكل المغاربة، وكلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، خطوة مهمة إلى الأمام، مع تسجيل بطء في تفعيل طابعها الرسمي وإدماجها في كل مناحي الحياة، وأحيانا تراجعات خطيرة تشوش على هذا المسار، بسبب جيوب المقاومة، وعلى رأسها الحزب الذي يترأس الحكومة، والحامل لمشروع رجعي نكوصي يتعارض مع توجهنا الحداثي الديمقراطي.
 
لذلك فالحركة الأمازيغية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى، للمشاركة السياسية في أفق تثبيت المكتسبات وضمان إعادة الاعتبار للأمازيغية لغة وثقافة وهوية، بل ومشروعا مجتمعيا.
 
* تراجع ما يسمى باليسار القومي والأممي، وغياب قوى سياسية ليبرالية حاملة لمشروع مجتمعي قوي، أدى إلى تقوية التيار الإسلاموي الرجعي، سواء المؤمن بالمشاركة السياسية، أو الرافض للمؤسسات (وهما وجهان لعملة واحدة)، الأمر الذي يفرض على الحركة الأمازيغية والحركة الديمقراطية، تشكيل تحالف قوي لمواجهة هذا الزحف الذي يهدد المشروع الحداثي الديمقراطي، مدافعا عن مشروع رجعي استئصالي ضد المكاسب الديمقراطية لبلدنا، المعروف تاريخيا كقلعة للتعايش والتسامح.
 
ونحن هنا نميز بين الإسلام المغربي الحنيف والمتنور الذي نفتخر به ونعتبره جزءا لا يتجزأ من ثراتنا وحضارتنا، وبين من يحاول ليس فقط استغلاله في السياسة لنيل أهداف انتهازية، بل محاولة فرض نموذج متطرف مستورد من المشرق (إخوانيا كان أو وهابيا).
 
* لا شك أن هناك خزان كبير من الخبراء والأطر العليا والأطباء والمهندسين والتجار والطلبة والعمال والفلاحين... ظلوا خارج اللعبة السياسية، لأنهم لم يجدوا أحزابا تعبر عن همومهم وطموحاتهم وتطلعاتهم، أحزابا تعبر كذلك عن خصوصياتهم الثقافية، وما الاحتجاجات المكثفة التي شهدها المغرب خلال العقد الأخير في الريف وجرادة وسوس والأطلس والجنوب الشرقي...، سوى تعبيرٍ عن فشل الحكومات في الاستجابة لتطلعات ساكنة هذه المناطق، وفشل الأحزاب في حمل همومها وكسب ثقتها.
 
* منذ الستينات لم يكن هناك تغيير كبير في الفلسفة السياسية للأحزاب، الفكر السياسي المغربي اليوم، صار يعاني من الانحسار والإنهاك، وهو أمر خطير لا يجب تجاهله، فقد لاحظنا كيف لم تستطع الأحزاب حتى القيام بدور الوساطة لإخماد بعض الاحتجاجات التي ذكرناها سابقا.
 
لذلك فنحن الآن بصدد تدشين مرحلة جديدة عنوانها البارز: تجديد الفكر والممارسة السياسيين، بما من شأنه إغناء المشهد السياسي ومحاربة العزوف وتشجيع الطاقات والأطر وعموم المواطنين للانخراط في العمل السياسي المباشر.
 
* نظرية التنمية المستدامة صارت ترتكز على أربعة مرتكزات: النمو الاقتصادي، العدالة الاجتماعية، البعد الإيكولوجي، ثم الثقافة، وأي نموذج تنموي يجهل أو يتجاهل دعامة من الدعامات الأربع سيكون مصيره الفشل، ولا شك أن بحث المؤسسات الدولية والأممية عن سبب فشل بعض مشاريعها التنموية في إفريقيا وأمريكا الجنوبية، قادها إلى اكتشاف أهمية عنصر الثقافة والهوية في نجاح أي مشروع تنموي لفائدة عدد من شعوب المنطقة، لذلك أطلق البنك الدولي مشاريع تحمل عنوان "التنمية مع الهوية"، "El Desarrollo con Identidad" بأمريكا الجنوبية.
 
وعندما نقتنع بأهمية الثقافة في التنمية نتساءل، ما هو جوهر الثقافة المغربية؟ هو الأمازيغية طبعا، مع أن هذه الثقافة نفسها يمكن التعبير عنها بألسنة متعددة، بالدارجة أو الأمازيغية أو غيرهما... تماما كما يعبر السينغاليون عن ثقافتهم الإفريقية بالولوفية أو الفرنسية أو غيرهما... كل هذا، مع افتخارنا بمختلف الثقافات واللغات التي أغنت هويتنا الجماعية وعلى رأسها العربية.
 
* تبين حاليا أن الاشتراكية الديمقراطية أو الديمقراطية الاجتماعية، تعد من التجارب الأكثر نجاحا في العالم، وهو نموذج يجعل الدولة تتولى زمام التخطيط والتنظيم الاقتصادي وتوجيه النشاط الاقتصادي، حيث تقوم بتشجيع الاستثمار وفقا للخطة العامة التي تضعها لتحقيق التنمية والرفاه، والدولة هنا لا تتعامل مع الاستثمار الخاص تعامل الند بالند، لكنها تستعمله كوسيلة لتحقيق تنمية المواطن بناء على التزاماتها الاجتماعية والسياسية.
 
هنا نتحدث عن الاقتصاد المختلط، حيث تدعم الدولة المقاولات الصغرى والمتوسطة والشركات الوطنية الكبرى، والاستثمار الخاص عموما، وفق أولويات تضعها من أجل إنتاج الثروة حتى يتسنى لها توزيعها بشكل عادل، وتوزيعها العادل يبدأ بالالتزام بجودة خدمات التعليم والصحة للجميع وبشكل مجاني.
 
**** مشروع "حزب التغيير الديمقراطي" (هناك تغييرات شكلية تهم المشروع سيتم الإعلان عنها قريبا)...
**** المشروع مفتوح أمام جميع المغاربة بدون استثناء.