استقالة حسان دياب.. سقطت الحكومة وبقيت منظومة الفساد التي خربت بيروت وقتلت شعب لبنان
الكاتب :
"الغد 24" والوكالات
أعلن رئيس الوزراء اللبناني، حسان دياب، مساء اليوم الاثنين 10 غشت 2020، استقالة حكومته، بسبب انفجار مرفأ بيروت، الذي أسفر عن مقتل زهاء 160 شخصا، وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين. وأشار دياب، في كلمة إلى اللبنانيين من السرايا الحكومية، وكأنه واحد من الثوار، الذين شاركوا في مظاهرات السبت والأحد واليوم الاثنين في شوارع بيروت، إلى أن "منظومة الفساد أكبر من الدولة ونحن لا نستطيع التخلص منها، وأحد نماذج الفساد انفجار بيروت"، وقال: "نتراجع خطوة إلى الوراء كي نخوض معركة التغيير مع الناس، لذلك أعلن اليوم استقالة هذه الحكومة"... وبعد كلمته، توجّه دياب إلى بعبدا لتقديم الاستقالة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي قبلها. ومن القصر الجمهوري، اكتفي دياب بالقول وهو يغادر: "الله يحمي لبنان"...
وفي المحصلة، استقال رئيس الحكومة، حسان دياب، الذي كان يجلس على الكرسي بأصابع حزب الله، وقبل الاستقالة رئيس الدولة، ميشال عون، الذي أُجلس ويجلس حاليا على الكرسي بـ"صوابع" حزب الله، وبقي رئيس مجلس الشعب، نبيه بري، الذي يجلس على الكرسي بمشيئة إيران وموافقة حزب الله، وبقيت المعضلة اللبنانية القائمة على الفساد والمحسوبيات مستمرة، بقيت المنظومة السياسية الفاشلة، التي أهملت أو تواطأت في قضية نيرات الأمونيوم، ليبقى السؤال المطروح على ألسنة اللبنانيين الأحرار: متى ستُحاسب هذه المنظومة التي قتلت اللبنانيين؟
في مساء هذا اليوم، دخلت البلاد في مرحلة تصريف أعمال، ومنذ الصباح، كانت توالت استقالات الوزراء الفردية من الحكومة. لكن، في الضفة الأخرى، في الشوارع، في الميادين، كانت هناك لغة أخرى، كان هناك لبنان باللحم والدم، لبنان الشعب ولبنان الثوار، الذين خرجوا وهم عزّل في مواجهة مسلّحين مجرمين مندسين وسط عناصر الجيش اللبناني، يطلقون الرصاص المطاطي والرصاص الحي على النتظاهرين...
فبعد مواجهات "سبت المحاسبة" العنيفة، وتجدّدها في تظاهرات متفرّقة أمس الأحد في محيط ساحة النجمة، ها هي مشاهد الكرّ والفرّ بين بعض المجموعات والقوى الأمنية تُستأنف، لليوم الثاني على التوالي، على أحد مداخل مجلس النواب في وسط بيروت، إذ شهدت "ساحة المواجهات" عمليات رشق حجارة على القوى الأمنية، التي ردّت بالقنابل المسيلة للدموع. وقال مهندس، وسط المتظاهرين، اسمه جو حداد، لوكالة "رويترز"، إنه لابد من تغيير النظام بأكمله، مؤكدا أن تولي حكومة جديدة السلطة لن يغير من الوضع شيئا. وأضاف أن البلاد بحاجة لانتخابات سريعة...
والظاهر أن قرار الاستقالة لم يكن كافيا لتهدئة الشارع اللبناني الغاضب، إذ رفع المتظاهرون مطالبهم بمحاكمة كل المسؤولين عن الانفجار الذي هز بيروت، الثلاثاء، وأسفر عن مقتل 162 شخصا فضلا عن إصابة الآلاف وتشريد مئات الآلاف.
كما طالب المحتجون بضمانات لعدم عودة هؤلاء المسؤولين إلى السلطة مرة أخرى، فضلا عن استقالة أعضاء مجلس النواب بالكامل. وقالت متظاهرة: "كلهم مسؤولين. كل واحد ساكت عن الموضوع مسؤول. كلهم لازم يتحاسبوا"، بينما وصف آخر الخطوة بأنها "استقالة لا تقدم ولا تؤخر". وتابع: "كنا نرفض هذه الحكومة لأننا نعرف إلى أين تقودنا. وفي الآخر أوصلونا إلى هذا الانفجار. يخرجون في مؤتمر ليقولوا ليست لنا علاقة. كلكم مشاركون في الجريمة ويجب أن تحاسبوا".
وبالنسبة لأغلبية المواطنين اللبنانيين العاديين، كان الانفجار القشة، التي قصمت ظهر البعير، في أزمة طويلة الأمد ناجمة عن الانهيار الاقتصادي والفساد والهدر وسوء الإدارة، والرعب من أسلحة عصابات حزب الله، وقد خرجوا إلى الشوارع مطالبين بتغيير شامل، ولم تعد تهمهم أسلحة إيران بأيدي ميليشيات حزب الله...