نشرت الأستاذة المحامية والمناضلة الحقوقية والنسائية، عائشة لخماس، قبل أربعة أيام (11 غشت 2020)، تدوينة على صفحتها في الفايسبوك تثير أحاسيس مختلطة متناقضة، من مشاعر الحب والفرح، إلى مشاعر الحزن والأسى...
التدوينة عبارة عن "إحدى القصائد المهربة من وراء القضبان"، كما كتبت عائشة، بعثها إليها حبيبها، زوجها، صديقها ورفيقها، محمد بلمقدم، الذي هو، أيضا، رفيقنا، الذي لا يمكن لأحد أن يتعرف عليه ولا يحبه، مثلما لا يمكن لأحد أن يتعرف على عائشة ولا يحبها...
كلما رأيتهما معا، أبتسم بحب، وأقول "وافق شن طبقة"، أو كما نقول بالدارجة المغربية "طاح الحُك وصاب غطاه".. إنهما توأما الروح، رفيقان إلى أن ينام القمر، ناضلا معا وذاقا الأمرّين في ظروف السرية، زمن البطش والعسف، وكانا معا ينتميان إلى منظمة "23 مارس"، التي ستتحول إلى العمل العلني، وفق قواعد الشرعية القانونية، بداية ثمانينيات القرن الماضي... كانا يتسلحان بطاقتين لا حد لهما من الشموخ والصمود والاستمرار، طاقة الإيمان بالعمل الديمقراطي الشعبي، الذي مارساه بإصرار، وطاقة الحب المكين، الذي كان يجمعهما، وكان السي محمد يتأبطه في كل مكان، في لحظات الصفاء والبهاء، وفي زمن الملاحقات، ثم في زمن الظلام والقضبان، حين حكموا عليه بالسجن سنوات ذوات العدد بعد إدانته باقتراف جريمة حب هذا الوطن وهذا الشعب، الذي كان لا يَفْرُق، بالنسبة إليه، عن حب عائشة...
عندما كان يشتد عليه الحنين، وتقسو عليه برودة الزنزانة، كان السي محمد يستلّ كلمات من الروح، وينفث فيها ما تيسر من الشوق والبوح، منها هذه القصيدة، التي كتبها وراء القضبان، والتي اسْتحضرتْها العزيزة عائشة الآن، والسي محمد على فراش المرض، لكأنها كلمات قد تعيده إلى عائشة، وإلى أسرته الصغيرة، وإلينا جميعا، إلى كل الذين عرفوه وأحبوه، ومن يدري، أحيانا يكون للكلمات مفعول سحري، قد تسري في العروق، وتنعش الروح وتُزهر البدن..
سننشد هذه القصيدة، قصيدة محمد وعائشة، وندعو للسي محمد، للذي كان يحبنا جميعا، بشفاء عاجل، ونتملى بتلك البسمة الصافية، التي كان يطلقها علينا بكل رحابة، كظل سحابة: